رام الله - وليد ابوسرحان
ارتدت مدينة بيت لحم في الضفة الغربية حلتها البهيَّة لمناسبة الاحتفالات السنوية بأعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية الجديدة، وذلك في ظل لغط شعبي عن حضور فتيات منظمة "فيمن" عاريات الصدور للمدينة.
وفيما تتصدر بيت لحم المدينة الصغيرة الجميلة المسرح الدولي كل عام كونها المكان الذي ولد فيه السيد المسيح "عليه السلام
"، وتجمع الحكماء والرعاة ليباركوا ولادة الطفل الذي منح الوعد بالسلام والمحبة، تواصل اوساط شعبية فلسطينية التحذير من اقدام فتيات "فيمن" على الاضرار بالصورة البهية للمدينة المحافظة.
وفي الوقت الذي ازدانت ساحة المهد بالأنوار، التي علت أشجارها وتلألأت الأضواء على واجهات المباني المحيطة بها من مركز السلام إلى مبنى البلدية ومحلات بيع التحف الشرقية "السنتواري"، وزاد من جمال المنطقة إضاءة شجرة الميلاد على مدخل كنيسة المهد، أكّدت الجهات الرسمية الفلسطينية بأنه "لم ولن" يسمح لفتيات منظمة "فيمن" بتنفيذ اي فعاليات احتجاجية لهن في ساحة المهد خلال اعياد الميلاد.
ورغم ذلك التأكيد الرسمي إلا أن الشارع الفلسطيني في بيت لحم ما زال يواصل الحديث والتكهن بشأن نجاح تلك الفتيات في التسلل للاراضي الفلسطينية لتعرية صدورهن في ساحة المهد خلال الشهر الجاري في وقفات احتجاجية.
وفي الوقت الذي يتأمل فيه اهالي المدينة وتجارها واصحاب فنادقها في حركة اقتصادية نشطة جراء تدفق آلاف السائحين لبيت لحم لزيارة مهد المسيح عليه السلام والصلاة في كنيسة المهد يتواصل الحديث في الصالونات الشعبية عن هوية فتيات "فيمن" و"أشكالهن والكيفية التي يعرين فيها صدورهن"، وذلك في ظل انقسام في الرأي ما بين المواطنين بشأن اعتبار تصرفهن بتلك الطريقة يدخل في اطار الحرية الشخصية أو في إطار التعدي على حرمة الشعب الفلسطيني المحافظ.
وفي ظل تواصل الجدل في صفوف الاهالي، والسؤال اذا ما هناك فتيات عربيات ومسلمات في صفوف "فيمن"، تلمس بانه ليس هناك اجماعًا لدى المواطنين بشأن ضرورة منع تلك الفتيات من الوصول لبيت لحم، خشية اقدامهن على ذلك العمل "الفاضح" في وجهة نظر بعض الاهالي.
وإذا قُدِّر لك ان تستمع لبعض ما يدور في المجالس الشعبية في مدينة بيت لحم فإنك تسمع اصواتا من هنا وهناك تقول "لا مانع إن عبرن عن احتجاجهن بتعرية صدورهن، وما علينا الا غض النظر والبصر حتى نمتحن إيماننا ومقدرتنا على مقاومة النظر إليهن"، فيما يقول آخرون "إن المواطنين سيتصدون لهن قبل ان يستطعن نزع ملابسهن العلوية".
ويتواصل حضور فتيات "فيمن" عاريات الصدور في بيت لحم وجدانيا من خلال حديث المواطنين عنهن وسط انقسام ما بين يعتبر تصرفهن مسيئًا للشعب الفلسطيني وبين من لا يرى في ذلك اساءة للشعب الفلسطيني، بحجة ان هذه هي طريقتهن للتعبير عن احتجاجهن.
ويدور الحديث في المجالس الشعبية عن فتيات تلك المنظمة رغم أن رئيسة بلدية بيت لحم فيرا بابون أعلنت عن رفضها تظاهر ناشطات حركة "فيمن" في مدينة بيت لحم، مؤكِّدة أن أي تظاهر يخرق الحياء العام والعادات والتقاليد الفلسطينية غير مرحَّب به، وسيتم منعه.
وأوضحت بابون "أن أية تظاهرة تجري في المدينة يجب أن تحصل على ترخيص مسبقـ وأي حديث عن تظاهر خارج سياق العادات والتقاليد سيفقد معناه بشكل تامّ".
وكانت مصادر صحافية أكَّدت أن ناشطات من منظمة "فيمن" سيتظاهرن عاريات الصدور في ساحة كنيسة مهد المسيح في مدينة بيت لحم، خلال أعياد الميلاد المجيدة الشهر الجاري، للاحتجاج على ما تتعرض له المرأة الفلسطينية من ظلم والتعبير عن حقهن في الحرية والتظاهر.
وأشارت إلى أن حركة "فيمن" النسائية التي اشتهرت بتظاهر ناشطاتها عاريات الصدور، تعتزم زيارة الأراضي الفلسطينية الشهر الجاري، وستنظم وقفات احتجاجية عاريات الصدور فيها، بالتزامن مع أعياـد الميلاد المجيـدة في مهـد السيد المسيح عليـه السلام ببيت لحم.
وفيما يدور الحديث فلسطينيًا بأن فتيات "فيمن" سيدخلن كسائحات لمدينة بيت لحم للتظاهر عاريات الصدور أمام كنيسة المهد في الرابع والعشرين من الشهر الجاري، تواصل الأجهزة الامنية والشرطية الفلسطينية استعداداتها لحماية السائحين ومنع اية مظاهر احتجاجية تخل بالعادات والتقاليد الفلسطينية.
وحركة "فيمن" منظَّمَة احتجاجية تدافع عن حقوق المرأة تأسَّست في أوكرانيا ومقرُّها باريس، وأصبحت المنظمة معروفة دوليًا بعد تنظيمها وقفات احتجاجية عدة لنساء عاريات الصدر، اعتراضًا على التمييز على أساس الجنس وغيرها من المشاكل الاجتماعية.
وفي ظلِّ ذلك اللغط الشعبي عن "فيمن" احتفلت مدينة بيت لحم، ليلة الإثنين، بإضاءة شجرة عيد الميلاد المجيد في حضور رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله وعدد من الوزراء ومحافظ بيت لحم، ورجال الدين الإسلامي والمسيحي والدبلوماسيين الأجانب إلى جانب رئيسة بلدية بيت لحم وأعضاء المجلس البلدي وقادة الأجهزة الأمنية وممثِّلي المؤسسات الأهلية والشعبية والمؤسسات الدولية في احتفال كبير أُقيم في ساحة المهد.
وشدَّدَت رئيسة بلدية بيت لحم فيرا بابون على أن رسالة بيت لحم منذ الميلاد كانت رسالة عدل ومحبة وسلام، وستبقى كذلك مهما حدث، مشدِّدة على أن المدينة ستبقى رافعة راية السلام، موضحة أن المدينة وأهلها جميعًا يرفعون خطاباتهم صلوات على أمل أن تتغير الأوضاع الحالية، مشيرة الى ان الفلسطينيين عمومًا واهالي بيت لحم يرضَون لأنفسهم ما يرضَونه لغيرِهم من شعوب المعمورة.
أرسل تعليقك