غزة – محمد حبيب
غزة – محمد حبيب
تسود حالة من القلق والتوتّر أرجاء قطاع غزّة في الأيّام الأخيرة، وذلك بعد قيام مجهولين أخيراً بالاعتداء على كنيسة "دير اللاتين" ومحاولة تفجيرها، فيما تعرّض داعية سلفي للاختطاف والضّرب ومن ثم الاعتداء عليه، قبل إطلاق سراحه، وسط صمت الجهات الأمنيّة في حكومة غزة التي تديرها حركة حماس.
ونفت الحركة وجود لتنظيم (الدولة الإسلامية
في العراق والشام) المعروفة باسم "داعش" في قطاع غزة.وقال القيادي في الحركة صلاح البردويل "لا وجود لتنظيم "داعش" أو غيره من التنظيمات المتهمة بالإرهاب في قطاع غزة".
وأضاف "التنظيمات الموجودة في غزة لا هدف لها سوى مواجهة إسرائيل والدفاع عن الشعب الفلسطيني"، وأشار إلى أن الهدف من الادعاء بوجود تنظيمات توصف بالإرهابية في غزة هو "الزّجّ في حماس والقطاع في أتون الخلافات الفكرية والعربية والدولية".
وبعد أيام من النفي الذي أصدرته "حماس" ظهرت في مجلس عزاء لأحد العائلات في مدينة غزة، لافتة (نعي ومواساة) باسم جماعة داعش وتم تداول صورة اللافتة على مواقع الإنترنت.
وأكدت مصادر قريبة من الجماعات السلفية في قطاع غزة وجود جماعة داعش في قطاع غزة, مشيرةً إلى أن تلك الجماعة تعمل بسرية كبيرة وتمتلك أسلحة متطورة في غزة.
وأضافت المصادر "تشكلت الجماعة من أشخاص ينتمون إلى مجموعات وحالات عسكرية متعددة لكن أغلبها جاء من الجماعات السلفية الجهادية ولجان المقاومة الشعبية ومنهم من عاد إلى غزة بعد اشتراكه بالقتال في سورية التي يصلها مقاتلو غزة عن طريق تركيا مستغلين عدم معرفة الجهات الأمنية المصرية أو التركية لهويتهم أو انتمائهم".
يذكر "إن انفجارًا قويًا هز الحي، وتبين بعد قليل أنه بسبب تفجير قنبلة في ساحة كنيسة "دير اللاتين"، وتحديدًا بين مدرسة الكنيسة وساحتها العامة، دون وقوع إصابات، علمًا بأن أحدًا لم يكن داخل الكنيسة وقت التفجير، وكان الحادث يوم الخميس الماضي، وتبين من التحقيقات أن مجهولين اعتدوا على الكنيسة خلال ساعات الليل، حيث قاموا بتفجير عبوة ناسفة أمام الكنيسة الواقعة في حي الزيتون".
وعلى الفور أسرعت قوات الشرطة والدفاع المدني، إلى موقع الانفجار، وشرعت في أعمال تحقيق لمعرفة الفاعلين، فيما أعلنت مجموعة متشددة تابعة لتنظيم "داعش" في بيان مقتضب نشر عبر الإنترنت مسئوليتها عن الحادث.
وأثار التفجير استنكارًا واسعًا في الشارع الفلسطيني، وأصدرت معظم الأحزاب والفصائل بيانات صحافية نددت بالحادث، واعتبرته جريمة تستهدف وحدة الشعب الفلسطيني، وتشوه مشهد المصالحة الوطنية والمحبة بين أبناء الوطن.
وخلّف الاعتداء موجة من الغضب والاستنكار، وسط مخاوف من تدهور الوضع الأمني في غزة بشكل أكبر، مع تزايد الحديث عن وجود قوي لتنظيم "داعش"، الذي نشر قبل أسابيع مقطع فيديو أعلن فيه رسميًا عن وجوده في القطاع الخاضع لسيطرة حركة حماس.
ونشرت منتديات جهادية تابعة لتنظيم القاعدة، أخيراً، مقطع فيديو قالت إنه لعناصر تتبع لجماعات سلفية جهادية في غزة تقوم بمناصرة ومبايعة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المختصر باسم "داعش".
وأكد قيادي في الجماعات السلفية الجهادية في قطاع غزة، أن المسلحين الذين ظهروا في الفيديو ليسوا جماعة جديدة بل هم من صلب قيادات الجماعات السلفية الجهادية في قطاع غزة، وأن الهدف من إصدار الفيديو النصرة للجماعة المستضعفة في سورية والعراق وليس تأسيس مجموعة جديدة تابعة لها أو باسمها. وفق قوله.
ويظهر في الفيديو الذي تم نشره على اليوتيوب عن طريق المنتديات الجهادية، 10 مسلحين مدججين بأسلحة مختلفة، ومن حولهم ما يعرف برايات تنظيم القاعدة أو الدولة الإسلامية في العراق والشام، ويلقي أحدهم كلمة بدأها بالحديث عن بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحث المسلمين على نصرة بعضهم البعض، مشيرا إلى محاربة بعض الدول من خلال جماعات مسلحة في سورية لقتال الدولة الإسلامية واستغلال الإعلام لتزييف الحقائق ضدها.
ويستبعد الخبير في شؤون الحركات الإسلامية الدكتور عدنان أبو عامر وجود داعش في غزة لأن البيئة الفلسطينية لا تستقبل مثل هذه الأفكار.
وقال أبو عامر إن المجتمع الفلسطيني متدين بطبيعته وليس بحاجة إلى أن يتم فرض سلوكيات دينية معينة عليه وهو الذي أدركته "حماس" حين حاولت فرض بعض المسلكيات وتراجعت عنها تاركة للناس ممارسة حياتهم كما يريدون.
ورغم أن أبو عامر يستبعد وجود هذه المجموعات إلا أنه يشير إلى ان هذه التنظيمات الجهادية لا تمتلك تشكيلة هرمية عنقودية متعارف عليها مثل باقي الفصائل باعتبارها إحدى تفريعات تنظيم القاعدة الذي ترتبط به بعلاقات فكرية وأيديولوجية فقط بعيدا عن ارتباط تنظيمي مباشر مثلما جرى في بلاد متعددة.
وقال "إذا ثبت ظهور هذه المجموعات في غزة فإن "حماس" ستتجه إلى إدارة حوار فكري ضدها بعيدا عن التعامل الأمني لأنها تعرف أن الحوار الفكري مع هذه التيارات أظهر نجاحا في السابق مع التيارات السلفية الجهادية.
بدوره، يعتقد المختص في شؤون الحركات الإسلامية الدكتور خالد صافي إن وجود "داعش" كجهات مرتبطة بفكر القاعدة ليس شيئا جديدا حيث سبق وأن أعلنت جماعات أخرى عن ولائها للقاعدة رغم عدم وجود إطار تنظيمي موحد يجمعها.
ويتفق صافي مع أبو عامر بعدم وجود ارتباطات تنظيمية مع القاعدة لكنها ارتباطات فكرية من خلال "الإنترنت".
ويؤكد صافي أن الفترة الأخيرة شهدت تراجعا في أفكار فصائل منظمة التحرير مقابل صعود الفكر الإسلامي مما جعل غزة حاضنة دينية لأسلمة المجتمع.
وقال "هناك تنافس الآن بين الجماعات التي تدعو إلى مزيد من الأسلمة ومحاولات فرض الأفكار المتشددة لذلك نرى أن السلفية وداعش تحاول أن تنافس حماس في تطبيق الشريعة.
وتابع "ما نراه أن المجموعات السلفية غالبا ما تخرج من حماس باتجاه أكثر تطرفا في الدعوة إلى مزيد من الأسلمة وفرض مبادئ الشريعة كما تراها.
وتنتشر الجماعات السلفية الجهادية في قطاع غزة منذ نهاية عام 2007، وزاد انتشارها مع الهجوم الذي نفذته حماس ضد قيادة الجماعات في مسجد ابن تيمية في أغسطس 2008، ويزداد في الأعوام التي تلت الهجوم أعداد المنضمين إليها رغم تعرضها للملاحقة والاعتقال من قبل حكومة حماس التي حاولت أخيرا إعادة العلاقات معها من خلال التحاور على بنود تفاهم بوساطة من شيوخ من دول الخليج.
أرسل تعليقك