حلب – هوازن عبد السلام
حلب – هوازن عبد السلام
أصبح انتشار ظاهرة الأطفال المقاتلين بين صفوف وحدات حماية الشعب الكردي، حقيقة واقعة، إذ نشرت مواقع إلكترونيّة كرديّة ومنها "آفيستا" صورًا لأطفال لم تتجاوز أعمارهم الـ18 ويحملون السلاح، فيما أصدرت "الدولة الإسلامية في العراق والشام" قرارا بفرض حصار على المناطق الخاضعة لمليشيات وحدات حماية الشعب
وحزب العمال الكردستاني في شمال سورية.
ونشرت "ولاية حلب" في "الدولة" نص البيان الذي أعلن "فرض الحصار على المناطق الخاضعة لحكم حزبي (pkk) و(pyd).
وأوضح البيان: بعد قيام حزبي pkk"و "pyd الكرديين المدعومين من النظام النصيري الكافر بالحرب على المجاهدين والاعتداء على المسلمين، ونصرة النظام في المناطق الخاضعة لحكمهم، ولأنهم يستخدمون ما يصلهم من مناطق حكمنا من مواد وبضائع في حربنا وقتالنا، قررت الدولة الإسلامية في العراق والشام، منع دخول الموادالغذائية وصنوف التجارة والوقود والأدوية إلى هذه المناطق.
وأضاف البيان ستتم المصادرة (مصادرة المواد)، وإحالة المخالف للمحكمة ليستوجب العقوبة التعزيرية، وهذا القرار ساري المفعول من تاريخ السابع من كانون الأول/ديسمبر2013.
واختتم البيان" ونخص بالذكر منطقة عفرين وعين العرب".
ويعد هذا الإعلان تطورا لافتا في النزاع الدائر بين مليشيات وحدات الحماية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وبين عموم الفصائل العسكرية في سورية، ولاسيما تنظيم "الدولة".
وقد شهدت الأشهر الأخيرة معارك كر وفر بين مليشيات وحدات الحماية وتنظيم "الدولة"، تبادل خلالها الطرفان السيطرة على مناطق في شمال وشمال شرق سورية، وهي المناطق التي يسعى انفصاليون أكراد لتأسيس كيان لهم عليها.
من جهة أخرى، رصدت صور صحافية على ظهر إحدى الآليات العسكريّة مجموعة رجال يحملون أسلحة قتال خفيفة، بينهم طفل يحمل سلاحًا أيضًا، لا يزال ينضج ليصبح رجلًا يومًا ما، فتاة صغيرة بملامح بريئة ترتديْ ثيابًا عسكرية كاملة "يرجّح" أنها ضمن مراسم احتفال عسكريّة، وأخرى أكبر سنًّا لكنها لم تتجاوز الثامنة عشرة من العمر، على الخطوط الأمامية في جبهة القتال.
وتلك صور كانت قد التُقطت وظهرت لوسائل الإعلام في الآونة الأخيرة، وهي لأطفال كُرد يحملون السلاح في صفوف قوات حماية الشعب الكرديّة، الأمر الذي أثار قلق الشارع الكردي، والخوف من تزايد تلك الأعداد في الأيام المقبلة، بعد نشر مواقع إلكترونيّة كرديّة ومنها "آفيستا" صورًا لأطفال لم تتجاوز أعمارها الـ18 ويحملون السلاح، أيضًا لم تلقَ الصور ولا فكرة وجود أطفال يحملون السلاح شريحة واسعة من الحقوقيين والمثقفين والمراقبين الكُرد.
ظاهرة تجنيد الأطفال متواجدة في سورية على أغلب جبهات القتالْ ولاسيما في السنة الأخيرة، وحسب تقارير صدرت أخيرًا، فهناك أكثر من مليوني طفل في سورية تعرضوا لأخطار جمّة من بينها تجنيدهم كجنود حرب، بيد أنها حديثة في المناطق الكرديّة وبالتحديد ضمن صفوف قوات حماية الشعب الكرديّة وبأعداد قليلة، كما يقول نشطاء على الأرض في سورية.
ويتنقل الصحافي محمد حسن، من المتابعين والقريبين لنشاطات قوات حماية الشعب في أماكن تواجد الأخيرة ويقول "الحالات نادرة جدًّا" وأشار إلى أن انضمام هؤلاء يكون "بمبادرات ذاتية من أصحابها وأصغر عنصر عمره 17 عامًا"، وأضاف "أظن لو بحثنا عن خمسة ممن تسمونهم بالأطفال في صفوف وحدات حماية الشعب، فلن تروا أكثر من خمسة" حسب تعبيره، وبرر تواجد من تقل أعمارهم عن الـ18 ربيعًا من المسلحين بأنهم يحمون الأهالي في مدينة القامشلي، عدا ذلك فإن "الشرف وحب الوطن بغض النظر عن الانتماء السياسي أو العرفي" هي من شروط الانضمام، فهناك ضمن صفوف قوات حماية الشعب من العرب والسريان والكُرد والمسيحيين كما قال محمد، الذي لم ينكر حقيقة الصور ونسبها إلى أجواء الاحتفال مضيفًا "الصور تعبّر عن الفرح، أنا أيضًا عند الفرح اقفز على ظهر دبابة والتقط صورًا تذكاريّة" وعن الصور المنشورة "فهي تذكاريّة" على حد قول محمد، وعند سؤال أيّ كان، فسيكون جوابه بشأن الموضوع كما أخبرنا محمد، الذي قال "لا تهتموا لأمر الإعلام الكاذب".
وبسؤال شهود عيان آخرين ممن يقطنون المناطق الكُرديّة، ومنهم السيد جوان، وهو من مدينة القامشلي أكّد أنه يوجد أطفال يحملون السلاح لكن بأعداد قليلة جدًّا، وغالبيتهم لا يقاتلون، إنما يقفون على حواجز التفتيش لقوات حماية الشعب، بينما أضاف شاهد عيان آخر هو السيد م.جلال.ح أنه يعتقد بل يجزم بوجود عدد لا بأس به ممن هم دون الثامنة عشرة من العمر، كما أرسل عدد منهم في بداية الأحداث إلى جبال قنديل لتلقي دورة تدريبيّة لعدة أشهر وعادوا فيما بعد إلى قامشلو، وأكد جلال أنه على معرفة شخصيّة بهم وأن أحدهم ذهب إلى سري كانيه -رأس العين- وآخر إلى كوباني -عين العرب- ولكن هل شاركوا في المعارك أم لا فليس لديه علم، أما فيما يتعلق بالوقوف على الحواجز فهو متأكد من ذلك، وأشار جلال أن معظم الذين يعرفهم هم في الصف العاشر والحادي عشر أو خارج المدرسة، الأمر الذي أكده أيضًا السيد صالح أبو رامان، بقوله "إن أحد الضحايا كان ابن أخوه وهو من دون السادسة عشرة وأصيب ي يده في معارك سري كانيه -رأس العين- وبعد الإصابة تم تهريبه إلى تركيا.
ويعرّف القانون الدولي الطفل الجندي بأنه أي طفل دون الثامنة عشرة من العمر يرتبط بقوة عسكرية أو بجماعة مسلحة في أي شكل أو طريقة، بما في ذلك، على سبيل المثال وليس الحصر، الأطفال الذين يجري استخدامهم كحراس أو طهاة أو جواسيس أو لأغراض جنسية وغير ذلك. والمقصود أن دور الأطفال في أوقات النزاعات والحروب والثورات هو غالبًا دور غير مباشر، وفي بعض الأحيان يتحول إلى دور مباشر.
وحسب ما وصل إليه المكتب المعني بالأطفال والصراعات المسلحة، التابع للأمم المتحدة فأن الأسباب الجذرية لتجنيد الأطفال أنهم بديل فعال للمقاتلين الكبار، فكثيرًا ما يُخطف الأطفال ويُكرهون بالقوة على الارتباط بالجماعات المسلحة، لكن يبدو أﻧﻬم في بعض الأحيان يلتحقون ﺑﻬا بمحض إرادﺗﻬم، ومن دوافع التجنيد ”الطوعي“ الفقر والأمية والتمييز وانعدام التعليم النظامي وفرص أسباب الرزق، كما يضطر الأطفال إلى الانضمام إلى الجماعات المسلحة طلبًا للحماية أو رغبة في البقاء أو في الثأر أو الشعور بالانتماء بسبب فقدان المسكن وأفراد الأسرة وبالنسبة إلى بعضهم ، فإن عدم وجود السبل المشروعة للمعارضة السياسية والمشاركة، أو الأيديولوجيات القومية أو الهوية العرقية، تصبح عوامل دافعة قوية.
أيضًا يسهل تلقين الأطفال العقائد والتلاعب بعقولهم والتأثير فيهم بالأفكار البطولية للذكورة والقوة، كما أن طول مدة النزاع، وقرب مخيمات اللاجئين أو مستوطنات الأشخاص المشردين داخليًا من مناطق النزاع وإخفاق عملية إعادة إدماج الأطفال ، وإفلات المسؤولين عن تجنيدهم واستخدامهم من العقاب، عوامل إضافية تُسهم في ذلك.
إلا أن قرار تجنيد الأطفال، رغم إمكانية وجود عوامل دفع وجذب عديدة، هو في الأخير بيد أفراد القياديين ﺑﻬذه الجماعات، حسب المكتب المعني بالأطفال والصراعات المسلحة، ولذا يحمل ضمان تحميل المخالفين تبعات هذه الانتهاكات أثرًا رادعًا حاسمًا. فيجب مواصلة التركيز المتضافر على مكافحة إفلات مرتكبي الجرائم من العقاب. وبالإضافة إلى ذلك، يتعين أيضًا أن تخضع الأسباب الذاتية للأطفال التي تدفعهم إلى المشاركة في النزاعات المسلحة، لتحليل مستفيض يأخذ في الاعتبار السياقين الاجتماعي والإقتصادي اللذين يُشكلان ملامح حياﺗﻬم ويقيّداﻧﻬا، والبيئة السياسية والأمنية التي تحدد شروط استجاباﺗﻬم.
أرسل تعليقك