طرابلس - فاطمة سعداوي
أعلن تنظيم اسلامي متشدد يطلق على نفسه اسم "مجلس شورى شباب الإسلام " في مدينة درنة شرق ليبيا، عن "إدارة إسلامية" خارج سلطة الدولة الليبية في المدينة الساحلية المعروفة تاريخياً بأنها موطن للآداب والثقافة والفنون في البلاد.
أتى ذلك في بيان أصدره التنظيم الاحد غداة ظهور أفراد منه في مشاهد استعراضية مسلحة، جابت المدينة عقب صلاة الجمعة، بأرتال سيارات عسكرية محملة أسلحة ثقيلة ومتوسطة
.
وفيما اعتبرت دار الإفتاء الليبية ان اي هيئة غير منبثقة عن المجلس الوطني غير قانونية ومرفوضة، رأى مراقبون ان البيان يحمل بصمات زعيم تنظيم "القاعدة" ايمن الظواهري، اذ تضمن سبع نقاط تحدد برنامج عمل المجموعة وتوجهها، وخصوصاً في النقطة الرابعة التي ورد فيها: "نعلن عداوتنا لمن عادى الله ورسوله من اليهود والنصارى والأهم من الطواغيت الذين يحاربون المسلمين في كل مكان ويستبيحون كرامتهم، قبل ان تضيف النقطة الخامسة: "ونبشر أهلنا وأحبابنا أننا سنعمل على تأمين البلاد بكل ما أوتينا من قوة ، ونمد يد العون لكل أهل الصلاح من الشباب والعقلاء الذين يريدون شرع الله". ووعد البيان بتنظيم "ندوات ومخيمات دعوية أسبوعية وشهرية، تبين للناس العقيدة الصافية، الخالية من الشبهات وتنشر العلم بين الناس وترفع الجهالة عن الجاهلين وترد الضالين إلى الطريق المستقيم".
ويجمع التنظيم الجديد بين التنظيمات المتمركزة في درنة والتي تشمل ايضاً الجبهة الإسلامية لقوات المجاهدين - درنة، مشروع واحد هو إقامة دولة إسلامية في المنطقة الشرقية، ما دفع بجهات دولية وأقليمية الى رصد ما يجري في المدينة ومحيطها، خصوصاً ان بعض عناصر هذه التنظيمات وجهت اليه اصابع الاتهامات في مسلسل التفجيرات والاغتيالات والخطف في بنغازي الذي استهدف عسكريين في الجيش وناشطين ومثقفين، اضافة الى افراد جاليات اجنبية وفي مقدمهم المصريون. كما وجهت اصابع الاتهام الى المتشددين في مقتل السفير الأميركي كريس ستيفنز وثلاثة من العاملين معه، بهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي في 11 ايلول /سبتمبر 2012. وتحولت درنة التي تتميز بجمال طبيعتها وعبق تاريخها وبعدها الثقافي، الى معقل للتنظيمات الجهادية، بما فيهم تنظيم "القاعدة" وجماعة "أنصار الشريعة"، وذلك منذ قيام ثورة 17 فبراير (2011) ضد القذافي.
وتثير التنظيمات المتشددة إرباكاً في أوساط كل الأطراف السياسية التي ظهرت على الساحة بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي. وفي حين يجاهر الليبيراليون بعداوتهم للمتشددين، يسعى التيار الإسلامي في السلطة والذي يقوده "الإخوان" الى احتواء المتشددين لاستخدامهم ورقة ضغط في مواجهة النظام المصري، لكن الإسلاميين المشاركين في السلطة في ليبيا يتوجسون من الاتجاه المتشدد الرافض مبدأ الدولة المدنية، باعتبار انه يزايد عليهم ويجعلهم شركاء في نظام غير مقبول، اضافة الى مخاوف مشتركة لدى اطراف السلطة من ان يؤدي تهور التنظيمات المتطرفة الى تدخل عسكري اجنبي، يعيد خلط الأوراق في البلاد، ويعرض وحدتها وسيادتها للخطر.
وينتمي الى درنة شاعران ليبيان راحلان هما (وزير العدل الأسبق) رجب الماجري، وإبراهيم الأسطى عمر (1908-1950) الذي أسس مع رائدين من رواد المسرح الليبي: محمد عبد الهادي وأنور الطرابلسي اول فرقة مسرحية ليبية عام 1930. كما ان درنة موطن الشعراء الليبيين المعروفين: عبد الحميد بطاو وعلي الخرم وأحمد بللّو، وغيرهم من البارزين في المشهد الثقافي والليبرالي والتقدمي.
أرسل تعليقك