بيروت - رياض شومان
تنهي الازمة الحكومية في لبنان اليوم الاربعاء شهرها العاشر وسط خلاف سياسي عميق ينذر بمضاعفات خطيرة تتداولها الاوساط السياسية في البلاد.
ولذا يبدو ان قيام الحكومة الجامعة التي كانت الاستعدادات الناشطة لاستقبالها اليوم بعد عشرة أشهر على تكليف الرئيس تمام سلام بشبه اجماع، وهو أعلى رقم قياسي في تاريخ الازمات الحكومية في لبنان، قد
اصطدم بموانع قاهرة أدخل الازمة فعلا في عنق الزجاجة، بما بات يملي توقع خطوات وخيارات دراماتيكية في الساعات المقبلة.
رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون الذي بدا في الظاهر انه هو المعرقل للتشكيل تحت حجج التمثيل المسيحي و توزيع الحقائب السيادية، حمل بشدة على مجريات عملية تشكيل الحكومة باعتبار انها "حذفت القوة البرلمانية المسيحية الاولى ، قائلا "وداعا ايتها الشركة الوطنية". كما حَمَل عون على "تقييد التأليف بشرط المداورة المختلق"، محذراً من حكومة "منزوعة الشرعية والميثاقية والدستورية"، ملمحاً الى ان "ذلك قد يواجه برفض كتل نيابية أساسية مثل هذه الممارسات المستحدثة، فتصبح اي حكومة مؤلفة في ظلها حكومة مناقضة لميثاق العيش المشترك"، ليختم محذرا من "العبث بالثوابت والمسلمات الوطنية".
ورغم ذلك واصل الرئيس المكلف تمام سلام تنسيقه مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان لاعلان حكومة في اسرع وقت ، و سينصرف اليوم الى اجراء عملية جوجلة في مشروع التشكيلة الحكومية من حيث الاسماء والحقائب واجراء الاتصالات اللازمة مع جميع القوى المعنية تمهيداً للصعود الى قصر بعبدا لعرضها على رئيس الجمهورية ميشال سليمان، ومن ثم وبعد الاتفاق عليها يطلع رئيس مجلس النواب نبيه بري عليها من اجل اعلانها. ورجحت المصادر في حال عدم اكتمال التحضير للتشكيلة الجديدة اليوم ان يتم ذلك غدا الخميس.
وفي معلومات صحافية من المتابعين للمأزق الحكومي، فان احتمال انسحاب وزراء 8 آذار من التشكيلة الحكومية المرتقبة، وضع فعلا في خانة الاحتمالات التي يفترض التحسب لها ورسم سيناريو سلفا لمواجهته. وفي رأي هؤلاء المتابعين، فان خروج وزراء 8 آذار من الحكومة ورفضهم تسلم حقائبهم سيعنيان اجهاض واقع تحول الحكومة بعد ولادتها الى حكومة تصريف اعمال لان وزارات عدة ستشغر في مثل هذه الحال. وأفاد هؤلاء، أن ثمة سيناريو يقول إنه في حال خروج وزراء كتل 8 آذار من الحكومة الجديدة فور اعلان مراسيم تشكيلها، سيعمد الرئيس سلام في اليوم التالي الى اعلان استقالته على قاعدة انه قام بكل ما يمكن القيام به ولن يتراجع امام واجب تشكيل الحكومة، وعندها يضع الجميع في مواجهة أمر واقع حقيقي تتحمله الجهات التي أجهضت الحكومة الجديدة. ويستتبع ذلك بطبيعة الحال اجراء استشارات جديدة لتكليف شخصية اخرى تشكيل الحكومة.
وسط هذا المناخ، قال الرئيس نبيه بري امام زواره امس: "انا لن أفعل شيئاً الآن لانني خدمت عسكريتي كما قلت والتزمت الصمت".
وكشف انه أبلغ الرئيس المكلف هذا الموقف في لقائهما الاحد الماضي. واقترح عليه الاتصال بالافرقاء والمتابعة معهم بغية حلحلة العراقيل.
ورد عليه سلام: "انا من جهتي بذلت الكثير من الجهد ولا أعرف ما هو سبب هذه العراقيل".
وسئل بري امام هذه الطريق المسدودة هل تتحرك من جديد؟ فأجاب: "انا ما زلت متمسكا بالاتفاق والصيغة التي أعلنت 8-8-8 زائد المداورة".
وسئل اذا تألفت الحكومة وخرج منها العماد عون و"حزب الله" ما هو موقفك؟ فأجاب: "لن أرد الآن على مثل هذا السؤال لأنني أتطلع أولاً الى تركيبة الحكومة وأنظر الى ميثاقيتها لأحدد موقفي النهائي منها. وقبل ان تتألف لن أعلق عليها، علما ان موقفي ثابت ومعروف من الميثاقية.
من جهته ، رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع رأى أن "ما وصلنا اليه هو مهزلة ومأساة بحق الشعب اللبناني الذي يموت يومياً على الطرق وهو يسعى الى رزقه وسط صعوبات يواجهها الاقتصاد والادارات والوضع المعيشي والامني.
وأضاف : لقد قلت منذ اللحظة الاولى قبل عشرة اشهر ان الحل هو الاتيان بحكومة حيادية من خارج 8 و14 آذار وعلى رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف ممارسة صلاحياتهما الدستورية والبدء فوراً بتشكيل هذه الحكومة. ان هذه الصلاحيات يجري قضمها من المجموعات السياسية المختلفة، لذلك على الرئيسين ممارستها وفقا لقناعاتهما وضميرهما اليوم قبل الغد وقيامهما بتأليف حكومة تهتم بأمور الناس وقضاياهم المعيشية بانتظار حل القضايا الاستراتيجية. لكن ما هو حاصل الآن هو في منتهى البشاعة بحق لبنان وعلى الرئيسين العمل وفق الحد الادنى من صلاحياتهما وهما غير مسؤولين عن رد فعل من أي كان لأن المسؤولية تقع على من يقوم برد الفعل. لذا أتمنى أن يقدما على تأليف حكومة حيادية وليحجب الثقة عنها من يريد ان يحجبها وليعطها الثقة من يريد اعطاءها".
أرسل تعليقك