بيت لحم ـ وليد أبوسرحان
تدوي أصوات الفرق الكشفية، وموسيقاها، في بيت لحم، منذ صباح الثلاثاء، لاسيما أمام ساحة كنيسة "المهد"، مع تواجد جموع من المحتفلين ببدء فعاليات عيد الميلاد المجيد، وفق التقييم الغربي، فيما نظم احتفال رسمي لغبطة بطريرك طائفة اللاتين في فلسطين والأردن وسائر الأراضي المقدسة فؤاد طوال، الذي وصل، ظهر
الثلاثاء، إلى المدينة آتيًا من القدس، في موكب عيد الميلاد، الذي استقبلته الفرق الكشفية على المدخل الشمالي لمدينة مهد المسيح. وفيما تعالت أصوات أجراس الكنائس المتواجدة في البلدة القديمة من القدس، عند انطلاق الموكب التقليدي لبطريرك طائفة اللاتين متوجهًا إلى بلدة بيت لحم، كانت الفرق الكشفية والمسؤولين في بيت لحم في انتظار البطريرك على المدخل الشمالي لبيت لحم، في موكب مهيب، وصل إلى أمام كنيسة المهد. ومن المقرر أن يترأس البطريرك، عند منتصف الليل، قداسًا في كنيسة "المهد"، التي يعتقد بأنها شهدت مولد السيد المسيح، وذلك في حضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ومسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، وعدد آخر من كبار الضيوف.
وقرع أفراد الفرق الكشفية على الطبول، ونفخوا بالمزامير، بينما اصطفت جموع المحتفلين، سواء من الفلسطينيين أو الحجاج المسيحيين، الآتين من الخارج، لمراقبة للاحتفال بعيد الميلاد، وبمشاركة الكثير من المواطنين المسلمين، الذين كانوا بين جموع المحتفلين، وذلك في أجواء احتفالية تسود كل مدينة بيت لحم.
ومن الملفت للنظر أن هناك الكثير من المواطنين المسلمين، من مدن الضفة الغربية كافة، أتو إلى بيت لحم، للمشاركة في احتفالات أعياد الميلاد، وذلك في رسالة تدل على وحدة المجتمع الفلسطيني بمسيحييه ومسلميه، حيث توقفت تلك الفرق عن العزف خلال رفع مسجد عمر بن الخطاب، المقابل لكنيسة المهد، آذان الظهر والعصر، وذلك احترامًا للآذان الداعي للصلاة عند المسلمين. ولا بد من الذكر أن هناك مسجدًا للمسلمين يقابل كنيسة المهد، ولا يبعد عنها سوى عشرات الأمتار، ويقع في الجهة الغربية لساحتها، وفي ضوء ذلك الانسجام الديني في مهد المسيح عليه السلام، اصطفت الكثير من عربات النقل المباشر لمحطات التلفزة في الساحة، أمام كنيسة المهد، بغية نقل احتفالات عيد الميلاد، من مهد المسيح عليه السلام. وتقدم الجهات الفلسطينية التسهيلات كافة للصحافيين والمراسلين والمصورين للقيام بعملهم، فيما أوضحت رئيس بلدية بيت لحم فيرا بابون أن "المدينة تعيش في حالة من الأمل والمحبة والسلام، رغم ما تعانيه من حصار إسرائيلي غاشم". وأشارت بابون، على هامش احتفالات عيد الميلاد المجيد، إلى أن "بيت لحم تعيش في أجواء عالمية، وترقب من المحتفلين، في هذا العالم، لترسل رسالة إلى أنها فلسطينية الهوية، رغم كل المحاولات الإسرائيلية لإدراجها ضمن الأماكن الدينية الإسرائيلية".
وأكّدت أن "المدينة ما زالت تعاني الحصار، وهي تستقبل الزوار والحجاج والسياح من بقاع العالم"، مشيرة إلى أن "رسالة بيت لحم اليوم هي رسالة سلام، وأن هؤلاء المحتفلين صناع سلام، وسنبقى رافعين لواء السلام على الرغم من السياسات الإسرائيلية العنصرية تجاه الشعب الفلسطيني". ووجّهت بابون رسالة إلى الضمير العالمي، لردع السياسات الإسرائيلية، التي تنتهج الاستيطان رمزاً لإجراءاتها العنصرية، مبينة أن "آلة القمع الإسرائيلية تضيق الخناق على مدينة بيت لحم، بغية فصلها عن مدينة القدس، العاصمة الأبدية لدولة فلسطين".
وتحتفل الطوائف المسيحية، التي تسير حسب التقويم الغربي، الثلاثاء، بعيد الميلاد المجيد، حيث أوضح الأب إبراهيم فلتس أن "مناسبة عيد الميلاد المجيد مناسبة قومية"، مشيرًا إلى أن "بيت لحم تعيش اليوم أجمل صورة، تميزت في التفاف المواطنين على هذه المناسبة، والمشاركة في إحيائها، وهذا ما لمسناه على أرض الواقع". وأضاف أنهم "سيصلون في هذا العيد بغية أن يحل السلام في منطقة الشرق الأوسط بالكامل، سورية والعراق، ولجميع المظلومين".
وبشأن التصاريح الممنوحة للمسيحيين للمشاركة في الاحتفالات، أوضح أنه "لا يوجد عدد محدود، وهناك معيقات من الاحتلال لوصول عدد كبير من المحتفلين بهذه المناسبة، سيما أن بيت لحم ما زالت تئن تحت الاحتلال"، وأضاف "رسالتنا هي رسالة محبة وسلام، وقدوم البابا مطلع أيار/مايو المقبل، سيكون له معنى كبير لإحلال السلام في فلسطين". ومنذ ساعات الصباح، تقاطر المواطنون إلى مدينة بيت لحم، واحتشدوا في ساحة المهد، التي تتوسط جامع عمر بن الخطاب وكنيسة المهد، للمشاركة في احتفالات عيد الميلاد، والتي بلغت ذروتها بوصول موكب غبطة بطريرك طائفة اللاتين. وانتشر المئات من أفراد الشرطة في الساحة وقرب الكنيسة، وعلى مفترقات الطرق الرئيسية، بغية تنظيم حركة المرور، والتسهيل على المواطنين للوصول إلى مكان الحدث.
وأشار مدير العلاقات العامة والإعلام في شرطة محافظة بيت لحم الرائد لؤي ازريقات إلى أنه "تم الإعلان عن حالة الاستنفار الكامل في صفوف شرطة محافظة بيت لحم، في إداراتها ومراكزها وأقسامها كافة، لتتولى مهمة توفير الأجواء الملائمة، واحترام قدسية هذا العيد الوطني الديني، ولتعمل على تعزيز فرحة المحتفلين، وتسهيل وصول حجاج بيت لحم، وتنظيم حركة المواطنين المعتادة في مدن وبلدات المحافظة".
وأوضح ازريقات أن "عدد أفراد الشرطة المشاركين يصل إلى 600 عنصر، منهم 100 تم إحضارهم من خارج بيت لحم، بغية تأمين تطبيق الخطة بحذافيرها"، لافتًا إلى أنهم "سيقومون بتوزيع بطاقة معايدة على المواطنين المحتفلين" . كما انتشر العشرات من أفراد الدفاع المدني في الساحة ومحيطها للمشاركة في إنجاح الاحتفالية الدينية الوطنية. وأشار مدير الدفاع المدني في بيت لحم خليفة التلاحمه إلى أن "هناك حالة استنفار بين طواقمهم، تمثلت في انتشار العناصر في الساحة، وقرب الكنيسة، وأيضًا قرب قصر الرئيس"، لافتًا إلى مشاركة 40 ضابطًا وفردًا، عدا عن 30 متطوع. وأضاف أن "هناك سيارة إنقاذ، وسيارتي إطفاء، فضلاً عن الدعم من خارج المحافظة، متمثلا بسلم هايدروليكي، يصل إلى عشرة طوابق، ومركبة إنقاذ من الخليل".
أما الهلال الأحمر، وعلى لسان مدير الطوارئ والإسعاف في بيت لحم محمد عوض، فأوضح أن مشاركتهم تتمثل في تسخير 7 سيارات إسعاف، وأخرى دفع رباعي، منها مركبة ستكون مرافقة لموكب غبطة البطريرك، مبينًا أن "تواجدهم سيكون في الساحة وداخل الكنيسة". وأشار إلى أن "عدد الطواقم يبلغ 18 ضابطًا و30 متطوعًا، إضافة إلى وحدة طبية متنقلة، ستكون في الساحة لمعالجة الإصابات الجماعية، مع وجود غرفة عمليات ميدانية في الساحة". وأكّد أن "غرفة عمليات مركزية ستكون في المقر الرئيسي، للتعامل مع الحالات الإنسانية خارج الاحتفالية، عبر تقديم الإسعاف ونقل المصابين إلى داخل وخارج المحافظة".
أرسل تعليقك