تونس ـ أزهار الجربوعي
يَنظُر المجلس الوطني التأسيسي التونسي، اليوم الثلاثاء، في تركيبة مجلس الهيئة العليا المستقلة للإشراف على الانتخابات، حيث من المنتظر أن تنتخب الجلسة العامة أعضاءه التسعة، يأتي ذلك بعد أن استكمل نواب التأسيسي المصادقة على 36 فصلا من إجمالي 146 فصلا من مشروع الدستور، بما فيها البند 21 الذي يقر عقوبة
الإعدام في حالات قصوى، في حين حذّر ائتلاف الجبهة الشعبية المعارض من سعي حركة النهضة الإسلامية الحاكمة إلى تبني دولية "إخوانية استبدادية"، مندّدًا بما وصفه "تكفير النائب عن النهضة المنجي اللوز لزميله عن الجبهة الشعبية المنجي الرحوي إثر خلاف بشأن الفصل الأول من الدستور".
وقرّر المجلس الوطني التأسيسي التونسي تأجيل الجلسة العامة المقررة لانتخاب أعضاء مجلس هيئة الانتخابات التسعة إلى اليوم الثلاثاء، بعد أن كانت مقررة الأحد الماضي، بعد أن تم تأجيلها بسبب خلافات وانقسامات حادة بين النواب بشأن مبدأ مدنية الدولة وتعارضه مع الفصل الأول من الدستور، الذي ينص على أن الإسلام دين الدولة.
وصادق المجلس الوطني التأسيسي على 36 فصلاً من الدستور من جملة 146 منذ انطلاق النقاش العامِّ بشأنه، والذي أثار جدلاً واسعًا بين التيارات المدنية والسياسية المتباينة في البلاد.
وأقرّ نواب المجلس الوطني التأسيسي عقوبة الإعدام من خلال مصادقتهم على الفصل الـ 21 من باب الحقوق و الحريات في مشروع الدستور، الذي ينص على أن "الحق في الحياة مقدس لا يجوز المساس به إلا في حالات قصوى يضبطها القانون".
وتمَّت المصادقة على هذا الفصل بـتأييد 135 صوتًا وتحفظ 11 و رفض 28، كما أقر نواب المجلس التأسيسي التونسي أن جريمة التعذيب لا تسقط بالتقادم.
وتعقيبًا على مداولات مناقشة الدستور التونسي والتعطل والانقسامات التي حفّت به، اتهمت الجبهة الشعبية المعارضة (ائتلاف يساري) عددًا من نوّاب حركة "النّهضة" الإسلامية الحاكمة بـ"عدم الجديّة" في احترام التوافقات واحترام إرادة الشعب التونسي الّذي ثار ضدّ الاستبداد من أجل إقامة دولة مدنيّة، ديمقراطيّة تكفل له حرّيته وحقوقه الأساسيّة كما تكفل المساواة بين أفراده".
وندّدت الجبهة الشعبية بتصريحات القيادي في حركة النّهضة والنّائب عنها في المجلس الوطني التّأسيسي حبيب اللّوز من "تكفير للقيادي في الجبهة الشّعبيّة والنّائب عن حزب الوطنيّين الدّيمقراطيّين الموحّد منجي الرّحوي".
واعتبرت الجبهة أن ما صدر عن اللوز ينطوي على "تحريض ضمني ضد الرحوي لأنّه دافع عن مبدأ مدنيّة الدّولة وديمقراطيّتها دون المساس بعقيدة الشّعب"، محذرة مما وصفته بـ"الحنين إلى إقامة دولة "إخوانيّة" استبداديّة تُغرق البلاد في ظلمات عصور الانحطاط".
ودَعَت الجبهة الشعبية "كلّ القوى الدّيمقراطيّة" بقطع النّظر عن خلافاتها الفكريّة والسياسيّة إلى التّجنّد من أجل أن يكون دستور تونس الجديد دستورًا ديمقراطيّا يكرّس أهداف الثّورة، محذرة من التّسريع بالدّستور على حساب مضامينه بذريعة تلازم المسارات وربط استقالة الحكومة بالانتهاء من الدّستور، وذلك خلافًا لما نصّت عليه خارطة الطّريق.
ورفَعَت مداولات المجلس الوطني التأسيسي في نقاشه العام بشأن الدستور منسوب الاحتقان والانقسام من جديد بين القوى السياسية في تونس، بعد أن ظن الرأي العام أن جلسات الحوار الوطني ومقررات لجنة التوافق على الدستور قد تكون كفيلة بوضع حد لإنشقاق الصف التونسي، إلا أن مناقشة الدستور كشفت النقاب عن تواصل حالة الانقسام وانعدام مناخ الثقة بين الفرقاء السياسيين في تونس، الذي يعتبر السمة الأبرز لمرحلة الانتقال الديمقراطي، والتي يأمل التونسيون إلى الخروج منها بأخف الأضرار وبدستور توافقي وانتخابات تقطع مع مرحلة "الموقت"، وتؤسس لمؤسسات دستورية وتشريعية دائمة تحمي الحقوق والحريات، وتقطع مع الاستبداد والتطرف.
أرسل تعليقك