دمشق - جورج الشامي
سيطر مقاتلون وعناصر في كتائب مقاتلة معارضة على بلدة معلولا المسيحيّة شمال دمشق بعد تقدّمهم فيها الاثنين إثر اشتباكات مستمرّة منذ ثلاثة أيّام، بحسب ما أفاد المرصد السّوري لحقوق الإنسان.
وقال المرصد "سيطر مقاتلو جبهة النّصرة (المرتبطة بالقاعدة) وجبهة تحرير القلمون ولواء الغرباء ولواء تحرير الشام والكتيبة
العمرية بشكل كامل على بلدة معلولا التّاريخية التي تقطنها غالبية من أتباع الدّيانة المسيحيّة".
وأشار إلى أن "اشتباكات عنيفة تدور في محيط البلدة بين القوات الحكومية مدعمة بقوات جيش الدفاع الوطني" والمقاتلين الذين سيطروا على معلولا.
وكان المرصد أفاد في وقت سابق الاثنين بأن المقاتلين سيطروا على القسم القديم من البلدة، إثر اشتباكات متواصلة منذ ثلاثة أيام مع القوات الحكومية والمسلحين الموالين لها.
وأوضح مصدر أمني سوري في دمشق لوكالة فرانس برس أن مجموعات المعارضة المسلحة ألقت إطارات محشوة بالمتفجرات من التلال التي توجد فيها عند مرتفعات البلدة تجاه مواقع القوات الحكومية داخل البلدة، ما اضطر هذه القوات إلى التراجع، وتقدم مقاتلو المعارضة في اتجاه وسط معلولا.
ونقلت وكالة الانباء الرسمية (سانا) عن "مصادر أهلية" أن "إرهابيين اقتحموا دير مار تقلا في معلولا ويحتجزون رئيسة الدير بلاجيا سياف وعددا من الراهبات اللواتي يعملن في الدير والميتم التابع له".
وذكرت إذاعة الفاتيكان أن 12 راهبة أرثوذكسية أخرجن بالقوة من الدير، ناقلة عن السفير البابوي في دمشق ماريو زيناري أن الراهبات سوريات ولبنانيات.
وأوضح السفير "يبدو أن الجهاديين اقتادوا الراهبات إلى الشمال نحو يبرود، ونجهل أسباب هذا العمل من جانب مسلحي المعارضة، إنها عملية خطف أو سيطرة على الدير لكي تطلق يدهم في معلولا". وبدا السفير حذرا قبل التحدث عن عملية خطف.
وأكد شهود عيان لـ"العرب اليوم" أن البلدة أصبحت خاوية من السكان بشكل شبه كامل، حيث نزح سكانها باتجاه دمشق أو حمص، فيما تعرضت الممتلكات الخاصة والعامة للسرقة النهب، في حين أن معظم المعالم الدينية المسيحية في البلدة قد خربت وأخليت من قاطنيها من راهبات وخوارنة وعمال.
وأكّدت مصادر ميدانية عمليات النهب والسلب والتخريب قامت بها قوات الحكومة السوري قبل خروجها من البلدة، واستمرت مع دخول قوات جهادية وإسلامية من المعارضة التي أكملت عمليات النهب والسلب والتحريب.
وشهدت معلولا جولة معارك في أيلول/سبتمبر نزح خلالها معظم السكان إثر دخول مقاتلي المعارضة الذين ما لبثوا أن خرجوا مجددا وعادت إليها قوات الحكومة.
وترافقت تلك الجولة مع موجة ذعر بين مسيحيي البلدة الذين قالوا إن مسلحين أطلقوا النار على الكنائس ووصفوهم بالكفار.
وتقع معلولا المعروفة بآثارها المسيحية القديمة ومغاورها المحفورة في الصخر على بعد قرابة55 كلم شمال دمشق، وهي من أقدم المناطق المسيحية في العالم، وتقع على خارطة المواقع السياحية البارزة في سورية، وهي المكان الوحيد في العالم الذي لا يزال سكانه يتكلمون اللغة الآرامية، لغة المسيح، وغالبية سكانها من المسيحيين الكاثوليك، إلا أن دير مار تقلا يعود للكنيسة الأرثوذكسية.
ويأتي تجدد المعارك في معلولا وسط ضغط كبير تمارسه قوات الحكومة منذ أكثر من أسبوعين على مجموعات المعارضة المسلحة في منطقة القلمون التي تقع فيها معلولا. وتمكنت القوات الحكومية مدعومة من حزب الله اللبناني خلال هذه الفترة من السيطرة على بلدة أساسية في القلمون هي قارة وطرد مقاتلي المعارضة منها ومن بلدة دير عطية التي كانوا دخلوا إليها بعد سقوط قارة في 19 تشرين الثاني/نوفمبر.
وتعتبر منطقة القلمون الجبلية الحدودية مع لبنان استراتيجية لأنها تشكل قاعدة خلفية للمعارضة المسلحة تزوّد منها معاقلها في ريف دمشق وبعض المناطق المتبقية لها في حمص بالسلاح والرجال. كما أنها أساسية للنظام، لأنها تؤمن له التواصل بين وسط البلاد والعاصمة
أرسل تعليقك