رام الله ـ وليد أبوسرحان
شرعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، في تحويل أسطح أسواق القدس القديمة إلى حدائق ومتنزهات لصالح المستوطنين، وذلك في إطار تنفيذ مخططاته لتهويد معالم المدينة العربية والإسلامية، وتحويل لسان حالها إلى العبرية والمظاهر الإسرائيلية. وأظهرت مخططات الاحتلال، أن الاستيلاء سيطال مساحة واسعة من أسطح ابنية البلدة القديمة في القدس، وتحويلها إلى متنزهات وجلسات وممرات وأسواق تسرّ الناظرين لخدمة المستوطنين، وذلك على
أسطح سوقي اللحامين والعطارين والصياغ في البلدة القديمة من القدس.، وأن جهات إسرائيلية عدة تُشرف على تنفيذ ذلك المخطط، من بينها ما يُسمى "شركة تطوير القدس"، بالتعاون مع بلدية الاحتلال، وسلطة الآثار، ووزارة السياحة، وذلك تحت مُسمى "التطوير والتحسين وجذب السياحة"، متجاهلين الطابع العربي الإسلامي للمدينة، متجاوزين تراث وعراقة هذه الأسواق.
وبدأت "شركة تطوير القدس"، في تنفيذ المخطط، حيث وزعت خلال الأيام الأخيرة، كتابًا على أصحاب المحلات التجارية في سوق اللحامين والعطارين في القدس القديمة، طالبتهم فيها بـ"تسهيل عمل مهندس مسؤول سيدخل إلى المحلات التجارية لفحص أسقفها، للتحضير للعمل عليها"، علمًا بأن سلطات الاحتلال حاولت قبل عشرين عام السيطرة على أسطح تلك المحلات التجارية المملوكة إلى دائرة الأوقاف الإسلامية التابعة للأردن التي لها الولاية الدينية والإدارية على المقدسات الاسلامية في القدس، إلا أنه تمّ التصدي للمخطط، حيث جمّد حتى الوقت الحاضر الذي طال فيه التهويد الحجر والبشر في القدس.
وأكد مدير عام أوقاف القدس التابعة للأردن الشيخ عزام الخطيب، أن معلومات وردت إلى الحكومة الأردنية تُفيد بقيام "شركة تطوير القدس" بإرسال كتب إلى تجار سوقي اللحامين والعطارين، بشأن إعادة تأهيل أسطح محلاتهم التجارية للتحضير لمشروع كبير، تنوي الشركة تنفيذه على هذه الأسطح، وهي أسواق العطارين واللحامين والصياغ، حيث أرسلت رسائل لهم من إحدى الشركات السياحية بأنهم سيقومون بفحص أسطحها.
وأوضح الشيخ الخطيب، أن "السلطات الإسرائيلية طالبت بفحص عدد من المحلات في أسواق القدس القديمة، لعمل مشروع على أسطحها لتحويلها إلى حدائق ومتنزهات وجلسات خاصة، وأسواق "بسطات متجولة"، ومواقع لمرور المستوطنين من منطقة إلى أخرى في القدس، ,أن أكثر من 75 من المحلات المُهددة أسطحها بالمصادرة هي ملك للأوقاف الإسلامية، إضافة إلى عدد قليل من المحلات الأخرى، وهي ملكية خاصة ووقف ذري.
وحذّر مدير عام أوقاف القدس، من خطورة المشروع الإسرائيلي، مؤكدًا أنه "سيتم التصدي لهذا المشروع، ولن نسمح بمرور المشروع، الهادف للاستيلاء مباشرة على أملاك وعقارات الأوقاف في القدس القديمة، وسنتخذ الإجراءات الدبلوماسية والسياسية والقانونية والدولية كافة لوقف المشروع التهويدي، والحكومة الأردنية جادة في موقفها و(اليونسكو) على اطلاع به، وسنتخذ التدابير كافة اللازمة حتى لا تهوَّد أمام أعيننا، وإسرائيل لا تسأل عن القوانين الدولية، وتقوم بإجراءات تعسفية في المدينة المقدسة من دون رقيب أو حسيب".
وسلّمت وزارة الخارجية الأردنية، أخيرًا، مذكرة احتجاج إلى السفير الإسرائيلي لدى عمّان دانييل نيفو، طالبت فيها الحكومة الاسرائيلية بعدم المساس بمباني قديمة في القدس، ورفضها القيام ببناء منصّة في الجزء المُلاصق لجدار المسجد الأقصى في القدس القديمة.
وقال وزير الدولة الأردني لشؤون الإعلام والاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني، في بيان رسمي، "إنه وبإيعاز من رئيس الوزراء عبدالله النسور وجّهت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين مذكرة إلى الحكومة الإسرائيلية، عبّرت فيها عن الموقف الأردني الرافض لقيام شركة تطوير البلدة القديمة بمصادرة أسطح الأسواق في البلدة القديمة في القدس، وأن الأردن طلب من حكومة تل أبيب ضمن المذكرة، اتخاذ الاجراءات كافة للحيلولة من دون المساس أو محاولة التصرف في الأوقاف الإسلامية في القدس، ومنع شركة تطوير البلدة القديمة وغيرها من المؤسسات العامة والبلدية الإسرائيلية من محاولة التصرّف في هذه الأوقاف، بما فيها تلك التي تشغلها المحال التجارية، أو تغيير وضعها القانوني بأي شكل من الأشكال".
وأوضح المومني، أن "المذكرة اعتبرت أي تصرف إسرائيلي أو محاولة التصرّف في هذه الممتلكات القائمة على وقف إسلامي، بما يشمل بلدية القدس وشركة تطوير القدس، يُخالف المادة التاسعة من معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية للعام 1994، نصًا وروحًا، وطالبت إسرائيل بالامتناع عن ذلك، وتنفيذ التزاماتها بموجب المعاهدة، وأن المذكرة أشارت إلى أن أحكام القانون الدولي العام ذات العلاقة تُوجب على إسرائيل أن تحترم الممتلكات الدينية والخاصة سواء الفردية أو الجماعية، وهو ما يشمل الوقف الإسلامي".
أرسل تعليقك