بغداد ـ نجلاء الطائي
أكَّد رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمَّار الحكيم، خلال حضوره لقدَّاس عيد الميلاد المجيد من كنسية ماكوركيس الكلدانيَّة في بغداد، أن "السيِّد المسيح ليس تاريخًا للقراءة، وإنما هو واقع يجب تجسيده وتطبيقه على أرض الواقع"، مشيرًا إلى أنه "لما كان مشروع المسيح عليه السلام للإنسان، لابد من أن تكون المرأة
حاضرة وكانت السيِّدة مريم العذراء بجانب السَّيد المسيح، كما كانت الزَّهراء بجانب محمد صلى الله عليه وسلم". وأضاف عمار الحكيم أن "المسيحيين في العراق ليسوا جزءًا طارئًا وإنما جزء أصيل متجذر في هذا البلد وعليكم أن تواجهوا هذا التطرف بالإصرار والبقاء في هذا البلد"، لافتا إلى أنه "في بعض الأحيان اسمع أن إخواننا المسيحيين يغادرون إلى خارج البلاد"، مشددا على "ضرورة أن يبقوا في هذا البلد وأن يكونوا حاضرين ويمارسوا طقوسهم بأكمل الأمور ونتعاون لكي نبني وطن نعيش فيه بوئام". ونفى البطريرك لويس ساكو، الأربعاء، تعرض كنيسة ماريوحنا في منطقة الدورة جنوبي بغداد لتفجير، مبينًا أن "صلاة القداس انتهت صباح الأربعاء، فيما دعا المؤسسات الإعلامية إلى توخي الحذر في نقل المعلومة".
وقال البطريرك ساكو، في حديث صحافي: إن المسحيين أنهوا صلاة القداس الأربعاء في تمام الساعة العاشرة صباحًا"، مبينًا أن "التفجير بسيارة مفخخة قرب سوق الآثوريين الذي يضم كنيسة ماريوحنا في حي الآثوريين في منطقة الدورة، جنوبي بغداد، لم يسفر عن إصابة أي مسيحي بأذى". وأضاف أن "أعداء العراق وشعبه يحاولون دائمًا بث أخبار مغلوطة من شأنها أن تثير المخاوف والرعب عند العراقيين بشكل عام وعند المسيحيين بشكل خاص"، داعيا المؤسسات الإعلامية إلى "توخي الحذر في نقل المعلومة ومحاولة تحصيلها من المصدر". وفي محافظة البصرة، استضافت كنيسة السريان الكاثوليك سوقا خيرية على مدى 3 أيام، نظمتها جمعية الكرمة الخيرية المسيحية، وخُصص عائدها لمساعدة العائلات المسيحية وأقليات أخرى في جنوب البلاد، فيما دقت أسواق كنائس بغداد في إشارة إلى بدء الاحتفال بأعياد الميلاد. وفي الموصل دقت أجراس الكنائس والأديرة، إيذانا ببدء الاحتفالات، لكن مراسم الاحتفالات غابت في الأحياء والأزقة والنوادي ذات الغالبية المسيحية، بسبب تردي الأوضاع الأمنية في مدينة الموصل. وبهذه المناسبة، دعا بطريرك الكلدان في العراق والعالم لويس رفائيل ساكو، الثلاثاء، المسلمين إلى "مشروع السلام، من أجل إيقاف العنف وتفعيل منطق الحوار والاستقرار والحرية والكرامة والعدالة في بلداننا التي تنهشها الصراعات".
وقال ساكو في رسالة إلى المسحيين في العراق لمناسبة ولادة السيد المسيح وأعياد الميلاد المجيد: "ها إنِّي اقرع بابَكم في عشيِّة عيدِ الميلاد المجيد، لأَقولَ لكم وسطَ ألمِكم وقَلقِكم والتحديّاتِ الجمّةِ التي تُواجهُكم (المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام)" وأضاف ساكو "إنِّي واثقٌ من إيمانِكم وصلاتِكم وصمودِكم. وأشكرُكم على ثباتكم، فإنكم لا تزالون تحملون بشجاعة قبسًا من الرجاء والنور والقوّةِ على مثال أبينا إبراهيم من آور الكلدانييّن. كان واحدًا، وأنتم كثر، وهو بثقته وصموده حتى النهاية غدا أبَ المؤمنين جميعًا". بالإضافة إلى ذلك ذكر رئيس جمعية الكرمة الخيرية فريد فرج، أن "عائدات السوق في البصرة، سوف تساهم في دعم الأسر الفقيرة". وقال "أُقيم هذا المعرض بسبب اقتراب أعياد الميلاد وبداية السنة الميلادية الجديدة. فارتأت الجمعية دعم عدد من العوائل الفقيرة والمتعففة في محافظة البصرة عن طريق ريع هذا السوق الخيري لتقديم عدد من الهدايا والمساعدات العينية والمادية لهذه العوائل". وضمّت السوق صورا دينية وهدايا وملابس ومكملات لزينة النساء وأطعمة ومشغولات يدوية.
وأضاف فرج "هذا السوق الخيري يضم عددا من الأعمال الفنية والأعمال اليدوية والمعجنات ولعب الأطفال والكتب التي تخص الأقليات الموجودة في البصرة. الأقليات الموجودة باختلاف أطيافهم وأديانهم وأعراقهم". ولاقت السوق الخيرية بكنيسة السريان الكاثوليك ترحيبا كبيرا. وقالت زائرة للسوق تدعى نضال الجميلي "الأشياء رغم بساطتها، إذا تلاحظون البساطة في الأعمال والبساطة في الأشياء المعروضة، إلا أنها تساهم نوعا ما في دعم العوائل الفقيرة خصوصا في هذه الفترة، نلاحظ الكثير من المنتجات الغذائية والإكسسوارات، لوحات فنية، وغيرها، كلها تساهم في دعم الفقراء". وكان عدد المسيحيين في العراق زهاء مليون و500 ألف شخص لكن العدد تراجع كثيرا منذ أعمال العنف الطائفية التي أعقبت الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003. ويعتقد أن عدد المسيحيين في العراق حاليا لا يزيد على 850 ألف شخص.
وعلى صعيد الاحتفالات في الموصل، قال القس أبلحد عدنان، من كنيسة العذراء: اكتفى المسيحيون بدق الأجراس الخافتة خجلا وحزنا على أرواح شهدائهم المسيحيين، وشهداء الإسلام الذين سقطوا ضحايا الأعمال المسلحة في الموصل، بحيث يعيش المسيحيون بأعداد كبيرة عن باقي المحافظات العراقية، وبعد إقامة الصلوات وترتيل الشعائر الدينية، عادت العائلات المسيحية إلى منازلها لتكتفي فقط بهذه الدقات بعيدة عن طقوس الأعياد التي غيبت عن الموصل منذ عام 2003. وقرعت أجراس الكنائس في الموصل بصوت خافت، على غير عادتها في مثل هذه المناسبة تعبيرا عن حالة الحزن الشديد التي تعيشها المدينة، بسبب الأوضاع الأمنية السيئة واتساع رقعة العنف ضد الأهالي".
ويقول البابا ميخائيل توما، من كنيسة مار كوركيس، شرق الموصل، بحسب وكالة الأنباء الألمانية "المسيحيون في الموصل ضحوا بالكثير من أبنائهم وقدموا شهداء من أبناء جلدتهم حتى غادروا مدينة الموصل متجهين نحو سهل نينوى هربا من الأعمال المسلحة التي أسقطت منذ عام 2003 وحتى الآن قرابة 400 قتيل، أغلبهم من رجال الدين". ويضيف المواطن المسيحي لويس جان 40 عاما، أدينا صلاة العيد ورتلنا الأشعار الدينية صباح اليوم في كنيسة الأرثوذكس، ونحن في غاية الخوف، رغم تواجد القوات الأمنية بالقرب من الأديرة المقدسة والكنائس في الموصل خشية وقوع هجمات مسلحة أو تفجيرات متتالية بمناسبة أعياد المسيح المجيدة.
وقال جان: العائلة طلبت البقاء في المنزل وعدم الذهاب إلى سهل نينوى أو إقليم كردستان، للمشاركة مع أقرانهم المسيحيين في أعياد الميلاد المجيدة، بسبب حزنهم على الضحايا الذين فقدتهم محافظة الموصل. واكتفى المسيحيون في الموصل بأداء الصلوات داخل الكنائس والأديرة والعودة مسرعين إلى منازلهم في ظل إجراءات أمنية مشددة.
ويقول الأب سعد إيشو: طلبنا من أبناء المسيح في مدينة الموصل عدم إقامة أية احتفالات، والاكتفاء بالصلاة لمشاركة أهالي الموصل أحزانهم، نتيجة ما يتعرضون له بجميع شرائحهم ومكوناتهم من أعمال عنف وقتل". وأعلن قائد عمليات الموصل الفريق الركن باسم الطائي، في تصريح صحافي، وجود انتشار أمني مكثف منذ فجر الأربعاء، أول أيام أعياد المسيح المجيدة، حرصا على أرواح المسيحيين والاستمرار باحتفالاتهم بعيدا عن الهجمات المسلحة. وأضاف "قامت الأجهزة الاستخباراتية بنشر قواتها من جيش وشرطة محلية واتحادية بالقرب من الأزقة التي يقطن بها المسيحيون في مدينة الموصل، ومنعت دخول الغرباء إلى هذه المناطق ومنحت للعائلات المسيحية بطاقات خاصة بسكان المناطق والزائرين لهم كإجراء أمني لحمايتهم".
أرسل تعليقك