بغداد ـ نجلاء الطائي
حذّر برلمانيّون عراقيّون، من عملية ترحيل القوانين التي لم يتم التوافق بشأنها إلى الدورة المقبلة، ووصفوها بأنها "أسوء ما يمر به المشهد السياسي في البلاد".
وأكد البرلمانيون، وجود قرابة 50 قانونًا حالت الخلافات السياسية من دون تمريرها خلال الدورة التشريعية الحالية، وهو الأمر الذي سيخلق عددًا من المشاكل في أعمال
المجلس المقبل.
وشدد النائب عن "دولة القانون" المستقل عبود العيساوي، أن "غالبية القوانين المُعطّلة ستُرحّل إلى الدورة البرلمانية المقبلة، بسبب الخلافات القائمة بشأنها، وأن البرلمان يضيع وقته في القوانين الخلافية، وأن القوانين التي تهم حياة المواطن تكاد تكون ضعيفة كونها تدخل فيها أمور سياسية ومصالح حزبية"، مشيرًا إلى أن "البرلمان سيُصوّت على قانون التقاعد العام والموازنة العامة في دورته الحالية".
وأكد العيساوي، في تصريح إلى "العرب اليوم"، أن "القوانين المهمة وخصوصًا قانون البنى التحتية والنفط والغاز والعفو العام وقانون الاحزاب والمجلس الاتحادي وقانون المحكمة الاتحادية وغيرها من القوانين، ستُرحّل إلى الدورة البرلمانية المقبلة, وأن كثيرًا من أعمال مجلس النواب لم تُمرر ولم تُفعَّل بسبب الخلافات السياسية, لذلك فاستمرار الخلافات وخلق خلافات جديدة انعكس سلبًا على عمل البرلمان، ولا يزال هناك أشهر على نهاية الدورة الحالية، ولم يتم التوافق 100% على الكثير من القوانيين التي أصبحت مُعلّقة، ومن بينها قانون المساءلة والعدالة، التي طرأت عليه بعض التعديلات، وقانون العفو العام أيضًا لم يتم التوافق عليه، وأن أكثر من 50 قانونًا أشار إليها الدستور العراقي ولم يتم التصويت عليها حتى الآن، ومن بينها قانون الضمان الاجتماعي والصحي"، مرجعًا " تعطيل تلك القوانيين وعدم تشريعها إلى الخلافات السياسية وأجندات خارجية حالت من دون تمريرها، على الرغم من مرور 8 سنوات"، لافتًا إلى أن "الدستور العراقي فيه الكثير من الفقرات، التي تؤكد على تشريع قوانين تهم المواطن، لكنها لم تُشرّع حتى الآن".
واقترح النائب عن "دولة القانون" لحل هذه المشكلة، أن "تكون العملية السياسية (نظام الغالبية)، وليس نظام المحاصصة (المحسوبية)، في حين تتحمل الأطراف الأخرى دور المُعارضة، لأن ذلك يؤدي إلى تمرير القوانين بشكل طبيعي"، فيما توقّع أن من الأسباب التي عرقلت تمرير القوانين هو التوافقات السياسية، التي هي نقيض لمفهوم وعمل الديمقراطية، ولهذا كثير من القوانيين تحتاج إلى تنسيق وتوافق، وبالتالي لم يحدث بها توافق، ولم تحقق الغالبية السياسية حتى تُمرر"، مُحمّلاً الكتل السياسية والأطراف الأخرى مسؤولية عدم التصويت على القوانين"، مؤكدًا أن غالبية القوانين التي عُطلت تهمّ المواطن العراقيّ، مثل قانون "التقاعد الموحّد" الذي تم تأجيله من الدورة الأولى إلى الثانية، وهو الان في حالة نضوج ، وأن بعض الخلافات لا تزال موجودة بشأن القانون، ويوجد صراع في مجلس النواب بشأن المواد القانونية والتشريعية (مقترح او مشروع قانون)، مما يؤدي إلى حدوث تداخلات في الرأي السياسيّ بشأن هذه القضية.
وكشف النائب عن "القائمة العراقية" سالم دلّي، لـ"العرب اليوم"، أن "عددًا من القوانين ستُرحل إلى الدورة الثالثة بسبب إصرار بعض الكتل والأحزاب على تغليب مصالحها على المصلحة العامة، مما يضطر البرلمان إلى ترحيلها، وأن غالبية القوانين تخضع إالى التوافقات خارج البرلمان، وبعدها تأخذ شرعيتها من قبة البرلمان، وأن نسبة كبيرة من البرلمانيين يُمثّلون أحزابهم، ولم يكونوا ممثلين للمواطن الذي انتخبهم، في حين أن غالبية النوّاب يصوّتون خارج إرادتهم، في محاولة لإرضاء كتلهم السياسيّة، وأن تلك العوامل كافة صعَّبتْ حدوث توافق وتصويت على الكثير من القوانيين وإقرارها".
وأعرب دلّي، عن أسفه لـ"مرور 8 سنوات ولم يتمكن البرلمان العراقي من التصويت على القوانين التي تهمّ الشعب العراقيّ، بسبب خلافات ما بين القوى والقادة السياسيين، الذين مضى على دخولهم العملية السياسية ما يقارب 10 سنوات، ولم يتمكّنوا من مدّ جسور الثقة في ما بينهم"، فيما شدد على أن "حالة استمرار الكتل الكبيرة مهيمنة في الساحة السياسية في الدورة المقبلة، سيُعيد المشهد ذاته، وسيكون أسوء من اليوم".
وحمّل النائب عن "العراقية"، الحكومة ومجلس النواب، مسؤولية تعطيل الكثير من القوانين المهمة، بسبب مصالح أحزابهم وليس لمصلحة البلد، مؤكدًا "لابد خلق كتل صغير لتغيّر مجرى الواقع السياسي الذي نعيشه الآن، وإن كان تغيرًا بسيطًا"، داعيًا المواطن العراقي إلى إعطاء صوته إلى أشخاص أكفّاء، و"ليس أدوات لأحزابهم ومصالحهم".
وبشأن الضرر في ترحيل القوانين إلى الدورة المقبلة، أكد عضو اللجنة القانونية عن "التحالف الكردستاني" محسن السعدون، أن "ليس هناك من مضّرة قانونية يُلزم إقرار القوانين في الدورة الحالية، وفي الوقت ذاته، فإن القوانين ليست واضحة حتى الآن، وأن النواب جميعهم يريدون إنجازها في الدورة الحالية، وأن القوانين المُهمّة التي سيتم التصويت عليها بعد العطلة التشريعية هي (قانون الموازنة العامة)، وقانون (التقاعد الموحّد) القراءة الثانية".
وأوضح السعدن، أن " بعض القوانين التي تتعلق بالوزارات، لايمكن التأكيد بأن يتم التصويت عليها الآن أو في الدورة المقبلة، لأن المدة طويلة (3 أشهر) على انتهاء الدورة الحالية، ولا يمكن التخمين على ذلك".
ووصف المتابع للتشريعات والقوانيين رحيم الشمري، لـ"العرب اليوم"، عملية تأجيل القوانين الخلافية إلى الدورة البرلمانية المقبلة بـ"الكارثة"، لما لها من أهمية وحاجة الناس لتلك القوانين، متسائلاً "ما الفائدة من التأجيل والدورة الحالية أمامها الكثير من الوقت يصل إلى 6 أشهر حيث تنتهي"، موضحًا أن "عددًا من القوانين لا تزال تنتظر منذ سنوات، وتُشكل منعطفَا إيجابيًا في حياة المجتمع، وترسيخ العملية السياسية كقوانين المحكمة الاتحادية والأحزاب، والنفط والغاز، والعفو العام، والبنى التحتية، والمفتشيين العموميين، ورواتب الموظفين، والتقاعد الموحد، وأخرى ذات مساس مباشر بسياسة الدولة العامة، فإذا أراد مجلس النواب أن تكتب انتخابات ناجحة وعملية ديمقراطية متينة، وعليه أن يُعزز الثقة والعلاقة مع الشعب بالمضي في تشريع القوانين وعدم تأجيلها".
جدير بالذكر أن الحكومة أبلغت رئاسة مجلس النواب، وجود نواقص في الموازنة، وتقرر بدء العطلة التشريعية من 15 / 11 وحتى 15/12، وفي حالة ورودها في أي وقت تُقطع العطلة.
أرسل تعليقك