رام الله – وليد ابوسرحان
رام الله – وليد ابوسرحان
حذّرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الفصيل الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية السبت من سعي الإدارة الأميركية لبلورة اتفاق يفرض على الفلسطينيين أوائل العام المقبل يقضي بالقبول بدولة ذات حدود مؤقتة.
وقال عضو اللّجنة المركزيّة العامّة للجبهة الشّعبيّة لتحرير فلسطين ومسؤول فرعها في قطاع غزّة كايد الغول، إنّ الإدارة الأميركيّة تسعى إلى بلورة حلّ
أوائل العام المقبل ينطلق من القبول بدولة ذات حدود مؤقتة مع عبارات ووعود غامضة بشأن حدود عام 1967 "لذرّ الرّماد في العيون".
وأضاف الغول في تصريحات للمكتب الإعلامي للجبهة الشعبية قائلا "إن المفاوضات تجري فيما يتم بحث تبادل الأراضي إلى جانب الإجراءات الأمنية التي تعمل "إسرائيل" على أن تحقّق أكثر مما يمكن أن يقدم لها في هذا الحل المتوقع، مؤكداً أن إسرائيل لن تكتفي بالغور كمنطقة أمنية بل ستعمل على وجود بؤر ومواقع أمنية في مناطق متعددة من الضفة الغربية تستكمل من خلالها سيطرتها على كامل الضفة".
وأكد الغول أن مشروع الحل الأميركي المتوقّع سيكون في الجوهر الحل النهائي للقضية الفلسطينية وفق الرؤية الإسرائيلية وهو ما يجب الحذر منه ورفضه خصوصا أن الفلسطينيين خبروا حينها أن الراعي للمفاوضات "الإدارة الأميركية" في محصلة الأمر سيكون داعماً للموقف الإسرائيلي على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، وحتى نواجه ذلك قبل أن يفرض علينا هذا الحل في ظل ظروف أسوأ، علينا الذهاب سريعاً لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية على أساس برنامج وطني جامع، يوفر عوامل الصمود ويستطيع إفشال هذا الحل من خلال توحيد قدرات وطاقات الشعب الفلسطيني وقواه، وما يمكن أن يتوفر على أساسه من تحالفات عربية وإقليمية ودولية مساندة.
وقال "المنطقة تمر بحراك سياسي كبير تتحرك في إطاره دبلوماسية دول كبرى لأجل استقرارها بما يحفظ مصالحها، وهذا يفرض البحث عن تفاهمات وحلول لبؤر الصراع في المنطقة، وإذا ما جرى ذلك بتفاهم إقليمي أيضاً وبدعم دولي فإن القضية الفلسطينية ستكون حاضرة بقوة وسيتم الاتفاق بحلها على الأرجح وفق منظور يأخذ بعين الاعتبار وإلى حد كبير حقائق الأمر الواقع التي فرضتها دولة الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي حينها سيقال للفلسطينيين ليس أمامكم إلا قبول هذا الحل، وإلا واجهتم كل من توافق على حل القضية الفلسطينية إقليمياً ودولياً وفق هذه الرؤية وفي ظل الانقسام وانشغال الحالة العربية في أوضاعها الداخلية والبحث عن حلول لها فإن الحالة الفلسطينية ستكون أكثر ضعفاً في مقاومة الحل الذي قد يجري التوافق عليه.
واعتبر الغول أن استمرار المفاوضات يشجّع دولة الاحتلال على الاستمرار في تنفيذ مشروعها الاستيطاني وفي تعميق احتلالها للأراضي الفلسطينية، خصوصا وأن العودة للمفاوضات لم تشترط توقّف إسرائيل عن ذلك، بل كان شرط عدم ذهاب الفلسطينيين إلى المؤسسات المختصة في الأمم المتحدة بما في ذلك محكمة الجنايات الدولية هو الملزم للعودة للمفاوضات وهو ما يعني في المحصلة عدم الاستفادة مما تحقق سياسياً من قبول دولة فلسطينية كعضوية مراقب في الأمم المتحدة ويعطي العدو الصهيوني الوقت والفرصة في تقدم مشروعه الصهيوني وفي فرض واقع يؤدي إلى عدم انسحابه من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويضع الفلسطينيين أمام ممر إجباري للقبول بالرؤية الإسرائيلية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي القائم على حل مؤقت تسعى الإدارة الأميركية الآن على بلورته وطرحه مع بداية العام الجديد.
وشدد الغول على أن هذا المشروع ليس قدراً وبإمكان منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية أن تواجه الضغوط الأميركية الهائلة وحلفاء"إسرائيل" لفرضه من خلال موقف فلسطيني موحد، وموقف عربي مساند يقطع الطريق على المحاولات الجارية لتمرير هذا المشروع الذي تنتقص بل ويتناقض الى حد كبير مع حقوق الشعب الفلسطيني، الإيمان بهذه الحقيقة يتطلب من المنظمة والسلطة أن يقدما على قرارات واضحة وجدية برفض المشروع وعدم الخضوع للابتزاز والتهديد السياسي والاقتصادي وأن يتحملا ومعهما الشعب تبعات ذلك لأننا في هذا نحمي حقوق الشعب الفلسطيني.
واعتبر عضو اللجنة المركزية العامة أن الشعب الفلسطيني يمتلك خيارات عدة في إدارة الصراع والعدو الصهيوني، ومنها الخيار السياسي عبر البحث عن عملية سياسية مغايرة لما هو قائم تستند إلى الشرعية الدولية عبر مؤتمر دولي هدفه وضع الآليات لتنفيذ قراراتها المتعلقة بحقوق الشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير والدولة، وكذلك عبر خيار المقاومة السلمية والشعبية ضد الاحتلال، وبالتالي لا نرهن او نحصر خياراتنا بالمفاوضات، وعلى ما يمكن أن تقدمه الإدارة الأميركية من وعود لا طائل من ورائها إلا دعم "إسرائيل" في نهاية الأمر.
وعن قضية اغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات أكد الغول أن من اغتاله هي دولة الاحتلال مدعومة من قبل الولايات المتحدة الأميركية، قائلاً "بدأ تهديده بالقتل عندما رفض تقديم تنازلات جوهرية وخاصة بشأن القدس في مفاوضات كامب ديفيد، وقامت إسرائيل والإدارة الأميركية على إثر ذلك بمحاصرته والعمل على تصفيته سياسياً، ثم تطور الأمر عبر الاغتيال بالسّمّ تنفيذاً لمخطط كان يستهدف إزاحة الرئيس عرفات من أجل تسهيل تمرير حلول سياسية تنتقص من حقوق الشعب الفلسطيني وتؤدي إلى موافقة الفلسطينيين على حل لا علاقة له بالانسحاب الكامل ولا بالعودة أو بالقدس".
وأضاف الغول "الرئيس عرفات لم يأكل "السّمّ" وإنما دسّ له من قبل عملاء العدو الصهيوني بغض النظر عن جنسيتهم، والاتهام بشكل مباشر لدولة الاحتلال الصهيوني بغض النظر عن الأدوات التي استخدمتها من أجل تنفيذ عملية الاغتيال، بقرار إسرائيلي شديد الوضوح، بسبب اعتماد الرئيس عرفات خيارا آخر للمفاوضات، ومساهمته في انطلاق الانتفاضة الثانية.
وطالب السلطة الفلسطينية بضرورة وقف المفاوضات البائسة، خصوصا بعد اتضاح المشروع الصهيوني الذي يسعى إلى تحقيق أهدافه من خلال عملية التفاوض، وبعد كشف تورط إسرائيل بشكل مباشر في اغتيال الرئيس عرفات، مؤكداً أن أفضل ما يمكن أن تواجه به "إسرائيل" في هذه اللحظة هو الانسحاب من المفاوضات والذهاب فوراً إلى محكمة الجنايات الدولية لطلب عضويتها ثم ملاحقة دولة الاحتلال وقادتها على جرائمها المتعددة بما في ذلك جريمة اغتيال الرئيس عرفات.
وحذر الغول من وقوع السلطة في دهاليز لجان التحقيق، لأن أحداً لم يتحدث عن وفاة طبيعية للرئيس عرفات، بما في ذلك تقرير الفرنسيين عند وفاته وبالتالي المؤشرات كلها تشير إلى أن ما جرى مع الرئيس عرفات عملية اغتيال وعلى المنظمة والسلطة أن تتابع الأمر انطلاقاً من هذه القاعدة.
أرسل تعليقك