غزة – محمد حبيب
غزة – محمد حبيب
قرّر الرئيس الفلسطيني محمود عباس إجراء تغييرات في قيادة الأجهزة الأمنية، وذلك في ضوء إمكان فشل محادثات السلام مع الكيان الإسرائيلي، برعاية وزير الخارجية الأميركي جون كيري، واستعدادًا لإحداث اختراق على صعيد المصالحة الوطنية مع حركة "حماس" التي تسيطر على قطاع غزة.
وأكّدت مصادر أمنية فلسطينية مطلعة أنَّ
"التغييرات على قيادة الأجهزة الأمنية تأتي في إطار المساعي لإنجاز المصالحة وتنفيذ اتفاق القاهرة، والذي يشمل إعادة هيكل الأجهزة الأمنية، ودمج الأجهزة الأمنية العاملة في غزة ضمن تلك الأجهزة العاملة في الضفة الغربية، والمتمثلة بالمخابرات العامة، والأمن الوطني، والأمن الداخلي، الذي يتبع له جهاز الشرطة وجهاز الأمن الوقائي، والذي تمّ حلّه في غزة من طرف حماس، في حين واصل ذلك الجهاز عمله في الضفة الغربية".
وألمحت المصادر إلى أنَّ "هناك قرارًا في مؤسسة الرئاسة الفلسطينية بإجراء تغييرات جوهرية في رئاسة المخابرات العامة والإستخبارات العسكرية والأمن الوقائي، استعدادًا للمرحلة المقبلة"، مشيرة إلى أنَّ "عباس قرّر ترقية رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، وتعيينه رئيسًا للأمن القومي الفلسطيني على مستوى الوطن، أي على مستوى الضفة الغربية وقطاع غزة، الخاضع لسيطرة حماس".
وأضافت أنَّ "قرار تعيين فرج رئيسًا للأمن القومي يأتي في إطار إعادة ترتيب قيادة الأجهزة الأمنية، وتحصينها، للمرحلة المقبلة التي قد تشهد حدوث اختراق على صعيد المصالحة، لاسيما في ضوء إمكان فشل محادثات السلام، وعدم مقدرة واشنطن على إلزام الكيان الإسرائيلي باتفاق إطار، يؤدي إلى إنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967".
ولفتت المصادر إلى أنَّه "سيتم تعيين نائب مدير الأمن الوقائي في الضفة الغربية زكريا مصلح رئيسًا للجهاز، عوضًا عن اللواء زياد هب الريح، فيما يُدرس مستقبل مدير عام الشرطة اللواء حازم عطالله، وإمكان توليه منصبًا عسكريًا، أو أنَّ يعين وزيرًا للداخلية، خلفًا لسعيد أبو علي، إذا ما جرى أيّ تشكيل لحكومة من المستقلين، برئاسة عباس وفق إعلان الدوحة، بغية إتمام المصالحة، أو أن يتولى تلك الحقيبة، إذا ما شهدت حكومة الدكتور رامي الحمدالله أي تعديل وزاري مرتقب".
وسيعين اللواء أكرم الرجوب مديرًا لجهاز الإستخبارات العسكرية، التي كان يتولاها اللواء نضال أبو دخان، قبل أن يكلف بقيادة الأمن الوطني الفلسطيني.
وكان عباس قد عيّن اللواء إسماعيل فرّاج رئيساً لهيئة القضاء العسكري، والعميد إبراهيم الجزر مديراً عاماً للضابطة الجمركية، عوضًا عن المدير السابق غالب ديوان.
في سياق متصل، نفى عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، مسؤول ملف المصالحة، عزام الأحمد أنَّ يكون معنى الاتصالات المباشرة بين حركتي "فتح" و"حماس" أنَّ "مصر لم تعد الراعية لملف المصالحة الوطنية"، مؤكدًا أنَّ "التنسيق بين القيادة الفلسطينية ومصر لا يتوقف، سواء بشأن المصالحة، أو قطاع غزة".
وأشار الأحمد، في تصريحات صحافية، الخميس، إلى أنَّ "مصر هي التي تتولى رعاية ملف المصالحة الوطنية"، موضحًا أنَّ "ما تسعى القيادة الفلسطينية لتنفيذه بهذا الشأن هي بالضبط النقاط التي تمّ التوصل إليها برعاية مصرية، دون إضافة أيّ عناصر جديدة".
وأوضح الأحمد أنَّ "آخر اتصال أجراه مع رئيس حكومة حماس إسماعيل هنية في غزة كان مساء السبت الماضي، بعد عشرة أيام من اتصال أجراه هنية مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس"، مشيرًا إلى أنه "أبلغ هنية بأنه له لا يوجد أيّ داع لمناقشة مسائل سبقت مناقشتها والاتفاق عليها بإشراف مصري"، وأضاف أنَّ "هنية أبلغه بأن حماس في حاجة إلى مزيد من الوقت، بغية التشاور فيما بينهم في الداخل والخارج".
وأبدى الأحمد رغبته في معرفة ما إذا كانت "حماس" جاهزة لتنفيذ اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة، مؤكدًا أنه "في حال استعدادها لذلك فسيتوجه على الفور إلى قطاع غزة"، معربًا عن أمله في إسراع حماس بالإعلان عن ردها النهائي، بغية إنهاء هذا الفصل المأساوي في تاريخ الشعب الفلسطيني.
ولفت الأحمد إلى أنَّ "الإجابة المطلوبة من قيادات حماس هي أن يبدوا استعدادهم لإعلان تشكيل حكومة توافق وطني، وإعلان موعد الانتخابات بعد ستة أشهر، أو تخويل الرئيس الفلسطيني بتحديد موعد الانتخابات"، مبيّنًا أنَّ "حركة حماس تتفق مع فتح فيما يتعلق بالتمسك بالرعاية المصرية لملف المصالحة الوطنية".
واعتبر أنّه "بعد تشكيل حكومة التوافق الوطني ستصبح الحاجة للدور المصري أكبر، حتى يتسنى للفلسطينيين ترجمة ما تمّ الاتفاق عليه على الورق على أرض الواقع، سواء في المجال الأمني أو في مجالات إعادة بناء المؤسسات وتوحيدها"، متوقعًا أنَّ "تكون المرحلة المقبلة أصعب، حيث يحتاج تنفيذ المتفق عليه إلى تواجد مصر في الضفة الغربية وغزة، لتتولى رعاية تنفيذ الاتفاق".
وشدّد الأحمد على أنه "لا مستقبل لقطاع غزة أو القضية الفلسطينية إذا استمر الانقسام، وأنه يجب البحث عن كل السبل لإنهاء هذا الانقسام البغيض"، موضحًا أنَّ "التنسيق بين القيادة الفلسطينية ومصر بشأن القطاع لا يتوقف"، لافتًا إلى أنَّ "مصر الآن في استراحة محارب، بغية ترتيب وضعها الداخلي، ونحن في أمس الحاجة إلى هذا الترتيب، حتى تكون مصر أكثر قدرة على التأثير"، معتبرًا أنَّ "ثورة 30 يونيو كانت بمثابة زلزال صنعه الشعب المصري، سيكون الارتداد الإيجابي الأول له داخل فلسطين".
وبشأن أزمة معبر رفح البري، أكّد الأحمد أنَّ "أيّ حل جذري لهذه الأزمة مرتبط مع إنهاء الانقسام"، وأضاف "نحن لا نقبل تحوّل المعبر إلى أزمة فلسطينية مصرية، أو أنَّ ترمي إسرائيل بهموم غزة على مصر"، مشيرًا إلى أنَّ "المعبر يشكل جزءًا من المشاورات اليومية مع القيادة المصرية.
وعن مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية، بيّن الأحمد أنَّ "اللجنة المركزية لحركة فتح اتخذت، قبل نحو إسبوعين، قرارًا بعدم تمديد للمفاوضات بعد انتهاء مهلة التسعة أشهر، المقررة في نيسان/أبريل المقبل، وتمّ التأكيد على القرار نفسه قبل أيام في اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية"، مؤكّدًا أنَّ "الجانب الفلسطيني سمع فقط بخطة وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ولم يتسلمها حتى الآن رسميًا، لكن ما تمّ سماعه كاف لرفض الخطة، سواء فيما يتعلق بالقدس، أو اللاجئين، أو تواجد إسرائيل في منطقة غور الأردن".
وأضاف أنَّ "اللجنة السياسية المنبثقة عن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية كلّفت، قبل أيام، بوضع خطة للتوجه إلى مؤسسات الأمم المتحدة، إذا انتهت مدة التسعة أشهر، دون التوصل إلى حل مع الجانب الإسرائيلي، أو حتى قبل انتهاء هذه المدة، في حال أخلّت إسرائيل باتفاق تحرير أسرى ما قبل أوسلو، الذين حدّدتهم القيادة الفلسطينية، ومن المقرر الإفراج عن الدفعة الرابعة والأخيرة منهم في آذار/مارس المقبل".
وتابع "الإجراءات التحضيرية لملفات التقدم لمؤسسات الأمم المتحدة المختلفة، ومواثيقها، ليست أوراقًا فقط، بل تستلزم تحضيرًا على المستوى العربي والدولي، فضلاً عن الشارع الفلسطيني، الذي يجب أن يكون مهيئًا ، لأننا واثقين أنَّ بدء الذهاب لمؤسسات الأمم المتحدة سيعني أنَّ إسرائيل ربما تدفع الأمور في اتجاه انهيار السلطة، ولن نكون اسفين على انهيارها بعد أنَّ أصبحنا دولة معترف بها في الأمم المتحدة".
وفي ختام حديثه تطرق الأحمد إلى الشأن الداخلي لحركة "فتح"، معتبرًا أنه "من الطبيعي وجود اختلافات أو تباين في وجهات النظر بين مختلف أعضاء الحركة، وإلا لن تكون تستحق البقاء"، موضحًا أنه "توجد خلافات في الاجتهاد في إطار وحدة الحركة، وليس صراعات كما تردد بعض الأصوات، فهي ليست حزبًا، بل حركة وطنية للشعب الفلسطيني".
وبشأن رؤيته لقضية القيادي السابق في حركة "فتح" محمد دحلان، المتهم بالتحريض ضد السلطة الفلسطينية، بصفته رئيسًا للجنة التحقيق، أكّد الأحمد أنّه "يمكن لأي شخص داخل حزب أو تنظيم أنَّ يخطئ، ويخضع للتحقيق، لقد وجهت بعض الاتهامات لدحلان وخضع للتحقيق أكثر من مرة، ونحن أنهينا عملنا كلجنة تحقيق، وبالنسبة لنا هو متهم، وليس مدانًا، لأننا لم نستمع إليه، وأتمنى أن يأتي، ويتمكن من ضحد الاتهامات التي وجهت إليه".
أرسل تعليقك