رام الله ـ وليد أبوسرحان
تصدّر الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الواجهة الإعلامية والسياسية الفلسطينية، خلال عيد الأضحى المبارك، وذلك من خلال تصريحات سويسرية وروسية بشأن أسباب وفاته، فيما لا تزال لجنة التحقيق الفلسطينية بانتظار تسلّم نتائج الفحوصات الفرنسية التي أُجريت على عينات أُخذت من رفات عرفات.
وقد تجدد الحديث بشأن أسباب وفاة عرفات في الأراضي
الفلسطينية خلال عطلة العيد، عقب نشر مقال في مجلة "ذي لانسيت" الطبية البريطانية، والذي أورد نتائج تحاليل أجراها خبراء سويسريون عثروا على آثار بولونيوم 210 (مادة مشعة سامة جدًا)، مما أعاد تحريك فرضية تسميم الزعيم الفلسطيني، الذي تُوفي في العام 2004 في مستشفى عسكري فرنسي في بيرسي قرب باريس.
وكشف الخبراء في معهد "لوزان للفيزياء الإشعاعية"، في المقال الذي نشرته المجلة الطبية البريطانية، أن "عينات عدة تحتوي على آثار سوائل جسدية (دم وبول)، أظهرت وجود إشعاعات أكثر ارتفاعًا غير مبررة بمادة بولونيوم 210، مقارنة مع العينات المرجعية، ولم يستثنِ التقرير الطبي المتعلق بياسر عرفات لدى وفاته، فرضية التسمم بهذه المادة".
وساهم فيلم وثائقي بثته قناة "الجزيرة" في تموز/يوليو 2012، في تغذية هذه الفرضية، مؤكدًا أن الخبراء السويسريين عثروا على آثار لهذه المادة على الأغراض الشخصية لعرفات (الملابس الداخلية وفرشاة الاسنان والملابس الرياضية، فيما أكد العلماء شكوكهم في مجلة "لانسيت" الطبية البريطانية، واستنتجوا "احتمال" حصول مثل هذا السيناريو.
وأعلن رئيس لجنة التحقيق الطبية الفلسطينية اللواء توفيق الطيراوي، أن الجانب الفلسطيني في انتظار تسلّم نتائج الفحوصات من الفرنسيين الذين يحققون في أسباب وفاة عرفات، الذي رفعت أرملته سها عرفات قضية أمام القضاء الفرنسي، كونها تحمل الجنسية الفرنسية، تُطالب بالتحقيق في أسباب وفاة زوجها.
ونفت الوكالة الفدرالية الروسية للتحاليل البيولوجية، الثلاثاء، أن تكون قد أصدرت أية نتائج بشأن وفاة عرفات، بعدما نقلت وكالة "انترفاكس" عن رئيسها فلاديمير ويبا لانترفاكس قوله، "إن التحليل الروسي للعينات التي أُخذت من الرفات، يتيح استبعاد فرضية التسميم بمادة البولونيوم 210".
وكانت الوكالة الفدرالية الروسية بين وكالات دولية عدة، قد عملت على نبش رفات عرفات، في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، وقد نقلت وكالة "انترفاكس" الروسية عن رئيس الوكالة الفدرالية للتحاليل البيولوجية قوله، "إنه يُشكك في التقرير الذي نشر في مجلة ذي (لانسيت) الطبية ،في نهاية الأسبوع، وورد فيه أن خبراء سويسريين عثروا على آثار بولونيوم على ثياب عرفات، ومن المستحيل أن يكون عرفات قد تعرّض لتسميم بمادة البولونيوم، والخبراء الروس الذين حللوا (العينات) لم يعثروا على آثار هذه المادة، وأبلغوا بانتظام وزارة الخارجية بتقدم أبحاثهم"، لكن الوكالة الفدرالية سارعت إلى نفي أن يكون ويبا قد أدلى بهذه التصريحات لـ"انترفاكس".
وقال متحدث باسمها لوكالة "فرانس برس"، عبر الهاتف، وهو يتلو بيانًا رسميًا، "لم ننشر أي نتائج رسمية لتحقيقنا، نحن لم نؤكد علنًا كما لم ننفِ تقارير إعلامية بشأن وجود بولونيوم على الأغراض الشخصية لعرفات أم لا، ولم يحصل أي اتصال"، وذلك ردًا على سؤال بشأن تصريحات مدير الوكالة التي أوردتها "انترفاكس"، لكن وكالة الأنباء الروسية أصرّت على معلوماتها.
وأفاد مساعد مدير القسم السياسي في الوكالة، رافضًا الكشف عن اسمه، "الصحافي وأنا كنّا جالسين في وجه أويبا، وهذا ما قاله".
وشدد مصدر في وزارة الخارجية الروسية، على أن الجانب الفلسطيني يعود إليه إعلان النتائج بشأن تقارير الخبراء، مضيفًا "إن موقفنا هو ذاته، السلطات الفلسطينية يمكنها أن تنشر المعلومات بشأن نتائج التحقيق".
ولم تصدر النتائج الرسمية للخبراء الفرنسيين والسويسريين والروس بعد، وذلك وسط لغط فلسطيني، بان هناك تلكؤ من قِبل لجان التحقيق في تسليم نتائج فحوصات العينات التي حصلت عليها عقب فتح قبر عرفات، في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، الأمر الذي أدى إلى تعزيز المخاوف بشأن إمكان أن يذهب ملف التحقيق ضحية حسابات مصالح الدول الكبرى، وما تشهده المنطقة من أحداث واستئناف للمفاوضات بين السلطة وإسرائيل، فيما تحرص واشنطن على عدم ظهور أية قضايا قد تنعكس على سير تلك المفاوضات وتعكير أجوائها، خصوصًا أن هناك اتهامات فلسطينة متواصلة إلى تل أبيب بالمسؤولية عن اغتيال عرفات من خلال تسميمه، في حين لا يزال الجانب الفلسطيني يبحث عن الدليل على صحة تلك الاتهامات.
وقد تُوفي عرفات عن عمر ناهز الـ75 عامًا، في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2004، في مستشفى بيرسي دو كلامار العسكري قرب باريس، حيث نُقل في نهاية تشرين الأول/أكتوبر، بعد أن عانى من آلام في الأمعاء من دون حرارة، في مقره العام في رام الله، الذي كان يعيش فيه محاصرًا من الجيش الإسرائيلي منذ كانون الأول/ديسمبر 2001، ولم تطلب أرملته سهى تشريح الجثة.
وأشار التقرير الطبي الفرنسي، الذي نُشر في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2004، إلى التهاب في الأمعاء، ومشاكل "جديّة" في تخثر الدم، لكنه لم يكشف عن أسباب الوفاة.
يُشار إلى أن مادة "البولونيوم 210" قد استخدمت لتسميم الكسندر ليتفينينكو العميل السابق في الاستخبارات الروسية الذي لجأ إلى لندن، في العام في 2006
أرسل تعليقك