بيروت - رياض شومان
حذر رئيس الحكومة البنانية تمام سلام من الفراغ الرئاسي، معتبرا أن "لبنان سيدخل في مرحلة صعبة ودقيقة وحرجة في حال حصول فراغ في كرسي الرئاسة الأولى "، مؤكدا في الوقت عينه انه يفضل "شخصية معتدلة متزنة ومقبولة من الجميع تقدر أن تتعاطى مع الجميع للترشح إلى منصب الرئيس".
وقال في حديث اذاعي اليوم
السبت، إن "التزام الحكومة بسياسة النأي بالنفس لأنها أفضل السياسات التي يمكن إتباعها"، مؤكدا في الوقت نفسه ان "مشاركة حزب الله في سوريا موضوع حساس وغير مريح".
واعتبر أن "الوضع الأمني الذي كان مترديا ويضغط علينا في كل البلد وصل إلى حد غير مقبول، وقد بدأ يهدد صدقية وهيبة الدولة وأجهزتها الأمنية على حساب راحة المواطن واستقراره وأمانه، فكان لا بد من أن يحصل إقدام في هذا الموضوع تمثل في سلسلة من الاجتماعات الأمنية التي عقدت وتابعها فخامة رئيس الجمهورية، ومن ثم على مستوى المجلس الأعلى للدفاع حيث تم اعتماد تحرك وخطة أمنية وتم بعد ذلك التغطية السياسية المطلوبة بقرار كبير من مجلس الوزراء بالمضي مهما كلف الأمر لوضع حد لحالة التسيب والفلتان هذه، ومن هنا انطلق الموضوع وبدأ التحرك وشهدنا النتائج مباشرة في طرابلس بالذات حيث كان الاقتتال بين منطقتين على خلفية مذهبية للأسف، وكيف انه في ساعات قليلة استعاد الناس عافيتهم واستعادت المدينة عافيتها وكان التلاقي بين منطقة جبل محسن وباب التبانة وكأن شيئا لم يكن. وهذا ما يدل دائما على أن اللبنانيين، كما قال صائب سلام في يوم من الأيام على مشارف انتهاء الحرب الأهلية، لو تركوا لبعضهم البعض لخفت عليهم من الاختناق من كثرة العناق. نعم هذا مشهد العناق في باب التبانة وجبل محسن كان مشهدا حيا لهذه المقولة. فنعم، ليتركوا اللبنانيون بعيدا عن التعبئة والتسييس والخطابات الحادة بين القوى السياسية، فهم يريدون العيش بأمان، الحمد لله أن الخطة الأمنية والتحرك الأمني وهيبة الدولة وهيبة أجهزتها الأمنية عادت وتريح المواطن وتريح البلد".
وردا على سؤال عن قدرة الدولة على تأمين الأمن والأمان للبنانيين، وحماية الحدود اللبنانية، خصوصا في ظل ما يجري على الحدود اللبنانية السورية، اعتبر سلام أن "كل شيء يتواصل، ويوصل إلى المزيد من الأمن، ان كان في الداخل أو على الحدود تدريجيا. نعم الكل يعرف أن هناك وضعا متمثلا بمأساة سوريا وبما تعكسه علينا ان كان على مستوى الأعداد الكبيرة من اللاجئين الأخوة السوريين النازحين الذين أصبح عددهم يفوق المليون في لبنان أي ربع سكان لبنان، وهذا غير مسبوق في دولة في العالم، وان كان على مستوى المعارك والمسلحين والقتال الدائر في سوريا والذي أيضا يرشح منه شيء إلى لبنان عبر الحدود، وهذا أمر يجب أن نتوصل إلى معالجته بشكل حازم أن شاء الله. نتعامل بكثير من الأهبة والاستعداد وكثير من الواقعية، ونستعين بكل من يمد يده لنا لتأمين المساعدات المادية والمالية على مختلف أشكالها. هناك دول، هناك صناديق جاهزة لاستقبال الدعم".
أضاف سلام: "نحن والسوريون علاقتنا عريقة تاريخية متواصلة، التبادل قائم دائما على مستوى السكان وعلى مستوى الشعب، وهذا أمر يساعد. السوريون ليسوا غرباء وهم أشقاء، ونحن عندما مررنا في لبنان في ظروف أيضا عصيبة، احتضنا واستقبلنا في سوريا، فمن الطبيعي ان نستقبل الإخوان السوريين بكثير من العناية. لكن لا شك ان لذلك آثارا اجتماعية وإنسانية اقتصادية صعبة علينا جميعا".
وأكد "التزام لبنان بسياسة النأي بالنفس عما يجري في سوريا"، معتبرا أنها "أفضل السياسات التي يمكن إتباعها"، ومؤكدا أن "مشاركة حزب الله في سوريا موضوع حساس وغير مريح وعلى الجميع أن يسعوا إلى معالجته بالطرق التي تؤمن سياسة النأي بالنفس على أفضل وجه"، وقال: "ان التواصل مع قادة حزب الله في هذا الموضوع أمر مطلوب للتوصل إلى شيء يوقف هذا التدخل أو هذا التورط في سوريا ويعيد الأمور إلى نصابها على مستوى لبنان وعلى مستوى السعي الجدي للحفاظ على الوحدة اللبنانية وعلى المناعة اللبنانية وعلى النأي بالنفس".
وعن الانتخابات الرئاسية المقبلة، قال سلام: "انها تأسيس على ما تم من تشكيل حكومة في ظل ظروف سياسة صعبة جدا، وكان تشكيل الحكومة صناعة وطنية أي لم يتم بتدخلات ومبعوثين ومؤتمرات وغيره كما كان يحصل في الماضي، تأسيس على إرادة القوى السياسة اللبنانية بالتلاقي والاكتفاء بخصوماتها ووضع حد لها ورأب الصدع في مساحة عدم الثقة الكبيرة بين تلك القوى والتي سببت الشلل ودفع لبنان واللبنانيون بسبب ذلك أثمانا غالية جدا، ومازالوا يدفعون. لذلك، فإن هذا التلاقي في حكومة ائتلافية صناعة وطنية لبنانية أعطانا الأمل بان ينسحب أيضا على انتخابات رئاسة الجمهورية، فالذي تمكن من تحقيق هذا الإنجاز منذ أسابيع يمكن له أن يحقق أيضا إنجاز انتخابات رئاسة الجمهورية. وأنا أتطلع إلى ذلك بكثير من الأمل والرجاء، وطبعا أعول كثيرا على مختلف القوى السياسية أن تقارب هذا الموضوع كما قاربنا موضوع تشكيل الحكومة برحابة وانفتاح وبتفاعل ديموقراطي، وليفز من يفوز وليترشح من يترشح، فهذه هي اللعبة الديموقراطية وهذا هو المنحى الديموقراطي الذي يجب أن يتعزز في لبنان، وإذا ما تم انتخاب رئيس جديد للجمهورية عندها يمكن أن نقول أننا فتحنا صفحة جديدة في تعزيز نظامنا الديموقراطي في لبنان وفي ولوج مستقبل مشرق".
وردا على سؤال عما إذا كانت الحكومة جاهزة لاستلام صلاحيات رئاسة الجمهورية في حال حصول فراغ، قال: "إن الحكومة موجودة وتقوم بما عليها ولكن أنا قلت منذ البداية نحن لسنا حكومة ملء الفراغ، لا نريد أن نكون كذلك، ولا نريد أن نشجع احدا على ذلك، لأنه إذا لم يتم انتخاب رئيس للجمهورية ودخلنا في واقع الفراغ، فنعم ساعتها هذه الحكومة أو حتى أي حكومة أخرى لن تكون في وضع مريح، والموضوع ليس أن تأخذ الحكومة صلاحيات رئيس الجمهورية وتحل المشاكل أبدا، لكن هذا سيدخلنا في مرحلة صعبة ودقيقة وحرجة، وليس هذا ما أتمناه وارجوه، ومن هنا ومنذ البداية قلت إن حكومتنا آتية لفترة شهرين لتمرير بعض الأوليات، منها الأمن ووضع النازحين السورين والوضع الاقتصادي والمالي وإدارة ثروات البلاد من نفط وغاز وغيره، ولكن الأولويات السياسية الكبيرة تبقى استحقاقين دستوريين، الأول هو إخراج قانون للانتخابات وانتخاب رئيس للجمهورية. هذه هي مهمتنا وهذه هي أهدافنا في الحكومة وهذا ما ذكرناه بوضوح في بياننا الوزاري".
وعن مرشحه للرئاسة، قال: "هذا أمر يتوقف على من سيترشح، فأنا أتمنى أن يكون مرشحي مرشح كل لبناني، وأن يكون شخصية على قدر المسؤوليات والحمل الصعب في هذه المرحلة الصعبة، ونعم أنا أفضل شخصية معتدلة متزنة مقبولة من الجميع تقدر أن تتعاطى مع الجميع، ولكن أعود وأقول أن هذا الأمر يتوقف على هوية المرشحين لهذا المنصب، علينا أن ننتظر، بالأمس بدأت الترشيحات بشخص الدكتور سمير جعجع وربما سيليه ترشيحات أخرى وننتظر لنرى من هي هذه الشخصيات وعلى أساس هذا يبنى على الشيء مقتضاه".
وتحدث عن أولويات الحكومة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب، فقال: "بكل موضوعية وبكل صراحة أولويات لبنان هي الأمن، إذا ما استقر الأمن انتعش الاقتصاد، وإذا ما استتب الأمن تنهض الحركة الاقتصادية في البلد، وهذا ما نتمناه على خلفية ما تم تحقيقه على مستوى الأمن، ولكن هذا سيأخذ بعض الوقت ولن يكون بين ليلة وضحاها".
أرسل تعليقك