تونس-أسماء خليفة
أكدّت مصادر مطلعة في "الاتحاد العام التونسي للشغل" لـ"العرب اليوم"، استئناف جلسات الحوار الوطني، الاثنين، تحت رعاية رباعي أكبر المنظمات الناشطة في المجتمع المدني (الاتحاد العام لتونسيين للشغل ومنظمة الأعراف ورابطة الدفاع عن حقوق الانسان وعمادة المحامين)، فيما قالت المصادر إنّ "جلسة،
الاثنين، التي ستنعقد في حدود 10:00 صباحًا ستحدّد تاريخ انطلاق العدّ التنازلي لاستقالة حكومة علي العريض وفقًا لما تضبطه خارطة الطريق، حيث نصت خارطة الطريق التي وقعت عليها الأحزاب المشاركة في الحوار الوطني على استقالة حكومة علي العريض خلال 3 أسابيع بالتزامن مع الانتهاء من كتابة الدستور وتشكيل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات"، هذا و أضافت المصادر ذاتها إنّ "جلسة الاثنين ستنظر في المسار الحكومي والمسار التأسيسي معًا".
وكان الحوار الوطني قد تعثّر في جولتين متتاليتين فتم تعليقه بداية شهر نوفمبر/تشرين الثاني ثمّ التمديد لجولة ثانية بداية شهر ديسمبر/كانون الاول الجاري وصولا إلى اعلان التوافق بشأن تكليف مهدي جمعة وزير الصناعة في حكومة علي العريض لتشكيل الحكومة الجديدة.
وستُنْهِي حكومة مهدي جمعة تجربة حكم الائتلاف الحكومي أو "الترويكا "الأولى من نوعها وطنيّا وعربيّا اذ للمرة الأولى مرّة يشارك إسلاميون وعلمانيون في حكم في تونس.
يذكر أن التجربة روّجت لها حركة النهضة في الداخل والخارج لتأكيد توجهها الجديد تجاه الانفتاح على الديمقراطية ومدنية الدولة ودعم تجربة الاسلام المعتدل اقتداء بتجربة إسلاميو تركيا إلاّ إنّ الفشل في معالجة الملفات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية جعل الائتلاف الحاكم في تونس والذي تقوده حركة "النهضة" يسقط سياسيًّا مرتين سواء في نظر المعارضة او في صفوف الشارع التونسي.
كانت المرة الأولى في تشرين الثاني/ فبراير الماضي حين استفاق التونسيون على خبر اغتيال القيادي البارز في المعارضة ومؤسس تحالف الجبهة الشعبية المعارض شكري بلعيد رميا بالرصاص أمام منزله، تلك الحادثة التي هزّت عرش حمادي الجبالي مين عام حركة النهضة في مكتبه في القصبة وأدت به إلى الاستقالة وفسح المجال للأمين العام المساعد علي العريض لقيادة حكومة جديدة.
وكانت جنازة الشهيد بلعيد اولى الإنذارات التي يوجهها الشارع للحكومة اذ هي المرة الأولى التي يشيّع فيها مليون وأربع مئة ألف تونسي نعش شهيد.
أما المرة الثانية كانت ظهر 25 تموز/ يوليو الماضي حين تكرّرت حادثة الاغتيال بذات الطريقة ووقع ضحيتها هذه المرة محمد البراهمي النائب في المجلس الوطني التأسيسي والقيادي البارز في تحالف الجبهة الشعبية.
وعلى عكس تجربة حمادي الجبالي الذي ازاحته مبادرته بشأن تشكيل حكومة تكنوقراط عقب اغتيال بلعيد من منصب رئاسة الوزراء بعد ان رفض مجلس شورى الحركة ارتجاله وتسرعه في اعلان إقالة الحكومة أبدى علي العريض تمسكه الشديد بالاستمرار في الحكومة.
هذا التمسّك ترجمه في رسالته التي توجّه بها إلى الرباعي بتاريخ 25 أكتوبر/تشرين الاول ليعلن انه سيستقيل اذا تلازم مساري الحكومة والتأسيس.
وبالعودة إلى التشابه بين الرجلين، حمادي الجبالي الامين العام وعلي العريض الامين العام المساعد، مرّ كلاهما من السجن والمراقبة الإداريّة إلى الحكم ثمّ إلى الاستقالة عقب أزمة اغتيال في صفوف المعارضة. لكن الفرق بينهما يكمن في ان الجبالي صار له مكاناً في الشارع التونسي حتّى ان اسمه دخل سباق نوايا التصويت في الانتخابات الرئاسية. ويعود هذا الالتفاف حول امين عام حركة النهضة إلى مبادرته التي أعلنها بشكل فردي مساء اغتيال شكري بلعيد ومن ثمّة دخوله في ازمة مع مجلس شورى حركته الامر الذي أدى إلى عزلة حمادي الجبالي لحوالي خمسة اشهر قبل ان يعود للساحة لمعاضدة حزبه ما بعد اغتيال محمد البراهمي.
اما علي العريض او رجل النهضة القوي كما تطلق عليه التسمية فهو رجل بات فاقدا للشعبية وللمصداقيّة في الشارع التونسي اذ أبدى علي العريض صلابة في مواجهة معارضيه وصلابة في مواقفه تجاه مبادرة الحوار الوطني ذاتها.
ويقول متابعون إن "المهندس حمادي الجبالي خرج من سجنه إلى الحكم ثم استقال ليُبْقِي على مكان له في المشهد السياسي اذ تشير بعض المصادر إلى امكانية خلافة الجبالي للمنصف المرزوقي في قصر قرطاج إلى حين تنظيم الانتخابات المقبلة. اما المهندس علي العريض خرج من سجنه إلى الحكم ثمّ سيستقيل دون أن يُبْقِي على مكان له في الشارع السياسي".
أرسل تعليقك