بغداد ـ نجلاء الطائي
تباينت ردود الفعل العراقيّة، النيابية والمحلية، بشأن الدعوى التي قدمتها الحكومة إلى المحكمة الاتحادية، للطعن في قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم "رقم 21" لسنة 2008.واعتبرت لجنة الأقاليم والمحافظات النيابية، المواد التي يتضمنها القانون "دستورية"، وتتوجه نحو بناء دولة "اللامركزية"، مؤكدة في الوقت ذاته، وجود
"أفكار مركزية" تسعى إلى أن تكون الصلاحيات كافة بيد الحكومة المركزية.
وأكد مجلس محافظة بغداد، أن وزارة التربية كانت أول المعترضين على القانون، إضافة إلى وزارة البلديات، مشددًا على ضرورة تشريع قانون "العاصمة"، الذي سيحلّ الكثير من المشكلات الشائكة بين الحكومات المحلية والحكومة المركزية.
ورأى عضو لجنة الأقاليم النيابية مهدي حاجي، في تصريح إلى "العرب اليوم"، أن "اللجنة أسهمت بشكل كبير في تعديل (قانون 21)، على الرغم من وجود ضغوطات من بعض الكتل السياسية التي كان لديها رؤية أخرى، وأن المواد جميعها التي تضمّنها القانون، دستورية وقانونية في الوقت ذاته، وتدفع في اتجاه بناء دولة اللامركزية، إضافة إلى زيادة صلاحيات مجالس المحافظات، بما يخص الخدمات والإعمار والإدارة".
وأوضح النائب حاجي، أنه "في حال قَبِلَت المحكمة الاتحادية الطعن المُقدم من قِبل الحكومة، فلابد على الكتل السياسية كافة الوقوف في وجه هذا الأمر، لأن القانون أعطى صلاحيات كبيرة للمحافظ، الذي يُعدّ رئيس اللجنة الأمنية في المحافظة، ويقوم بالتنسيق بين الحكومة المركزية والحكومة المحلية، من أجل ألا يكون هناك تداخل في العمل، وأن الكثير من النوّاب يرون بأن القانون يخدم الصالح العام، ولا يخدم فئة معينة، ويُعدّ القانون الأكثر جودة حتى الآن، إذ تم إقراره بالغالبية في مجلس النوّاب"، لكنه أشار إلى وجود "أفكار مركزية تُحبّذ أن تكون الصلاحيات بيد المركز، ولا تريد أن تُعطى للمحافظات، لكون الأخيرة لا تزال أفكارها قديمة وبدائية".
وأعلن مجلس محافظة بغداد، أن بعض فقرات القانون أحدثت تداخلاً بين صلاحيات السلطة المركزية والسلطة المحلية، الأمر الذي بدأ ينعكس سلبًا على إدارة الدولة عمومًا.
وشدد عضو مجلس محافظة بغداد سعد المطلبي، في تصريح إلى "العرب اليوم"، على أن "وزير التربية كان أول المعترضين على هذا القانون، لكونه تسبب في تداخل كبير في عمل الوزارة والحكومات المحلية في إدارة الملف التربوي والتعليمي في بعض المحافظات، وأن مجالس المحافظات تجاوزت حدودها الإدارية وصلاحياتها، وهذا الأمر خلق خللاً كبيرًا في عمل الوزارات في كثير من المحافظات، وأن قانون مجالس المحافظات لا يُعدّ قرارًا صائبًا، بل خلق مشكلات في الصلاحيات".
ودعا عضو مجلس محافظة بغداد إلى ضرورة "تشريع قانون العاصمة"، معتبرًا إياه "حلاً للكثير من المشكلات المعقدة بين الحكومات المحلية والحكومة الاتحادية"، مؤكدًا أن "محافظات العراق تُدار سياسيًا من قِبل الكتل التي تُسيطر عليها، وتقوم بتعيين القادة الأمنيين، الأمر الذي أدى الى إحداث تداخل بين الحكومة المركزية والحكومات المحلية، بالنسبة إلى إدارة الملف الأمني في المحافظات، وأن الحل الأمثل لقانون المحافظات هو إجراء تعديلات عليه بما يتناسب وحجم المحافظة، إضافة إلى تشريع قانون العاصمة".
وأكد النائب السابق وائل عبد اللطيف، لـ"العرب اليوم"، أن "قانون المرحلة الانتقالية لعام 2004، ينص على تقاسم السلطات بين الحكومات الاتحادية المركزية والحكومات المحلية، ويُنظم عملية ممارسة السلطة، وأن الحكومة المركزية لا ترغم على إعطاء الصلاحيات إلى مجالس المحافظات".
وبين عبداللطيف، أنه "في حال تم قبول الطعن المقدم من الحكومة، سيحدث تمرد شعبي في عموم المحافظات على القوى السياسية الموجودة في بغداد، التي لا تريد أن تسير وفقًا للدستور ومصلحة البلد، وأن بعض القيادات السياسية لا تعمل لمصلحة البلد، بل لمصالح أحزابها وكتلها، وهذا الأمر أثّر على المؤسسة الحكومية التي أصبحت منحازة وغير حيادية، وأن المادة 110 في الدستور نصت على أن الوزارات العراقية يجب ألا تتعدى أكثر من 10 وزارات، لكن نرى الآن أن الوزارات تتجاوز الـ45 وزارة، وهذا الأمر يُعدّ مخالفة للدستور"، فيما رجّح "قبول المحكمة الاتحادية الطعن"، مؤكدًا في الوقت ذاته "اللجوء إلى الرأي العام في حال تم ذلك".
وطالب النائب السابق، بـ"تطبيق المادة 110 من الدستور"، مشيرًا في الوقت ذاته، إلى "إقامة دعوى قضائية من أجل حلّ الوزارات التي أنشأت وشكلت وألغيت، وكبدت الدولة مبالغ طائلة".
وقد باشرت المحكمة الاتحادية أعمالها في 28 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بالنظر في الدعوى المرفوعة من مجلس الوزراء ضد مجلس النواب للطعن في التعديل الثاني والثالث والرابع لقانون انتخابات مجالس المحافظات والأقضية والنواحي، وقررت تأجيلها إلى العاشر من كانون الأول/ديسمبر المقبل، من أجل استيضاح أكثر من أطراف الدعوى
أرسل تعليقك