تونس ـ أزهار الجربوعي
تباينت مواقف أحزاب "جبهة الإنقاذ" المُعارضة التونسيّة، بشأن استئناف مشاركتها في الحوار الوطني، واستكمال المسار الحكوميّ لتحديد معالم حكومة مهدي جمعة المقبلة وضبط مهامها.
وأكد الناطق الرسميّ باسم حزب "نداء تونس" رضا بلحاج، لـ"العرب اليوم"، أن حزبه سيحضر جلسة الإثنين، في إطار "جبهة الإنقاذ"، فيما أعلن "الحزب الجمهوريّ" مقاطعته النهائية للحوار الوطنيّ، وكشف زعيمه أحمد نجيب الشابي، أن اللجنة المركزيّة للحزب ستُعيد النظر في اجتماعها المُرتقب هذا الأسبوع في تحالف الحزب مع مكونات الجبهة والاتحاد من أجل تونس، مؤكدا على استمرار العلاقات والتعاون حتى لو تقرر فك الارتباط .
وقد أصدر "الاتحاد العام التونسيّ للشغل"، الراعي للحوار الوطنيّ، مُذكّرة تتضمن جُملة من الخطوط العريضة لملامح الحكومة الجديدة وأهم برامجها، تنص على ضرورة أن تكون حكومة مهدي جمعة مستقلة حزبيّة، وأقل عددًا بحيث لا تتجاوز 15 وزيرًا، وأن يقع دمج الوزارات الكبرى المتعلقة بالجانب الاقتصاديّ والأمنيّ، وأن
مكافحة الإرهاب من أهم أولويات المرحلة الراهنة التي تنتظر الحكومة الجديدة، فضلاً عن إعادة الثقة إلى المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين ودعم التشغيل وإحكام توزيع الثروة، وتعويض منوال التنمية بآخر أكثر عدلاً بين المناطق والجهات.
وقد تعهّد مهدي جمعة المرشّح لرئاسة الحكومة الجديدة، باحترام خارطة الطريق التي طرحها الرباعي الراعي للحوار الوطنيّ في تونس، بزعامة "اتحاد الشغل" و"منظمة الأعراف" و"هيئة المحامين" و"رابطة حقوق الإنسان"، مؤكدًا أن "معيار الكفاءة والاستقلاليّة سيكونان المقياس في اختيار أعضاء حكومته، التي سيكون نصيب الأسد فيها للشباب".
وأعلن الحزب "الجمهوريّ" مقاطعته النهائيّة للحوار الوطنيّ، وفي خطوة اعتبرها مراقبون مُنتظرة بعد التباين والانقسام الواضح في مواقف أحزاب "جبهة الإنقاذ"، حيث أكد زعيم الحزب أحمد نجيب الشابي، لـ"العرب اليوم"، أن حزبه اكتفى بالمساهمة في الحوار الوطنيّ، ولن يُشارك في جلسة الإثنين، لأنه يرفض تزكية الأساليب التي انتهت إلى اختيار مهدي جمعة رئيسًا للحكومة المقبلة، معتبرًا أنه "تم التضحية بالتوافق الوطنيّ، وأن حزبه لم يكن سلبيًا، وأنه سينتظر آداء وتشكيلة وبرنامج حكومة مهدي جمعة للحكم عليها، وأن (جبهة الإنقاذ) نجحت في تعبئة الشارع وفرض الحوار الوطنيّ، لكنها فشلت في التوصّل إلى حل توافقيّ، من خلال إطار الحوار، وكانت اجتهادات ورؤى أحزابها مختلفة ومتباينة"، داعيًا إلى ضرورة تقييم المرحلة السابقة لإعادة بلورة أهداف ومهمة "جبهة الإنقاذ" في المستقبل.
وبشأن إمكان فك الارتباط بين "جبهة الإنقاذ" و"الجمهوري" بعد غياب الحزب عن الاجتماعين الآخرين للجبهة، أوضح الشابي، "لم نُقرر أي شيء في ما يخص التحالف داخل الجبهة، وتركنا القرار لاجتماع اللجنة المركزيّة هذا الأسبوع، و مهما كانت الصيغ والعلاقة بين (الإنقاذ) و(الجمهوري)، فإن وحدة العمل والتعاون ستتواصل حتى لو كان الحزب خارج التحالف"، مشيرًا إلى أن "حزبه يوافق على الشروط والضمانات التي طالبت بها (جبهة الإنقاذ) والرباعي الراعي للحوار، وسيعتمدها معيارًا لتقييم حكومة مهدي جمعة والحُكم عليها".
وأكد الناطق الرسميّ باسم حزب "نداء تونس" رضا بلحاج، لـ"العرب اليوم"، أن حزبه سيُشارك في الجلسة المقررة، الإثنين، لاستئناف الحوار، وبحث التشكيلة الوزاريّة الجديدة، والاتفاق بشان بقية بنود وتفاصيل خارطة الطريق، وذلك في إطار "جبهة الإنقاذ".
ومن المنتظر أن يُناقش الرباعي الراعي للحوار الوطنيّ، خلال جلسة الإثنين، المُذكّرة التي تقدمت بها "جبهة الإنقاذ"، والضمانات التي اشترطت الالتزام بها من أجل المُشاركة في استئناف الحوار، والتي تنص على "ضرورة أن تكون الحكومة مُستقلة ومُحايدة، وتركيبتها لا تتضمن أعضاء من الحكومة الحالية، إلى جانب المُطالبة بتحديد تاريخ انطلاق تشكيل الحكومة، وتحديد موعد استكمال المسار التأسيسيّ والانتخابيّ، كما اشترطت "جبهة الإنقاذ" الاتفاق بشأن آلية حسم الخلافات التي قد تنشأ في الحوار الوطنيّ، وحلّ رابطات حماية الثورة (تنظيم جمعياتيّ محسوب على الشق الإسلاميّ)،وإلغاء التعيينات على أساس الولاء الحزبيّ.
ورأى مراقبون، أن الخلاف وتباين المواقف بين أحزاب "جبهة الإنقاذ" وحتى داخل ائتلاف الترويكا الحاكم (النهضة، التكتل، المؤتمر من أجل الجمهورية)، ستتسع رقعته أكثر في المرحلة المقبلة، لا سيما أن الأحزاب كافة دخلت في مرحلة جرد حساباتها ومراجعة خارطة تحالفاتها، استعدادا للمرحلة المقبلة، التي ستُهيمن عليها الحسابات الانتخابيّة مع اقتراب السباق المحموم نحو قصر قرطاج والقصبة.
وتنص خارطة الطريق التي طرحها "الاتحاد العام التونسيّ للشغل" لإنهاء الأزمة السياسيّة التي عصفت بتونس إثر اغتيال المُعارض السياسيّ محمد البراهمي في 25 تموز/يوليو الماضي، على تقديم رئيس الحكومة الحالية التي يتزعمها القياديّ في حزب "النهضة" الإسلاميّ علي العريض استقالة حكومته، في أجل أقصاه 3 أسابيع من تاريخ أول جلسة للحوار الوطني، لتفسح المجال لحكومة كفاءات يترأسها شخصية وطنية مستقلة، لا يترشح أعضاؤها للانتخابات المقبلة.
أرسل تعليقك