غزة ـ محمد حبيب
لفِظَت ظاهرة التهريب عبر الأنفاق الحدودية جنوب قطاع غزة التي ظلت سائدة حوالي سبع سنوات أنفاسها الأخيرة، وبدت ملايين الدولارات التي استُثمرت من أجل حفر الأنفاق وكأنها في مهب الريح، وشن الجيش المصري منذ "ثورة 30 يونيو" عملية ضِدّ الأنفاق الواصلة مع قطاع غزة, وطالبت الحكومة في غزة أكثر من مرة عبر متحدثين رسميين
الحكومة المصرية بإعادة فتح معبر رفح، والعمل على وقف هدم الانفاق أو فتح معبر تجاري كي لا تُصاب غزة بأزمة إنسانية وحصار جديد.
وتَعتمِد قطاع غزة على الأنفاق مع مصر لتامين المواد الغذائية والمحروقات, ومنذ عزل محمد مرسي أُصِيب القطاع بأزمة في المحروقات والمواد الغذائية على أثَر هدم الانفاق المتواصل من الجانب المصري.
وتزايدت أعداد الأنفاق المكتشفة والمغلَقة من قِبل الجانب المصري بالتدريج، بينما تتناقص أعداد الأنفاق التي ما زالت تعمل، ومن دون أي بديل هجر المهربون ومالكو الأنفاق التي أُطلق عليها مصطلح "المعابر الأرضية" أنفاقهم، التي استثمروا في حفرها وتجهيزها ملايين الدولارات.
وأكّد العديد منهم أن ما حدث ويحدث أسوأ بكثير مما كانوا يتوقعونه، وقد أيقنوا أن هناك تصميمًا مصريًا على إنهاء ظاهرة التهريب عبر الحدود وإغلاق الأنفاق كافة، بما فيها الصغيرة منها التي تهرب سلعًا وبضائع خفيفة.
وأوضح أحد المهربين، ويُدعى أبو محمد، أن السلطات المصرية دمرت معظم الأنفاق، إما عبر المتفجرات أو من خلال ضخ المياه ومخلفات البناء فيها، منوهًا إلى أن خلق منطقة عازلة بعمق مئات الأمتار في الجانب الآخر من الحدود يُصعِّب على أي شخص حفر نفق جديد مهما استخدم من أساليب.
وأعلن أبو محمد أن ملايين الدولارات دُفنت وتُدفن تحت الأرض، بعد أن استثمرها مالكو الأنفاق في حفر الأنفاق، ووضعوا في داخلها آلاف الأمتار المكعبة من الأخشاب ومعدات أخرى في باطن الأرض، مشيرًا إلى أنهم قد لا يستطيعون استغلالها في المستقبل في حال بقيت الظروف على حالها.
وأعلنت السلطات المصرية، أخيرًا عن تمكن عناصر حرس الحدود والهيئة الهندسية للقوات المسلحة المصرية من تدمير ثلاثين نفقًا على مدار الأيام القليلة الماضية، ليبلغ إجمالي الأنفاق التي تم تدميرها منذ الحملة الأخيرة التي بدأت أواسط العام الماضي حوالي 1500 نفق على الشريط الحدودي.
أما المواطن محمود خالد، فأكد أن ظاهرة الأنفاق تتحول تدريجيًا إلى ذكرى من الماضي، موضحًا أن الحدود المصرية مع قطاع غزة أُغلقت كليًا، ولم يعد هناك أي إمكان لإدخال السلع مجددًا.
وبيّن خالد وكان يمتلك حصة في نفق أن هناك إجراءات مصرية تُتخذ حاليًا ربما تكون أعمق من مجرد إغلاق الأنفاق، وهي محاولات لمنع حفر المزيد منها مستقبلاً، مثل إغراق التربة بالمياه، وخلق مناطق عازلة، ووضع حجارة في الأرض، وفرض رقابة صارمة على منطقة الحدود، ناهيك عن القيود المشددة على دخول البضائع والوقود إلى شبه جزيرة سيناء ككل.
وأعلن أن عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل عشرة أشهر باتت من المستحيل، كما أن البدائل الأخرى التي يلجأ إليها البعض مثل التهريب عبر البحر لن تدوم طويلاً، معتبرًا أنه لم يعُد هناك حل لجلب البضائع من مصر سوى تجارة الشنطة عبر المعبر شبه المغلق، وهذا أمر غير مُجدٍ على الإطلاق.
وأكّد العامل محمد أبو جزر أنه كان يتقاضى أجرة يومية مقابل عمله في الأنفاق تتراوح بين 40 و50 شيكلاً، كان يعيل بها أسرته المكونة من تسعة أشخاص، بمعاونة شقيقه الذي كان يعمل برفقته، وأضاف أنه فقد عمله كغيره من آلاف العمال منذ إغلاق الأنفاق وتوقف التهريب، وباتت أسرته تعاني العوز، تعتمد على معونات وكالة الغوث كمصدر شبه وحيد للعيش.
وفقَدَت مدينة رفح أهميتها التجارة كعاصمة اقتصادية للقطاع منذ إغلاق الأنفاق، وباتت من أشد مدن القطاع فقرًا، بعد أن هجرها العمال والمستثمرون، وتضرر بفعل ذلك القطاع التجاري وقطاع المواصلات وقطاعات أخرى.
وصرّح الناطق الرسمي باسم الحكومة في غزة إيهاب الغصين على صفحته الشخصية على "فيسبوك" بأن موقف حكومته يتمثل في النقاط الآتية:
"موقف الحكومة الفلسطينية بخصوص الحديث عن نية الجانب المصري إقامة منطقة عازلة على الحدود:
- المناطق العازلة لا تكون بين الإخوة وحدود الدول الشقيقة.
- غزة تمثل خط الدفاع الأول عن مصر ولا يأتي منها إلا الخير.
- نتمنى على المسؤولين في مصر ألا تكرس هذه الخطوة الحصار على غزة وتفاقم معاناة أهلنا.
- ندعو إلى إقامة منطقة تجارة حرة في هذه المنطقة".
أرسل تعليقك