غزة – محمد حبيب
غزة – محمد حبيب
تحولت شوارع قطاع غزة، مع اليوم الثاني من عيد الأضحى إلى ساحات عراك بين المواطنين و"أضاحي العيد"، بسبب عدم الحذر في ذبح تلك الأضاحي، فضلاً عن هروب العديد من العجول من ذابحيها.
وذكرت مصادر طبية، صباح الأربعاء، أن عدد الإصابات بين صفوف المواطنين جراء ذبح الأضاحي العشوائية في مناطق مختلفة من قطاع غزة ارتفع إلى 215 جريحًا.
وكانت مصادر طبية قد أكدت أن "55 مواطنًا أصيبوا في مناطق جنوب القطاع، من بينهم واحد في حالة خطيرة، جراء تعرضه لهجوم من عجل هارب، فيما أصيب 30 آخرون بجروح مختلفة في مستشفى شهداء الأقصى في المنطقة الوسطى، و40 آخرون في مدينة غزة، ومحافظة شمال قطاع غزة"، فيما ارتفع العدد، صباح الأربعاء، ليصل إلى 215.
ويصاب خلال أيام عيد الأضحى عدد من المواطنين، نتيجة هروب المواشي، وتجمهر المواطنين في محيط الجزارين، خلال عملية الذبح.
واكتظت المذابح الغزية بالباحثين عن عمل، للاسترزاق ولإطعام أبنائهم، في ضوء الظروف الحياتية والاقتصادية السيئة التي يعيشها الغزيون، وذلك على الرغم من عدم عِلمهم المسبق بفنون الذبح، إلا أن أوضاعهم السيئة أجبرتهم لإتقانها، فحمل السكين وتوجيه الأضحية إلى قبلتها، والتكبير، والتهليل، والذبح، ثم سلخ الجلود وتقطيع اللحوم وتكسير العظام، ثم وزنها وتعبئتها، والأهم الانتباه الدائم، لا يحتاج إلى وقت لإتقانه بالنسبة اليهم، كما أن أصحاب المذابح يحتاجون إلى أيدٍ عاملة لتساعدهم في الإسراع بالذبح، قبل انتهاء أيام عيد الأضحى المبارك.
ويقول المواطن "أبو علاء"، البالغ من العمر 30 عاماً، وله ثلاثة أبناء، ويعاني من وضع اقتصادي صعب، "كنت أعمل في إسرائيل، وبعد أن أصبحنا عاطلين عن العمل، جلستُ في البيت، وأصبحت أقتنص الفرص في المناسبات كافة، بغية الاسترزاق والعيش بكرامة"، موضحًا أن "خبرته أصبحت في كل شيء، وفقاً للمثل الذي يقول (سبع صنايع والبخت ضايع)، اشتغلت في الأسواق، وفي السيارات، وفي الكهرباء، وفي الزراعة، وفي ذبح الأضحية، وفي كل شيء أراه أمامي"، مشددًا على أنه "يتقن فنون الذبح، ولكن خبرته في عملية الذبح قليلة جداً، ما يعرضه للمخاطر التي قد تصيبه بفعل عدم الانتباه أو قلة الخبرة".
أما الطالب الجامعي "عبد الرحمن"، فوجد في موسم ذبح الأضاحي فرصة لإكمال رسومه الجامعية المتراكمة عليه لإكمال دراسته، ويوضح "دفعت 100دينار، وباقي ما يقارب الـ200 دينار، ووجدت في ذبح الأضاحي فرصة لجمع ما تبقى من رسوم"، مؤكداً أنه "لا يستطيع أن يجمع هذا المبلغ من عملية الأضاحي، ولكن يساهم في القليل مع ما يتم جمعه من الأسواق التي كان يعمل فيها".
وعن خطورة الأضاحي، أكد أنه "لا يتقن فنون الذبح، وهو يعمل فقط لتنظيف المذبح، والأعمال الخفيفة التي يطلبها أحد الجزارين".
ويحتوي مذبح "أبو أحمد البطنيجي" في غزة على أكثر من 30 عاملاً، منقسمين إلى نوعين، حيث بيَّن أبو أحمد أن "النوع الأول ممارس للمهنة ذو خبرة عالية يُتقن فنون الذبح، ونوع أخر مهمته التنظيف والرفع والتنزيل وتعبئة".
وعن اختياره للعمال، أكد أبو أحمد أن "همه الأول هو اختيار العُمال ذوي الأخلاق الحميدة، والإنسان المحترم، الذي يحترم ضغط العمل، والناس المكتظة لمشاهدة الأضحية، حيث التزاحم الشديد، ثم يتم اختيار العامل ذي الخبرة العملية اليومية، وليس الموسمية، التي قد تتسبب في أخطار جسيمة، يتحمل وزرها المضحي لعدم جلبه عاملاً ذا خبرة"، مشيرًا إلى أن "الميزة التي يمتاز بها العامل ذو الخبرة عن العامل الموسمي هي التعامل مع الأضحية من النظرة الأولى"، وأوضح أنه "في أول يوم من أيام العيد قمت بذبح 50 عجلاً، عبر ربطهم في حبل واحد، ولكن في العجل الـ51، ومن خلال تجربتي العملية اليومية، قمت بربطه بحبلين، لأنه شرس ومتوحش، ويحتاج إلى قوة استملاك، بغية منعه من الهروب".
وعن خطورة عملية الذبح، أكد أبو أحمد أن "الذبح خطير جداً، أولاً من حيث المعدات، فالسكاكين الحادة والآلات الكهربائية، ونوعية العجل، وثانياً العمال الذين ليسوا مؤهلين لعملية الذبح وتنقصهم الخبرة اليومية، ما يدفع الكثيرين للأخطاء، التي قد تؤدي لهروب العجل، وإحداث إصابات بين الناس، الذين يشاهدون عملية الذبح".
ودعا أبو أحمد المواطنين الذين يشاهدون عملية الذبح لأن "يبتعدوا عن الأماكن الخطرة، وعن منطقة الذبح، حيث أنها تُعيق العاملين في إتمام أعمالهم".
أرسل تعليقك