غزة ـ محمد حبيب
نجحت مجموعة من طلَّاب كليَّة التَّدريب المهني في غزَّة أخيرًا في صناعة سيَّارة فلسطينيَّة بتكلفة بسيطة. وذلك بعد نجاح تجربة قام بها طلَّاب إحدى الكليَّات في قطاع غزَّة العام الماضي، لتصنيع سيَّارة سباق بمواصفات سيَّارات "فور ميولا" العالميَّة من أدوات محليَّة. واشترك في صناعة السيارة طلاب من أقسام متعددة لميكانيكا السيارات التابعة للكلية، شملت طلاب قسم سمكرة السيارات والدهان وأنظمة الكهرباء وكذلك ميكانيكا السيارات، بإشراف
وتنفيذ مجموعة من المهندسين والمدربين المحترفين.
واستغرق هذا العمل 16 شهرًا، بما يعادل 320 يوم عمل بمعدل 5 ساعات يوميًا، صناعة هذه السيارات كانت بإمكانيات بسيطة كما أوضح صانعوها كما أن التصميم وتصنيع الهيكل وجسم السيارة تم بشكل كامل على أيدي الطلاب، عدا محرك السيارة وآلة الجر والإنارة التي تم الاستعانة بها من إحدى السيارات التالفة وتم تجميعها فقط.
وتم تسمية هذه السيارة باسم G.T.C وهو اختصار لجملة "Gaza Training College كلية تدريب غزة" وزيّنت مقدمة السيارة عبارة "صنع في فلسطين".
وتحدث مدير الأقسام الميكانيكية في مديرية تدريب غزة المهندس ماهر حلاوة عن بداية الفكرة والتنفيذ، قائلاً: الفكرة تولدت في العام 2011، وكانت الفكرة أننا ندرب الطلاب في تعليمنا على مناهج التدريب على الكفايات بمعنى أن الطالب كل كفاية بكفاية يتقنها ينتقل لكفاية غيرها وهنا قمنا بعمل تدرج للطلاب في الأقسام الموجودة وهي أقسام: سمكرة السيارات ودهان السيارات وميكانيكا سيارات وكهرباء سيارات، وهذا التعاون فكرنا به وخطتنا أن يكون تعاونا ممزوجا بتمارين، على أن نخرج بموضوع ينال إعجاب الجميع.
وبين أن التدريب والتعاون تكلل بنجاح في إخراج سيارة صنعت في فلسطين بأيدي فلسطينية، بعد تدريب وجهد وعزيمة لإتمام هذا المشروع الذي قد يتطور أكثر.
وأضاف حلاوة أن "السيارة لم تصنع كاملا هنا ولكن جسم السيارة بالكامل هو عمل الطلاب وهو صناعة فلسطينية كاملة، ولكن ما دون ذلك من المحرك وغرفة المحرك كانت من محلات قطع الغيار". وقال: لكن الفكرة أن تكون السيارة صناعة فلسطينية وتجميع فلسطيني بتكلفة بسيطة جدا تتراوح ما بين الـ 4 إلى 5 آلاف دولار".
وتمنى حلاوة أن "ترعى المؤسسات الخريجين لاعتماد تلك الأفكار التي قد ينتج عنها عمل كبير من خلال تسخير الطاقات لعمل أفضل في حال إتاحة الفرصة الكاملة وتوفير كامل المعدات اللازمة لتنفيذ تلك المشاريع".
وبشأن مواصفات السيارة الفلسطينية، قال حلاوة: عند تصنيع السيارة أخذنا بعين الاعتبار طبيعة السيارة ومدى ملاءمتها لتضاريس فلسطين والجو العام، مع مراعاة نظام التزييت ونظام التبريد والنظام الميكانيكي للسيارة، وتم تصميم الهيكل الذي يوائم المحرك وقدراته والحمد لله اجتزنا جميع هذه العوائق.
وعن سرعة السيارة وقوتها أكد حلاوة "لم نجرب السيارة بسرعات لأنها تحتاج إلى تصريح خارجي، ولكن في شوارع الكلية أسرعنا فيها بقدر ما نستطيع وكانت سرعتها ممتازة ولم يكن فيها أي انحراف أو أي شي من هذا القبيل".
وكان طلاب قسم الهندسة الإلكترونية في كلية تدريب خانيونس، التابعة لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "الأنروا" تمكنوا، من تحقيق رقم قياسي عالمي باختراع سيارة إلكترونية تشبه سيارات السباق العالمية إلى حد كبير وفي أقل من عام، وبأقل وأبسط الإمكانيات المتوفرة.
وقال المهندس الميكانيكي المشرف على تصميم سيارة السباق الغزية أحمد صيدم: هذه الفكرة كانت من الأساس فكرة عميد الكلية الدكتور غسان أبو عرف، عندما طرح فكرة اختراع سيارة كمشروع تخرج لطلاب قسم هندسة إلكترونيات السيارات وعددهم 6 طلاب عند إتمامهم دراستهم في الكلية خلال العامين الدراسيين، وذلك على غرار مشاركة بعض الجامعات والمعاهد في المسابقة السنوية، والتي تُقام في بريطانيا لمجموعة سيارات يقوم باختراعها مجموعة من طلاب الجامعات والمعاهد من مختلف أنحاء العالم، من خلال تجميع سيارة ضمن مواصفات معينة ويتم تقييم هذه السيارة ومن ثم تدخل المسابقة.
وأضاف صيدم "جاءتنا الفكرة من خلال سؤال: لماذا لم نشارك بمثل هذه المسابقة طالما يوجد بعض الإمكانيات وبعض العقليات؟"، مشيرًا إلى أنه "في بداية افتتاح قسم هندسة إلكترونيات السيارات قبل عامين لم تكن يتوفر أية إمكانيات في القسم"، موضحا أن "العمل الفعلي بصنع السيارة بدأ في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2008، بعدما قام الطلبة بتفكيك سيارة "فيات 98" وتجميعها في غضون 5 أيام، بحيث بدأ الطلبة بعد ذلك بتجميع بعض معدات السيارة كالمحرك والموتور وبعض المعدات الأساسية للسيارة، وتابع: استمر التجميع في السيارة حتى شهر آذار/ مارس 2009، بحيث بدأ العمل الفعلي بإنشاء السيارة".
وأوضح صيدم أن "الطلاب كانوا يعملون طوال مراحل صناعة السيارة كل يوم، إضافة إلى عملهم ما بعد ساعات الدوام حتى وصلت أحيانًا أوقات عملهم للساعة الـ 12 فجرًا، وأحيانًا أخرى كانوا يبيتون في الكلية وهم يعكفون على العمل. وأشار إلى أن "الطلبة المشرفين على صناعة السيارة أنهوا تصميم الإطار الخارجي للسيارة، والمحرك، والإطارات، وناقل الحركة بعد شهر واحد من بدء عملهم الفعلي بها. وبعد مرحلة تصميم الإطار الخارجي للسيارة، بدأ الطلاب يعملون على الأنظمة الكهربائية في السيارة من بطارية، وسلف، وطرمبة البنزين، والدينامو، بالإضافة لإيصال الأسلاك الكهربائية الخاصة بتشغيل السيارة ببعضها البعض".
وقال المهندس صيدم: إن التحدي الأكبر كان في كيفية توفير الموارد المادية لكي نتمكن من شراء المعدات اللازمة للعمل، خصوصا في ظل الحصار وإغلاق المعابر. ولكن إدارة الكلية ساهمت بجزء مادي كبير في هذا المشروع. وأضاف "واجه الطلاب صعوبة أيضًا في كيفية توفير بعض القطع اللازمة للسيارة والضرورية، ولكنهم تغلبوا على ذلك باقتنائهم معدات مستعملة حصلوا عليها بصعوبة من أماكن مختلفة من الأسواق".
وأضاف صيدم "بلغت تكلفة صناعة السيارة حتى الآن ما بين 3500 ـ4000 دولار، وتسعى إدارة الكلية لإدخال بعض التحسينات على السيارة، بما يتطابق مع المواصفات المطلوبة لتدخل ضمن السباق العالمي، كأول إنجاز فلسطيني بل لربما كأول إنجاز على المستوى العربي.
وأشار المهندس صيدم إلى أن "إدارة الكلية وخصوصًا قسم هندسة إلكترونيات السيارات يسعى من خلال الدفعات المقبلة من الطلاب إلى اختراع سيارة أصغر من هذه السيارة حجمًا وأكثر تقنية وتطورًا من حيث التركيب، بما يُشابه المواصفات العالمية، لتتمكن من دخول السباق العالمي".
وعبر المهندس صيدم عن "سعادته البالغة وفخره لإنجاز طلابه هذا العمل، لأنهم بالفعل اثبتوا قدرتهم على العطاء وأن لديهم عقول تستطيع أن تُنجز وتخترع"، قائلا: إنه لم يتوقع من الطلبة بأن يصلوا إلى هذا الإنجاز، موجهًا الشكر لعميد الكلية الدكتور غسان أبو عرف، كونه صاحب هذه الفكرة وهو من أقنع وشجع الطلبة على العمل، وهو من وقف بجانب الطلبة ماديًا من حساب الكلية ومن حسابه الخاص ومعنويًا، مثمنًا جهود جميع المهندسين، الذين وقفوا بجانب الطلبة حتى أنجزوا هذا العمل المتواضع.
أرسل تعليقك