غزة – محمد حبيب
غزة – محمد حبيب
اعتبر مراقبون فلسطينيون أن التحذير الأخير للناطق العسكري باسم كتائب "القسام" من أن براكين غضب سوف تنفجر حال استمر حصار غزة، بمثابة إعلان عن دخول المقاوم الفلسطيني في خط فك الحصار، المتواصل على القطاع منذ أكثر من سبعة أعوام، والذي يدفع ثمنه المواطن الفلسطيني، على جميع الصعد، ويتحمل مسؤولياته وتبعاته. وأوضح الخبير في الشؤون
الأميركية والإسرائيلية وليد المدلل أن "دخول المقاومة على خط فك الحصار خطوة لابد منها، بغية تدفيع الثمن للاحتلال، على جرائمه المتواصلة في حق الشعب الفلسطيني".
وعن اختيار المقاومة لهذا التوقيت للإعلان عن هذه الخطوة اعتبر المدلل أن "الحصار وصل إلى حد مشدد من هدم لأنفاق رفح، ومنع المواد الأساسية من الدخول للقطاع، عقب عملية نفق القسام الأخيرة في خانيونس، فكان لابد للمقاومة الاستجابة والتحرك العاجل لإنقاذ القطاع".
ويوافقه الرأي الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف بأن "هذا الإعلان جاء بعد إدراك المقاومة بأن شعب كامل محاصر معرض للموت في أية لحظة، وأن أي حر لايقبل الموت, فكان لابد من إيجاد وسائل لعودة الحياة", مشيراً إلى أنها "خطوة توافقية، بالشراكة مع الجانب السياسي".
ولفت المدلل إلى أن "المقاومة أرادت بهذه الخطوة أن تنقل الكرة للملعب الإسرائيلي، عبر التحذير من انفجار براكين غضب، في حال استمر حصار غزة, ومحاولة للفت أنظار العالم في خرق إسرائيل الواضح للقانون الدولي، عوضًا عن أن يتحول إلى ركن منسي".
في سياق متصل، أشار الناطق الرسمي باسم "سرايا القدس"، الذراع العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي" في فلسطين، أبو أحمد إلى "أهمية الدور الإيراني في دعم فصائل المقاومة على المستويات كافة"، موضحًا أنه "لولا إيران لما صمدت غزة، ونجحت في كسر شوكة العدو، بعد نصر الله وتثبيته لنا".
وأضاف أبو أحمد، في تصريحات صحافية، الجمعة، "نحن نفاخر بكل دعم نتلقاه من أي طرف، وليس فقط من الجانب الإيراني، وذلك عبر توجيهات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال (من لا يشكر الناس لا يشكر الله)، ولكن للأسف الأنظمة العربية والإسلامية لم تقدم للشعب الفلسطيني وللمقاومة إلا الاستنكارات، والبيانات العقيمة، طوال معركته مع الاحتلال".
وأشار إلى أنه "لذلك عندما نشكر إيران لتقديمها للدعم الكبير لنا على المستويات كافة، وأقصد بـ (لنا) جميع فصائل المقاومة، وليس فقط سرايا القدس، أقول لولا الدعم الإيراني ما قصفت تل أبيب، وما صمدت غزة، وما منعت دبابات العدو من دخول القطاع بفعل صواريخ الكورنيت، التي لإيران دور مركزي في تزويدنا بها".
وفي شأن التصعيد المتوقع من قبل إسرائيل، بيّن أبو أحمد أنه "يبدو أن الأوضاع تتدحرج بالفعل باتجاه تصعيد ميداني على الأرض، ولكن ليس بالضرورة على غرار عدوان 2008 – 2009، أو عدوان 2012"، موضحًا أن "الأيام المقبلة يمكن أن تشهد تصعيدًا متقطعًا، يشمل بعض عمليات التوغل الجزئي، ويمكن أن نشهد عمليات قصف لبعض المنشآت التابعة للمقاومة، وليس ببعيد استهداف بعض المقاومين، لاسيما الميدانيين منهم".
وعما إذا كانت "سرايا القدس" تخفي مفاجئة لإسرائيل، في حال صعدت ضد قطاع غزة، أكّد الناطق العسكري أن "سرايا القدس والمقاومة، دائمًا ما تفاجئ العدو، على الرغم من قلة الإمكانات، وأهم ما تمتلك المقاومة ليس السلاح، بل المقاتل صاحب الإرادة الفولاذية، غير قابل للانكسار".
وتابع "يمكن أن نشاهد مثالاً حديثًا لذلك، في المواجهة العنيفة التي خاضها الشهيد القائد في سرايا القدس محمد عاصي في بيت لقيا في رام الله وحيدًا، ولا يملك إلا سلاحه الشخصي، مع القوات المدججة بأعتى أنواع الأسلحة والطائرات والدبابات".
وبشأن توقف العمليات الفدائية داخل إسرائيل، علّق الناطق باسم "سرايا القدس" قائلاً "لا يوجد قرار بوقف العمليات الاستشهادية داخل أراضينا المحتلة عام 48، ولكن يوجد تسويات في ذلك الشأن"، دون أن يوضح المزيد من التفاصيل عن هذه "التسويات".
واستدرك "ولكن ما يمنع حدوث تلك العمليات، كما كان يحدث سابقًا، هو التنسيق الأمني بين العدو والسلطة الفلسطينية، وما شكّله ذلك من ضغط على المقاومين هناك (الضفة الغربية)، والكثير من العمليات تم إجهاضها بفعل ذلك التنسيق، وبأيد فلسطينية للآسف الشديد".
وعن خلاف "سرايا القدس" وكتائب "القسام" بشأن تبني بعض العمليات العسكرية ضد إسرائيل، بيّن أبو أحمد "نحن طوال تاريخ عملنا الجهادي، لم نتبنى أي عمل لجهة أخرى، بل على العكس كنا على الدوام نبارك ونهنئ أية جهة تقوم بعمل جهادي، ولكن ما يحدث للأسف ليس جديد في الساحة الفلسطينية، ويؤدي في كثير من الأحيان لإشكالات على الأرض، ومناكفات على شبكات الإنترنت، والكثير من الكره والبغضاء في بعض الأحيان".
وأشار إلى أنه "في جميع الأحوال نحن نمضي في طريقنا، دون النظر لهذه الصغائر، ولا نسمح لها أن تؤثر بالسلب على علاقتنا مع جميع فصائل المقاومة، ونحتسب أجرنا عند الله، ولا ننتظر من الناس شيء".
وفي شأن تعداد عناصر "سرايا القدس"، رفض أبو أحمد التعليق مكتفيًا بالقول أن "هناك الآلاف من المقاتلين المجهزين بالأسلحة المتاحة، ولا نستطيع تبيان العدد الدقيق لأسباب أمنية".
وعن سر كشف وجهه، ما يعرضه قد للقصف من طرف إسرائيل، أكّد أبو أحمد أن "صاحب الحق لا يجب عليه أن يخشى أحدًا في هذا العالم، لأنه يطالب بحقه، فنحن أصحاب قضية عادلة ومحقة، فكيف نخاف من عدو يحتل أرضنا، ويقتل شعبنا، ونختبئ من خلف لثام، المفروض أن يختبئ اللص والمحتل والقاتل ويخفي وجهه وليس صاحب الحق".
وعن قتال عدد من الشباب الفلسطيني، لاسيما من قطاع غزة، في سورية، أوضح الناطق العسكري "ساحة عملنا الأساسية والوحيدة هي فلسطين المحتلة، من بحرها لنهرها، والعدو الوحيد الذي نوجه إليه بنادقنا هو العدو الصهيوني فقط".
وبشأن هجرة الشباب الفلسطيني من قطاع غزة إلى أوروبا، بحثًا عن العلم والعمل والحياة الكريمة، لفت أبو أحمد إلى أن "هجرة الشباب تأتي للأسف، بفعل الفقر والبطالة، والأوضاع السياسية المتأزمة، في كثير من الساحات والبلدات، وهذا يتطلب نظرة أكثر قربًا وأكثر وضوحًا، لتلك الظاهرة، وإيجاد الحلول لها".
أرسل تعليقك