كييف - رياض أحمد
تتسارع التطورات السياسية في أوكرانيا منذرة بانعكاسات دراماتيكية بحيث يبقى الوضع مفتوحاً على كل الاحتمالات مع بروز رأسين متصارعين على السلطة اثر إعلان البرلمان عزل الرئيس فيكتور يانوكوفيتش ورفض الأخير القرارات غير الشرعية التي أصدرها البرلمان ولجوئه إلى مدينة خاركوف شرق البلاد، حيث عقد أنصاره مؤتمراً
حضره سياسيون روس وقرر فرض السيطرة على السلطة في الأقاليم.
وأكد يانوكوفيتش أنه لا ينوي الاستقالة، ولن يغادر البلاد إلى أي مكان "لأنني الرئيس المنتخب شرعياً"، علماً أن ناطقاً باسم البرلمان تحدث مساءً عن إحباط محاولة لهروبه إلى روسيا.
وأعقب ذلك إعلان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن المعارضة الأوكرانية لم تلتزم الاتفاق الذي أبرمته مع يانوكوفيتش، علماً أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتفق مع نظيره الأميركي باراك أوباما في اتصال هاتفي ليل السبت على مشاركة موسكو في تطبيق الاتفاق.
وقد سيطر الغموض على الوضع السياسي في أوكرانيا بسبب التطورات المتسارعة، إذ بدا أن البرلمان بحكم وضعه الجديد كسلطة أولى بعد التعديلات الدستورية بدأ مباشرة بإدارة شؤون البلاد من دون انتظار توقيع الرئيس على القرارات، باعتبار أن الرئيس لم تعد له سلطة دستورية على قرارات البرلمان، كما قال عدد من الأعضاء.
وحولت انسحابات 54 نائباً من كتلة "الأقاليم" حزب الرئيس الذي كان يسيطر على 205 مقاعد من 450 مقعداً في البرلمان، إلى أقلية في مقابل التفاف أحزاب المعارضة حول القرارات المتخذة، إذ صوت لصالحها 325 نائباً ما يعد مؤشراً إلى تغير موازين القوى في شكل واضح، علماً أن القرارات تحتاج عادة لغالبية 226 صوتاً.
وأعقب ذلك انتخاب البرلمان 288 من أصل 450 نائباً الكسندر تورتشينوف، مساعد تيموشنكو رئيساً للبرلمان، والنائب المعارض أرسين أفاكوف وزيراً جديداً للداخلية بعد عزل الوزير السابق فيتالي زاخاراتشينكو المقرب من يانوكوفيتش.
كما صوّت البرلمان بغالبية 322 نائباً على قرار ينص على الافراج فوراً استناداً الى قرار المحكمة الأوروبية عن المعارضة جوليا تيموشنكو التي حكم عليها عام 2011 بالسجن 7 سنوات بتهمة استغلال السلطة.
في المقابل، برز مركز جديد للسلطة في خاركوف، حيث اعتبر أنصار يانوكوفيتش الذين اجتمعوا في مؤتمر نواب شرق أوكرانيا التطورات الجارية في كييف انقلاباً.
وقرر المؤتمر تشكيل لجان شعبية لـ "حماية الأمن"، ومجالس لتولي شؤون الأقاليم بسبب حال الشلل التي أصابت السلطات المركزية وسيطرة المتطرفين على الموقف.
وكان لافتاً إعلان وزارة الدفاع الأوكرانية أن الجيش لن يتورط بأي شكل بالنزاع بين الرئيس يانوكوفيتش ومعارضيه، فيما أفاد بيان أصدرته وزارة الداخلية التي تحملت مسؤولية قمع الاحتجاجات في الأسابيع الأخيرة، بأنها تخدم الشعب، وتشاركه رغبته القوية في التغيير السريع.
على صعيد آخر، دعا الرئيسان الاميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين في مكالمة هاتفية أجريت بينهما الى تنفيذ الاتفاق الذي أبرم بين السلطة والمعارضة في اوكرانيا سريعاً. كما ناقشا الحرب الأهلية في سورية والمحادثات الجارية في شأن البرنامج النووي الايراني.
واوضح مسؤول بارز في وزارة الخارجية الأميركية بأن المكالمة أجريت بمبادرة من أوباما، ووصفها بأنها بناءة ومؤشر مهم، خصوصاً ان الرئيسين أكدا على أهمية تشجيع كل الاطراف على الامتناع عن استخدام العنف.
وأكد الناطق باسم البيت الابيض جاي كارني ان الاتفاق ينسجم مع ما طالبنا به، أي وقف تصعيد العنف، واجراء تغييرات دستورية، وتشكيل حكومة ائتلافية واقامة انتخابات مبكرة. وشدّد كارني على ضرورة محاسبة المسؤولين عن اعمال العنف والضحايا منذ اندلاع الأزمة، علماً اننا لا نزال مستعدين لفرض عقوبات اضافية اذا لزم الأمر.
وفي اتصال طال انتظاره مع نظيره الأوكراني بافلو ليبيديف، اشاد وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل بابعاد اوكرانيا قواتها المسلحة عن التدخل في الازمة السياسية، وحضها على مواصلة ضبط النفس.
وأفاد البنتاغون في بيان ان "ليبيديف أبلغ هاغل ان القوات المسلحة الأوكرانية ركزت على حماية المنشآت والمعدات الدفاعية، وانه ابدى تقديره لدور الولايات المتحدة في مفاوضات حل الأزمة".
وكشف مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية ان الولايات المتحدة اكدت لأوكرانيا انها ستلقى دعماً قوياً من واشنطن، في سعيها الى الحصول على برنامج اقتصادي يدعمه صندوق النقد الدولي لتحقيق استقرار اقتصادها.
وقال المسؤول ان الاتفاق يمثل ايضاً فرصة لتحقيق استقرار اقتصاد اوكرانيا، واستئناف المحادثات مع صندوق النقد الدولي الذي يوفر طريقاً أكثر ثباتاً.
وفي برلين دعا وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير الحكومة والمعارضة في اوكرانيا الى احترام الاتفاق للخروج من الأزمة. وقال: بات على طرفي النزاع، أكانت الحكومة ام المعارضة، التزام ما اتفق عليه، وبدء بناء علاقة ثقة.
واكد الوزير الألماني ان الوضع يبقى هشاً الى حد بعيد، مشدداً على اولوية بدء بمفاوضات لتشكيل حكومة موقتة باعتباره الأمر الأهم لمنح اوكرانيا حكومة مستقرة يوافق عليها الطرفان. واضاف: حدد الاتفاق اطاراً يعود تنفيذه الى الأوكرانيين انفسهم. لكننا نأمل بانتهاز هذه الفرصة التي قد تكون الفرصة الاخيرة للتوصل الى تطور سلمي من أجل مستقبل اوكرانيا.
أرسل تعليقك