تونس-أسماء خليفة
يبدأ رئيس الحكومة التونسيّة المؤقتة مهدي جمعة، بعد ساعات قليلة، جولة في منطقة الخليج العربي، تقوده السبت إلى الإمارات العربية المتحدة، تليها زيارة إلى المملكة السعودية، ثم زيارة إلى قطر والكويت، وتأجلت الزيارة المبرمجة إلى عمان بسبب ضيق الوقت، ويرافق جمعة في هذه الزيارة وفد من رجال الأعمال التونسيين.
ويصف المتابعون الزيارة بالصعبة، على اعتبار المتغيرات التي تعيش على وقعها دول الخليج العربي وطبيعة الصراع الذي بدأ يحكم المنطقة، وفي جدول أعمال جولة جمعة زيارة دولة قطر التي بدأت كرة الثلج تتكوّر في علاقاتها بالسعودية من جهة وبالإمارات العربية المتحدة من جهة أخرى، بعد سحب سفيري الدولتين من الدوحة.
ووفقًا لمعطيات تحصلت عليها "العرب اليوم"، فإن السعودية قبِلَتْ متأخراً استقبال جمعة، وهو قبول قد يكون مشروطًا بعدم الخوض في ملف تسليم الرئيس الأسبق بن علي إلى السلطات التونسيّة، وهو ما أعلن عنه رسميًا وزير الخارجيّة التونسي المنجي حامدي في مؤتمر صحافي عقده عشيّة الجمعة، ليؤكّد أنّ "رئيس الحكومة لن يفتح خلال زيارته إلى السعودية ملف تسليم الرئيس الأسبق زين العابدين بن على المقيم بالرياض إلى السلطات التونسية". موضحًا أنّ "تونس تحترم موقف السعودية بإيواء زين العابدين بن على بعد فراره من تونس يوم 14 جانفي/كانون الثاني إثر انتفاضة شعبية".
وذكر أنّ "ملف تسليم الرئيس المخلوع غير مطروح في هذه الزيارة التي ستكون قصيرة وستهتم بدعم العلاقات الدبلوماسية واستجلاب المستثمرين السعوديين إلى تونس".
وتطرق جمعة، قبل ساعات من انطلاق جولته الخليجيّة، إلى أهداف هذه الزيارة، بأنّ "العلاقات مع دول الخليج إستراتيجيّة وشاملة ولا تقتصر على التبادل المالي والاقتصادي فقط" مؤكّدًا أنّ "العلاقات التجارية والاقتصادية لا تزال دون المستوى المأمول ولابد من البحث في آليات عملية لتطويرها بما يخدم مصلحة الطرفين". وهو تصريح قرأ فيه المحللون بحث جمعة عن ترميم العلاقات الخارجية لتونس مع دول الخليج العربي، والتي تضررت ما بعد الثورة بسبب مواقف وتصريحات المقبلون إلى الحكم في تونس. كما يرى هؤلاء المحللون أن جمعة قد يكون أراد من خلال زيارته إلى الخليج استباق أزمة علاقات بدأت تلوح في الأفق بين تونس ودول الخليج العربي، والتي بدأ كبار الدول فيها، على رأسها السعودية والإمارات، حربه العلنيّة ضد تنظيم "الإخوان المسلمين"، بتصنيفه كتنظيم "إرهابي". ولأنه ليس من مصلحة تونس أنّ تخسر دولة في حجم السعودية أو أنّ تخسر دولة في حجم الإمارات سارع جمعة إلى التأكيد أنّ حكومته "حريصة في سياستها الخارجية وخاصة مع دول الخليج على عدم التدخل في شؤون الدول" موضحًا أنّ "الخلافات داخل البيت الخليجي شأن داخلي وتونس لا تتدخل فيها وهي ستحلّ بفضل حكمة القادة الخليجيين".
وأكّد جمعة، أنّ "الإرهاب" خطر يهدد المنطقة ومحاربته تمثل قاسمًا مشتركًا مع كل الدول ومنها الخليجية، معتبرًا أنّ "هناك قواسم مشتركة ومواقف متناغمة بين تونس والدول الخليجية إزاء الإرهاب وضرورة مقاومته واجتثاثه".
ويَحْسِب المحللون لجمعة خياره تنظيم زيارة إلى قطر والإمارات والسعودية معًا، طلبًا لمساعدات المال لإنعاش الاقتصاد التونسي الذي بلغ مرحلة عدم القدرة على خلاص الأجور، مؤكّدين أنّ في هذا الخيار مراهنة على كسب خيار التعاون مع تونس، فالتنافس بين هذه الدول سيفتح باب التنافس لكسب تونس وهي مؤشرات زيارة مثمرة إلى الخليج، بالرغم من صعوبتها في هذا الظرف السياسي الصعب الذي تمر به دول الخليج والظرف الاقتصادي المتأزم الذي تمر به تونس.
أرسل تعليقك