القاهرة ـ محمد الدوي
اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي أن أهم التطورات السياسية في عالمنا العربي، وهي القضية المركزية التي أمام العالم العربي منذ ستة قرون وهي القضية الفلسطينية، حتى الآن للأسف الشديد لم يتم إحراز تقدم ملموس في المحادثات التي تمت تحت إشراف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، ومن المتوقع أن يتم تقديم
أطروحات لم نتطلع عليها حتى الآن، وكما تعلمون فإن الهدف المتفق عليه من عقد هذه المباحثات منذ البداية هو تحقيق السلام الشامل والعادل، وذلك بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي خلال فترة زمنية تحددت بتسعة شهور والعمل على أن تنسحب إسرائيل خلال هذه الفترة إلى حدود 67 وتقوم الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
وقال في كلمة له الخميس في افتتاح اعمال المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي : نعلم جميعاً أن إسرائيل تسعى دائماً لكسب الوقت لخلق واقع جديد فعنصر الوقت هو دائماً هدف استراتيجي لإسرائيل.
وتحدث العربي عن المأساة السورية، فقال: تابع الجميع اجتماع جنيف (2) الذي عقد في 22 يناير 2014، والذي لا زالت مفاوضاته مستمرة، وكان الهدف من هذا الاجتماع ولا زال أمران وهو تنفيذ ما اتفق عليه في جنيف (1) من العام الماضي، وبدء مرحلة انتقالية، والثاني تشكيل حكومة بصلاحيات كبيرة يتفق على تشكيلها بين الحكومة والمعارضة وتكون لها صلاحيات كاملة. وحتى الآن ما زالت المشاورات والتطورات مستمرة، المعارضة تصر على أن نبدأ في تشكيل الحكومة الانتقالية والحكومة تصر على أن تبدأ المفاوضات بما يطلق عليه "مكافحة الإرهاب". وللأسف ما زالت المفاوضات لم تؤد الغرض منها. ولكن ما يهم الجميع هو ضرورة وقف القتال، وضرورة ايصال المساعدات الإنسانية للشعب السوري وبأسرع ما يمكن، وأعرب عن اعتقاده في أن هناك مجهودات دولية في مجلس الامن لبحث هذا الموضوع، وقال ان جميع الاتصالات التي تقوم بها الأمانة العامة للجامعة العربية حول المأساة في سوريا تركز الآن على أهمية تحقيق ذلك، وعلى أهمية إنهاء المعاناة الانسانية التي يعاني منها السوريين.
واشار العربي الى أن الأوضاع تزداد سوءاً في بعض الدول العربية الأخرى، ورغم الجهود التي تبذلها جامعة الدول العربية ومجالسها الوزارية وفي مقدمتها مجالس وزراء الصحة والشؤون الاجتماعية والشباب والرياضة العرب، وما تقوم به من تنسيق مع منظمات الأمم المتحدة وغيرها من الجهات الفاعلة، إلا أننا في حاجة ماسة وعاجلة لتنسيق كافة هذه الجهود، ولا يخفى عليكم أيضاً أن هناك اوضاعاً انسانية سيئة في بعض الدول الأخرى مثل السودان وموريتانيا وجيبوتي وجزر القمر والذي تتطلب تضافر الجهود العربية لمساعدة هذه الدول للتخفيف من حدة الصعوبات التي تواجهها.
وفي إطار تفعيل الشؤون الإنسانية والإغاثية في المنطقة العربية وضعت الأمانة العامة على مشروع جدول أعمال القمة العربية في دورته الخامسة والعشرين المقبلة في مارس/ آذار المقبل في دولة الكويت موضوع إنشاء آلية تنسيق عربية مشتركة للشؤون الإنسانية والإغاثية في المنطقة العربية، وذلك انطلاقاً من أن الدعم الإنساني المتكامل الذي يتطلب تدخلات اجتماعية بالإضافة إلى التدخلات الإغاثية للتخفيف من الآثار الناجمة عن تأثيرات النزاعات وأثار الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية، وهنا يأتي الدور الرئيسي لهذه الآلية للتنسيق بين مختلف الجهات المعنية عربياً ودولياً بما يمكن من إيصال المساعدات المطلوبة للأشخاص المتأثرين بشكل سريع وعبر آلية فاعلة، وأرجو أن يلقى هذا الموضوع الاهتمام الكافي من مجلسكم الموقر تمهيداً لرفعه للقمة في صورته المتكاملة حتى يتسنى اتخاذ القرار وأخذ الدعم اللازم على مستوى القادة العرب.
وبخصوص هذه الآلية، أود أن أشير إلى أن الأمم المتحدة وبعد سنوات من التجربة أنشأت آلية أسمها "الأوتشا" وهي تستطيع أن تتخطى العقبات الأولية لما يمكن أن يطلق عليها باللغة الإنجليزية Fast Track لإيصال المساعدات الإنسانية بأقرب فرصة ممكنة.
ورحب العربي برؤساء المنظمات والمؤسسات العربية في بيت العرب في بدء أعمال هذه الدورة الثالثة بعد التسعين (93) للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التي تأتي بعد الدورة الاستثنائية الناجحة التي انعقدت في الخرطوم يومي 19 و20 يناير 2014 والتي تناولت مبادرة فخامة رئيس جمهورية السودان لتحقيق الأمن الغذائي وسد الفجوة الغذائية بالاستثمار الزراعي في السودان. ويسرني أن أهنيء الجمهورية الإسلامية الموريتانية برئاستها لهذه الدورة متمنياً لها كل التوفيق والسداد لمعالي الوزير في إدارة دفة العمل الاقتصادي والاجتماعي العربي خلال ترأسه للمجلس. كما أتوجه بالشكر والتقدير للمملكة المغربية على رئاستها الناجحة للدورة السابقة للمجلس والتي قادتها كما نعلم بكل كفاءة واقتدار.
وأضاف أنه لقد توسعت مهام المجلس الاقتصادي والاجتماعي، منذ إقرار دورية القمم التنموية، وأصبح يضطلع بدور رئيسي في تطوير العمل الاقتصادي والاجتماعي العربي، ومتابعة تنفيذ المشاريع الكبرى للتكامل بين الدول العربية في عدد من المجالات الحيوية كالنقل والاتصالات والطاقة والأمن الغذائي والمشاريع التنموية للألفية وغيرها.
كذلك زادت وتعاظمت مسؤولياتنا جميعاً في مجال تطوير مجتمعاتنا العربية عقب التغيرات التي حدثت في بعض الدول العربية وما نجم عنها من مطالب شعبية للإسراع في إصلاح أوضاعها وتنمية اقتصادياتها وتحسين أوضاع معيشة المواطنين.
وفي هذا الإطار، أود الإشارة إلى أنني قمت بتوجيه خطابات للسادة الوزراء المعنيين بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي للتأكيد على أهمية دور المجلس كأحد الأجهزة الرئيسية لجامعة الدول العربية، وطلبت موافاة الأمانة العامة بملاحظات ومرئيات السادة الوزراء بشأن آليات رفع مستوى أداء المجلس، وتفعيل المشاركة في أعماله، وتمكينه من الاضطلاع بالدور الرئيسي لقيادة العمل الاقتصادي والاجتماعي العربي المشترك. وهذا يقتضي بالطبع ضرورة تنفيذ القرارات التي يصدرها المجلس.
وبالإشارة إلى القرار الصادر بشأن فريق العمل الخاص بتطوير العمل الاقتصادي والاجتماعي العربي المشترك والذي جاء في إطار تطوير منظومة العمل العربي المشترك، وفي ضوء ملاحظات ومرئيات الدول العربية والمنظمات العربية المتخصصة في هذا الشأن، أود الإفادة بأن تقارير وتوصيات فريق العمل الخاص بالتطوير سوف ترفع إلى القمة العربية في دورتها القادمة.
ويفرض استحقاق عام 2014 على الدول العربية الأعضاء في منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى معالجة قواعد المنشأ العربية التى من شأنها العمل على تيسير وانسياب التبادل التجاري بين الدول العربية الأعضاء، وإتمام كافة المتطلبات اللازمة لإطلاق الاتحاد الجمركي العربي. وفي ذات السياق، اتخذت الأمانة العامة للجامعة عدة إجراءات بشأن موضوع الاستثمار في الدول العربية تنفيذا لقرار القمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية رقم (30) الخاص بالموافقة على الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية المعدلة وسيتم تناولها بالتفصيل في البند المخصص لذلك. بما في ذلك موضوعات أخرى متعلقة بالازدواج الضريبي.
واضاف العربي: لقد شهدت المنطقة العربية مؤخراً من الظواهر الجوية المرتبطة بالتغيرات المناخية ما يحتم علينا الارتقاء بمستوى المرافق العربية للأرصاد الجوية والمناخ في ضوء ازدياد أهمية دورها في خدمة الملاحة الجوية والبحرية والنقل البري والخدمات الداعمة للقطاعات الاجتماعية والاقتصادية مع ما تمثله من دور حيوي في رصد العناصر الجوية وإصدار التحذيرات والإنذارات المبكرة.
وفي نفس السياق، ينبغي إعطاء عناية خاصة لموضوع تدهور الأراضي ومكافحة التصحر وذلك من خلال التنفيذ الفعلي لمشروع الأحزمة الخضراء في أقاليم الوطن العربي الذي أقرته القمة العربية في سرت، وذلك من خلال إيجاد الصيغ المناسبة لتمويله وسيقوم المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة بمتابعة التنفيذ والتنسيق في ذلك مع الدول العربية.
وفي مجال العلاقات العربية الدولية، أوضح العربي انه من اجل الدفع بالعلاقات العربية مع مختلف الدول والتجمعات الدولية بما يحقق المصالح المتبادلة، عقدت الأمانة العامة للجامعة عدد من المنتديات الاقتصادية العربية الدولية (المنتدى الاقتصادي العربي الياباني، مؤتمر رجال الأعمال العربي الصيني، الندوة الثالثة للاستثمار، الاجتماع الوزاري الأول لوزراء الاقتصاد والتجارة والاستثمار في الدول العربية وتركيا) وقد شهدت هذه المنتديات تفاعلاً جدياً بين الأطراف المشاركة.
وهناك موضوع آخر وهو متابعة تنفيذ نتائج وقرارات القمة العربية الأفريقية الثالثة والتي عقدت في دولة الكويت يومي 19 و20 نوفمبر من العام الماضي بهدف تعزيز التعاون العربي الأفريقي في المجالات ذات الاهتمام المشترك، وأتوجه بالشكر والتقدير إلى دولة الكويت أميراً وحكومة وشعباً على استضافة هذه القمة الهامة وعلى ما قدمته دولة الكويت من مساهمات مالية كبيرة تهدف إلى توثيق العرى بين الدول العربية وأفريقيا، وقد شكل الشق الاقتصادي جزءا رئيسيا فيها وخاصة في مجالات التجارة والاستثمار والطاقة والنقل والاتصالات وتقنية المعلومات ومن أهم ما أنجزته القمة في مجال الاستثمار تقديم قروض ميسرة للدول الأفريقية بمبلغ مليار دولار على مدى السنوات الخمس القادمة ويتولي إدارتها الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية.
وبالنسبة إلى موضوع القمة الثالثة للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية التي عقدت في ليما في أكتوبر من العام الماضي، معروض على مجلسكم الموقر نتائج متابعة تنفيذ الفقرات الاقتصادية لإعلان ليما الصادر في هذا الاجتماع والذي تضمن العديد من المجالات الاقتصادية التي من شأنها تعزيز العلاقات العربية الاقتصادية بين الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية. وتجدر الإشارة إلى إن القمة المقبلة ستكون باستضافة كريمة من المملكة العربية السعودية في عام 2015 وهذا الأمر يتطلب ايلاء أهمية إلى تنفيذ إعلان ليما لنتمكن من الارتقاء بمجالات التعاون بين الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية إلى مراحل أكثر تقدما.
وختم بالقول: إن ما شهدته المنطقة العربية من ثورات انطلقت في الأساس بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية يتطلب إعادة النظر في السياسات الاجتماعية في المنطقة ووضع تصور في هذا الشأن ومن هنا يأتي موضوع التخطيط الاستراتيجي والاستشرافي للسياسات الاجتماعية، وكذلك تطوير مقاربات تقييم أداء وآثار السياسات العمومية كموضوعين رئيسيين معروضين على مجلسكم الموقر في هذا المجال، وتعد التجارب الدولية وخاصة في منطقة أمريكا الجنوبية تجارب مهمة نسعى للاسترشاد بها والاستفادة منها في إطار التعاون العربي الدولي في المجالات الاجتماعية والتنموية.
أرسل تعليقك