الدوحة - رياض أحمد
أعلن نائب الرئيس العراقي الملاحق قضائياً طارق الهاشمي والمقيم في قطر، أنه بعث باستقالته أمس الثلاثاء إلى الرئيس جلال طالباني، مندداً "بالإجراءات الدموية التي اتخذتها حكومة الرئيس نوري المالكي ضد الشعب، خصوصاً العرب السنة". ودعا دول مجلس التعاون الخليجي إلى إعادة النظر في قراءة الوضع في العراق، كاشفاً عن
أنه "قدم إلى دول المنطقة معلومات عن خطط أعدت لضرب أمنها واستقرارها"، حاضاً الولايات المتحدة على عدم تسليح حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي التي قال إنها "تستخدم السلاح في قتل الشعب"، مطالباً اياها بـ وقف التغول والنفوذ الإيراني في العراق».
وقال الهاشمي في تصريح صحافي له في الدوحة نشر اليوم الاربعاء "أنا منتخب من مجلس النواب، وصدر مرسوم جمهوري بتعييني، وحتى هذه اللحظة لم يصدر مرسوم بتعيين شخص آخر، ولم يطلب رئيس الجمهورية إقالتي، وبالتالي أنا أتمتع بوضعي القانوني الطبيعي، وصحيح أنني لا أمارس مهماتي، لكن ما زالت صلاتي وعلاقاتي مع دول العالم بحكم منصبي".
وأضاف: "حان الوقت للاستقالة بعد ما حصل من الإجراءات الدموية التي قام بها المالكي وإلقاء القبض على النائب الشجاع أحمد العلواني واستخدام القوة المفرطة في قمع المتظاهرين السلميين، ولا بد من إشارة تضامن مع أهلنا في الأنبار، ولذلك وجدت أنه لم يعد هناك مبرر للاحتفاظ بالمنصب، وسأقدم الاستقالة بشكل رسمي من خلال القنوات الرسمية إلى ديوان رئاسة الجمهورية.
وأكد أن "لا رجعة عن الاستقالة بالتأكيد، كنت أفكر بها منذ زمن، لكن بودي أن أختار الوقت المناسب لتقديمها، وهناك قضيتان وراء الاستقالة الآن، الأولى اعتراضي على نهج سياسات نوري المالكي، وثانياً استخدام القوة العسكرية في الأنبار من دون مبرر للتعامل مع متظاهرين سلميين مطالبهم مشروعة ودستورية، فلماذا استخدمت القوة العسكرية؟".
وتابع: "اليوم لم يبق هناك مغزى للبقاء في السلطة طالما أن نوري المالكي اختطف العملية السياسية، وهمش شركاءه السياسيين كافة، وأصبح بالتالي هو الحاكم الآمر وعلى الآخرين أن يسمعوا ويطيعوا، لم تعد هناك أهمية للمنصب الحكومي أيا كان هذا المنصب".
واعتبر أن "العراق خرج من سكة الدولة المدنية إلى الدولة الدينية المذهبية الحزبية الطائفية والعقبة الأساسية التي تواجهنا اليوم هي حكومة نوري المالكي والنفوذ غير المسبوق لإيران، لكن مع ذلك أعتقد بأن هناك الكثير من أصوات المعارضة، سواء داخل التحالف الشيعي أو داخل التيار الليبرالي أو في التيار الإسلامي، والكثير من العناصر الوطنية التي تستطيع أن تتحمل مسؤولية إجراء التغيير، وبالتالي كل فرص التغيير بإطاحة المالكي سلمياً من دون اللجوء إلى العنف قائمة، لكن هذا التيار الوطني في حاجة إلى دعم عربي ودولي".
ووجه دعوة إلى دول مجلس التعاون الخليجي وعلى وجه الخصوص السعودية، "التي بإمكانها في حقيقة الأمر، حفاظاً على أمنها الداخلي وحفاظاً على سيادتها ولمنع التدخل في شؤونها الداخلية، أن تعيد النظر في علاقتها مع حكومة المالكي، وتعيد النظر إلى نظرتها للمشهد العراقي، وبالتالي لا بد من مقاربة جديدة تعمل على إعادة ترتيب الأوراق في الداخل العراقي، ليس من أجل إسعاد الشعب واستقراره وسيادته، وانما من أجل الحفاظ على أمن دول مجلس التعاون الخليجي وسيادتها".
وأكد أنه نبه منذ سنوات إلى هذه المسألة، وقدم معلومات كاملة إلى دول، وعلى وجه الخصوص إلى السعودية والبحرين ودول خليجية أخرى مفادها أن حكومة نوري المالكي والأجهزة المخابراتية بالتنسيق مع إيران تعمل اليوم على استقطاب شباب من الشيعة في هذه الدول، من أجل تدريبهم وتأهيلهم ليكونوا عناصر للتخريب وزعزعة الأمن والاستقرار في هذه الدول الخليجية، وقال : "أنا لم أتوانَ، بل كشفت كل هذه المعلومات، وقدمت بالأسماء وتواريخ جوازات السفر وأرقامها (معلومات) عن تلك المسائل، لكن يؤسفني أن "ردة الفعل كانت محزنة وبائسة ولا ترقى إلى التهديد الذي ثبت الآن، وهو أن نوري المالكي يعمل فعلاً بشكل جاد ضد أمن دول الخليج، وهو يستثمر الغفلة الخليجية والعربية التي لم تتعامل مع المشهد العراقي كما يستحق، وهذه الجرأة انكشفت يوم أمس في تلك الباخرة التي تنقل أسلحة إلى معارضين في البحرين، فماذا يعني ذلك؟ إنها عربدة أمنية من قبل حكومة نوري المالكي وتجاوز غير مسبوق على دول مجلس التعاون الخليجي، ما كان ذلك سيحصل لو أخذت الدول العربية الخليجية بمبادرتنا واستمعت إلى نصيحتنا في وقت سابق واتخذت تدابير وإجراءات كفيلة بالحد من تحول العراق اليوم إلى عبء على الأمن العربي بعد أن كان ظهيراً للأمن القومي العربي".
وطالب الهاشمي الرئيس باراك أوباما "بعدم إغلاق ملف العراق وأقول له "إن المهمة لم تكتمل، إلا إذا كان الهدف الأميركي من غزو العراق عام 2003 مجرد إحداث الفوضى الحالية وتسليم مفاتيح بلدي إلى إيران التي تكنّ حقداً تاريخياً للعراق وشعبه. أنا أقول لأوباما بمنتهى الصراحة: عليك أن تكمل المهمة التي بدأها خطأً سلفك السابق جورج بوش، وإذا كانت هناك أخطاء وإذا لم تكن الأجندة الأميركية تدمير العراق وتسليمه الى ايران، واذا لم تتضمن الخطة هذا الهدف السيئ الضار بسيادة بلدي، فانه حان الوقت لك أن تسجل إرثاً جديداً في إصلاح واقع الأمر في العراق، وأن تعدِّل كل هذه الأخطاء التي ارتكبتها الإدارة السابقة".
ولفت الهاشمي في هذا الإطار إلى أن "نوري المالكي يعتبر العرب السنة إرهابيين، وعلى هذا الأساس فإن هذه الأسلحة ستستخدم لقتل أبناء الشعب العراقي، وعلى وجه الخصوص العرب السنة، وهذه الرسالة أوجهها أيضاً إلى الرئيس الروسي بوتين، وأقول احذروا تجييش حكومة نوري المالكي بأي أسلحة فتاكة لأنها تستخدم لقتل الشعب العراقي".
وسئل عن مواقف أعلنها الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر تجاه ما يجري في العراق، وهل توجد بينهما اتصالات، فقال "أنا اقدر تصريحاته، وهي تعبر عن قراءة موضوعية لنهج نوري المالكي الذيي يحاول أن يقدم نفسه كمنقذ للشيعة وبالتالي يستهدف اليوم السنة ويقتلهم من أجل أصوات الشيعة، لكن هذه اللعبة اكتشفها السيد مقتدى الصدر".
أرسل تعليقك