القاهرة -أحمد عبد الصبور
أجلت محكمة جنايات القاهرة في جلستها المنعقدة اليوم الاثنين، برئاسة المستشار محمود كامل الرشيدي، إعادة محاكمة الرئيس الأسبق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال مبارك، ورجل الأعمال (الهارب) حسين سالم، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي و 6 من كبار مساعديه، إلى جلسة الغد الثلاثاء.
وجاء قرار التأجيل لاستكمال الاستماع إلى دفاع حبيب العادلي.، ونبهت المحكمة على دفاع العادلي بأن جلسة الغد
ستكون الأخيرة في إبداء الدفاع عنه.
بدأت الجلسة في العاشرة والربع صباح اليوم واستمرت قرابة ٥ ساعات واستمعت المحكمة الي دفاع وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وشهدت المحكمة إجراءات أمنية مكثفة بدء من البوابة ٨ والتي يدخل من خلالها حاملي التصاريح من الإعلاميين والصحفيين ومحامي المتهمين
وأكدت هيئة الدفاع عن حبيب العادلي، أنه لم يعط ثمة أوامر إلى مرؤوسيه أو حتى البعض من ضباط الشرطة، لقتل المتظاهرين خلال ثورة يناير 2011 أو حتى التصدي لهم باستخدام القوة النارية.. مشيرة إلى أن أوراق القضية تخلو تماما من أي دليل مباشر أو غير مباشر يفيد بوجود اتفاق بين الرئيس المخلوع حسني مبارك والعادلي، أو إعطاء الأول تعليمات للثاني لقتل المتظاهرين المناهضين لحكمه أو بعضهم.
وقال محمد عبد الفتاح الجندي المحامي عن حبيب العادلي، إن شهادات وزراء الداخلية السابقين المعاقبين (محمود وجدي ومنصور عيسوي وأحمد جمال الدين) وكذا شهادات عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق ومراد موافي رئيس جهاز المخابرات العامة السابق واللواء مصطفى عبد النبي رئيس هيئة الأمن القومي، والمشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع الأسبق، أمام المحكمة وبتحقيقات النيابة العامة – جاءت لتجمع على عدم وجود ثمة اتفاق أو اشتراك مسبق بين مبارك والعادلي على قتل متظاهري ثورة يناير.
اوراق القضية خلت من رابطة السببية
وأضاف الجندي أن أوراق القضية خلت من "رابطة السببية" التي تشير إلى أن وقائع قتل المتظاهرين في ميدان التحرير وميادين المحافظات المختلفة، قد وقعت سببا مباشرا لاشتراك العادلي ومبارك وتدبير مسبق بينهما لإجهاض ثورة يناير.
وأشار الدفاع إلى أن العادلي حينما سئل بتحقيقات النيابة العامة حول التعليمات التي أصدرها، أكد أن تعليماته إلى القادة الميدانيين كانت بعدم اللجوء إلى العنف مع المتظاهرين، وأنه في حالة تفاقم الأمور ووقع أعمال شغب، يتم اللجوء إلى إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع واستعمال مدافع المياه لتفريق تجمعات المتظاهرين.. لافتا إلى أنه حينما سئل مجددا حول إطلاق بعض القوات لنيران أسلحتهم النارية في مواجهة المتظاهرين، أجاب العادلي بأنه يجب مساءلة القادة الميدانيين المسئولين في تلك المناطق بوصفهم مخالفين للتعليمات الواضحة والصريحة الصادرة منه بعدم التصدي بالعنف للمتظاهرين.
وقال الدفاع إن سيارات السفارة الأمريكية التي سرقت، تم استخدامها في إطلاق الرصاص على تشكيلات قوات الأمن المركزي ودهس المتظاهرين إبان الثورة.. مشيرا إلى أن كاميرات المراقبة الموجودة بمجمع التحرير وفندق هيلتون رمسيس، قامت بتسجيل كافة ما جرى بميدان التحرير يوم 28 يناير، والذي شهد "اندساس عناصر إجرامية ومسلحة في أوساط المتظاهرين وإطلاق النيران بصورة عشوائية صوبهم بغية إحداث حالة من الفوضى وزعزعة استقرار البلاد وإلصاق الاتهام بقوات الشرطة". بحسب ما قرره الدفاع.
وأضاف الدفاع أن التسجيلات المصورة لأحداث القتل والعنف، حينما سئل بشأنها مسئولو مجمع التحرير وفندق الهيلتون، كانت الإجابة أن جهاز المخابرات الحربية قد بتسلمها.. مطالبا إلى المحكمة باستدعاء المشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع الأسبق، وذلك لسؤاله حول مصير تلك التسجيلات، باعتبار أنه كان يشغل منصب مدير المخابرات الحربية في ذلك الوقت.
الدفاع يشكك في النيابة العام
وأشار الدفاع إلى أن النيابة العامة أقامت الدعوى بناء على "أدلة تقوم على الظن والاستنتاج" وذلك بالمخالفة لما يجب أن تقوم عليه الدعاوى الجنائية من الجزم واليقين.. لافتا إلى أن الاجتماعين اللذين عقدهما العادلي مع كبار مساعديه للتباحث بشأن كيفية التعامل مع متظاهري ثورة يناير، واستنتجت النيابة العامة أنه تم خلالهما الاتفاق على القتل والتصدي بالرصاص للمتظاهرين – لم يصدر فيهما أي توجيه او تكليف باستخدام القوة أو العنف مع المتظاهرين.
وأوضح الدفاع أن الاجتماعين المشار إليهما تم خلالهما الاتفاق على تعميم تعليمات واضحة على كافة القوات المشاركة في التظاهرات، بضبط النفس وعدم اللجوء إلى القوة أو العنف مع المتظاهرين، وحماية أرواح المتظاهرين والمنشآت العامة والممتلكات الخاصة، وفي حالة حدوث شغب أو اعتداء على الممتلكات يتم اللجوء إلى استخدام "خراطيم المياه" وفي حالة تفاقم الأمور يتم استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع، كأقصى درجة من التعامل مع المتظاهرين
تعليمات التعامل مع متظاهري يناير جاء بعدم حمل سلاح ناري
وأكد الدفاع أن التعليمات التي تم تمريرها على قوات الأمن المركزي وكافة القوات، بعدم حمل الأسلحة النارية وحتى الأسلحة النارية الشخصية "المسدسات"، حتى لا تتعرض للفقد أو السرقة في حال الاحتكاك بالمتظاهرين، وعدم الوقوع للاستفزاز من جانب المتظاهرين.
وقال الدفاع إنه بسؤال اللواء أحمد جمال الدين (وزير الداخلية السابق باعتبار أنه كان يشغل منصب مدير أمن في ذلك التوقيت) أكد أنه لم يتم تطبيق الخطة 100 التي يتم اللجوء إليها في حالة الشغب العام، وأن التعليمات كانت بعدم التصعيد في مواجهة المتظاهرين.
وأشار الدفاع إلى أن ممثل النيابة العامة قال بمرافعته في المحاكمة الأولى، أن أجهزة الدولة لم تتعاون مع النيابة العامة في جمع الأدلة المتعلقة بوقائع قتل المتظاهرين، وهو ما دفع النيابة إلى القيام بأعمال الاستدلال بنفسها، واستدعاء الشهود وانتزاع الاعترافات منهم.. معتبرا أن هذا الحديث يؤكد على وقوع "إكراه معنوي قبل الشهود لحملهم على الشهادة على نحو معين، وهو ما يستدعي استبعاد هذه الشهادات وعدم التعويل عليها".. بحسب ما قرره الدفاع.
وقال الدفاع إن العادلي كان ينتهج سياسة أمنية تقوم على الحوار لا المجابهة بالقوة والعنف لتحقيق النتائج المرجوة.. مشيرا إلى أنه قبل وقوع ثورة يناير تم التعامل مع أكثر من ألف تظاهرة سلمية في عموم البلاد لم تشهد سقوط قتلى أو وقوع جرحى، وأن العادلي كان يوجه بالتعامل مع المشاركين في تلك التظاهرين بالود ونزول القيادات الأمنية لتبادل الأحاديث مع المتظاهرين والانخراط فيما بينهم، في سبيل حثهم على عدم اللجوء إلى العنف.
وأنحى دفاع العادلي باللائمة في وقوع أعمال قتل المتظاهرين، على "عناصر أجنبية ومخطط أجنبي قامت على تنفيذه منظمات المجتمع المدني التي تتلقى التمويل الأجنبي من الخارج، وذلك في سبيل إحداث حالة من الفوضى في عموم البلاد وإسقاط دعائم الدولة".. مشيرا إلى أن الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة في قضية التمويل الأجنبي غير المشروع لمنظمات المجتمع المدني، وتقرير لجنة تقصي الحقائق في هذا الشأن، أشارا إلى وجود عمليات تمويل من الولايات المتحدة الأمريكية بمبلغ مليار و 250 مليون دولار أمريكي لتلك المنظمات، وأنه في بعض الأحيان كان يتم الاقتطاع من المعونة التي تتلقاها مصر من أمريكا، في سبيل تمويل تلك المنظمات.
وأوضح الدفاع أن اللواء مراد موافي واللواء مصطفى عبد النبي، قالا في شهادتيهما إن أعضاء بمنظمات مجتمع مدني تلقوا دورات تدريبية على على الاعتصامات والتظاهر، والتعامل مع قوات الأمن في المظاهرات، على نحو يقطع بوجود مخطط لإسقاط الدولة المصرية
الدفاع قطع الانترنت جاء وفقا لصحيح القانون
وذكر الدفاع أن عملية قطع الاتصالات وخدمات الانترنت التي وقعت في الأيام الأولى للثورة، لم تكن بقرار منفرد من حبيب العادلي، وإنما جاءت وفقا لصحيح حكم القانون، وبقرار من لجنة تم تشكيلها خصيصا لبحث مسألة قطع الاتصالات للحد من أعداد وتجمعات المتظاهرين، وأن تلك اللجنة كان يرأسها رئيس الوزراء في ذلك الوقت أحمد نظيف، وضمت في عضويتها حبيب العادلي والمشير حسين طنطاوي والوزراء السابقين أحمد أبو الغيط وزير الخارجية وطارق كامل وزير الاتصالات وأنس الفقي وزير الإعلام، وعمر سليمان رئيس جهاز المخابرات في ذلك الوقت.
وأضاف الدفاع أن هناك أسبابا إضافية تتعلق بـ "الأمن القومي المصري" كانت دافعا لاتخاذ قرار قطع خدمات الاتصالات، مشيرا إلى أن هناك وقائع تتعلق بقيام بعض شبكات التخابر بتمرير المكالمات المصرية إلى إسرائيل للتجسس عليها، وأن قرار قطع الاتصالات كان يستهدف وقف هذه الأعمال والتعامل معها.
الدفاع وجود قنّاصة اعلي البنيات ليس له دليل
وأكد الدفاع أن مسألة وجود "قناصة" استهدفوا المتظاهرين، لا يوجد ثمة دليل واحد عليها، وانه لم يقل بها أي شاهد في القضية علاوة على أنها لا تستقيم مع المنطق والعقل.. موضحا أنه لو كان هناك قناصة يتبعون وزارة الداخلية يستهدفون المتظاهرين، لكان الأولى والأجدر أن يتم استهداف الدكتور محمد البرادعي بوصف أحد رموز وقيادات ثورة يناير، أو محمد البلتاجي بوصفه أحد أبرز قيادات الإخوان المسلمين الذين كانوا يتواجدون في الميادين أثناء أحداث ثورة يناير.
وقال الدفاع إن اللواء حسن الرويني قائد المنطقة المركزية العسكري السابق قال في شهادته، إنه طالب قيادات جماعة الإخوان المسلمين بإنزال أنصارهم وأعضائهم من أعلى أسطح العقارات والمباني، حيث كانوا يتمركزون أعلى تلك المباني.. مؤكدا أن شهادات العديد من الشهود أكدوا بأن العديد من العناصر المشاركة في التظاهرات كانت تنتهج العنف وتقوم باعتلاء أسطح العقارات والاعتداء على المواطنين.
مسؤولية وزير الداخلية عن أحداث يناير
وأوضح الدفاع ان وزير الداخلية مسؤوليته في تلك الأحداث، هي "مسؤولية إشرافية" وأنه في حالة مخالفة أي ضابط أو مجموعة من الضباط لتعليمات قياداتهم بمنع استخدام الأسلحة النارية في التعامل مع المتظاهرين، يمكن الرجوع إلى أوامر الخدمات للمناطق التي شهدت مثل هذه الأمور، حيث إن تلك الأوامر مثبت بها أعداد وتشكيلات الضباط وأسمائهم وتسليحهم، وذلك لتحديد القائمين بتلك الأعمال والتحقيق معهم.
وأكد الدفاع أن مساعدي الوزير ومديري الأمن كانوا في الميادين وأماكن ونقاط تجمع المتظاهرين، وسط قواتهم والمتظاهرين، وأن العديد من اللقطات المصورة أظهرت مدير أمن الجيزة وهو يصافح الدكتور محمد البرادعي والكاتب الصحفي إبراهيم عيسى أثناء أحداث التظاهرات، وكذا العديد من مديري الأمن في تلك الأحداث كانوا يتبادلون الأحاديث مع عدد من المتظاهرين ويصافنون بعضهم.. لافتا إلى أن تواجد القيادات الأمنية على الأرض وفي الميادين ووسط المتظاهرين، يتناقض ويتنافى عقلا مع ما ذكرته النيابة من وجود أوامر مسبقة من العادلي وقيادات وزارة الداخلية بإطلاق الرصاص على متظاهري ثورة يناير.
وقال الدفاع إن ما يقطع بأن وقائع قتل المتظاهرين قد وقعت في إطار "مخطط" صنعته "أياد خارجية بالاشتراك مع عناصر داخلية باعت نفسها بالمال" هو ما شهدته السجون من عمليات اقتحام السجون، واقتحام أقسام الشرطة في توقيت واحد متزامن أثناء أحداث ثورة يناير، وما تكشف من أن عمليات اقتحام السجون جرت باستخدام أسلحة ثقيلة وكميات هائلة من الذخيرة.
دفاع العادلي يستشهد بمهرجان البراءة للجميع
واستعرض الدفاع العديد من أحكام محاكم الجنايات بالقاهرة المحافظات في شأن اتهام عدد من ضباط الشرطة بقتل المتظاهرين، وهي الأحكام التي صدرت بالبراءة.. مشيرا إلى أن تلك الأحكام أكدت بعدم وجود اتفاق مسبق بين هؤلاء الضباط على قتل المتظاهرين، وأن بعض المجني عليهم في تلك الأحداث حدثت إصاباتهم وهم يحاولون اقتحام أقسام الشرطة وبعضهم من أرباب السوابق الإجرامية، علاوة على تناقض أقوال الشهود في تلك القضايا في شأن وقائع القتل والإصابة التي وقعت، وهو ما استدعى صدور أحكام بالبراءة في تلك القضايا، الأمر الذي ينفي عن العادلي ومساعديه الستة تهمة سبق الإصرار وتبييت النية والتصميم المسبق على قتل المتظاهرين.
جاء ذلك في رابع جلسات الاستماع إلى مرافعة هيئة الدفاع عن حبيب العادلي في القضية التي يحاكم فيها ومساعدوه الستة والرئيس الأسبق مبارك لاتهامهم بالتحريض والاتفاق والمساعدة على قتل المتظاهرين السلميين إبان ثورة 25 يناير، وإشاعة الفوضى في البلاد وإحداث فراغ أمني فيها.. كما يحاكم مبارك ونجلاه علاء وجمال ورجل الأعمال حسين سالم، في ذات القضية، عن الوقائع التي تشكل جرائم تتعلق بالفساد المالي واستغلال النفوذ الرئاسي في التربح والإضرار بالمال العام وتصدير الغاز المصري إلى إسرائيل بأسعار زهيدة تقل عن سعر بيعها عالميا.
وتضم قائمة مساعدي العادلي الستة المتهمين في القضية كل من: اللواء أحمد رمزي رئيس قوات الأمن المركزي الأسبق، واللواء عدلي فايد رئيس مصلحة الأمن العام الأسبق، واللواء حسن عبد الرحمن رئيس جهاز مباحث أمن الدولة السابق، واللواء إسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة الأسبق، واللواء أسامة المراسي مدير أمن الجيزة الأسبق، واللواء عمر فرماوي مدير أمن السادس من أكتوبر السابق.
أرسل تعليقك