تعزيزات عسكرية لتأمين طرابلس اللبنانية
بيروت ـ جورج شاهين
استمر الوضع المتوتر في طرابلس، رغم اجتماع المجلس الأعلى اللبناني للدفاع، والتي أقر فيها تدابير إضافية لتأمين المدينة، كشفت حجم الخطة الجديدة والصارمة والتي نجح المجلس في حمايتها من أي تسرب إعلامي حتى ساعات الليل التي شهدت الانتشار الموسع للجيش اللبناني الذي لم يقم به من قبل، وظل
القصف متقطعًا ومعه رصاص القنص، وأعلنت المصادر الأمنية مقتل 4 موطنين، منذ فجر الأحد، فضلا عن إصابة 12 آخرين، فيما استنكر النائب عمار حوري نفي المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، المخاطر التي تهدد قيادات المستقبل، فيما راهن مصدر عسكري رفيع على الخطة الصاعقة التي ستكون فعالة في حفظ الأمن.
رأس الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان، الاجتماع في القصر الجمهوري في بعبدا، قبل ظهر الأحد، اجتماعاً للمجلس الأعلى للدفاع، تمّ خلاله بحث الأوضاع الأمنية في البلاد بشكل عام، ومدينة طرابلس بشكل خاص.
وبعد الاجتماع، تلا الأمين العام للمجلس، اللواء عدنان مرعب، بيانًا قال فيه إنه "بدعوة من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، عقد المجلس الأعلى للدفاع جلسة في القصر الجمهوري عند الساعة العاشرة من صباح الأحد، برئاسة الرئيس سليمان وحضور رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، وكلّ من وزراء المالية، والدفاع ، والخارجية بالوكالة، والداخلية والاقتصاد والتجارة".
وبحث المجلس الوضع الأمني في البلاد بصورة عامّة، وفي مدينة طرابلس ومحيطها بصورة خاصة، واطلع من قائد الجيش على التدابير التي تقوم بها قوى الجيش لضبط الوضع الأمني، وإعادة الهدوء إلى المدينة ومحيطها، وأعطى المجلس لهذه الغاية التوجيهات اللازمة للجيش وقام بتوزيع المهام على الوزارات والإدارات والأجهزة المعنية، وأبقى المجلس على مقرراته سريّة، وفقًا لنص القانون، وأبقى اجتماعاته مفتوحة، وقبل انعقاد المجلس، التقى الرئيس سليمان، رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وجرى بحث في الأوضاع العامة.
تزامنًا، وقبل وبعد اجتماع المجلس، كانت تُسمع في طرابلس من وقت إلى آخر أصوات طلقات نارية ودوي انفجارات ناتجة عن سقوط القذائف الصاروخية، وتحديدًا في محور التبانة والقبة والمنكوبين الفاصل بين بعل محسن العلوية وباب التبانة السنية، وقال تقرير أمني، بعد ظهر الأحد، إن حصيلة القتلى والجرحى الذين سقطوا في اشتباكات "طرابلس- القبة"، منذ ليل السبت، وحتى الساعة العاشرة صباحا، بلغت 4 قتلى و12 جريحا، وبعد الظهر ساد هدوء حذر في التبانة والقبة والمنكوبين تخرقه بعض رصاصات القنص.
من جهته، أقام الجيش حواجز في الساحات الرئيسية للمدينة، وهو يعمل على تفتيش السيارات والتدقيق في هويات المارة.
ومن جانبه، أكد مصدر عسكري رفيع لـ " العرب اليوم " أن "الخطة - الصاعقة" التي اقترحها قائد الجيش على أعضاء المجلس الأعلى للدفاع وأسهم في رسمها وزير الداخلية العميد مروان شربل الذي عاين أوضاع المدينة عن قرب والمخاوف من عمليات عسكرية كبيرة قد تخرج عن السيطرة إن لم توضع المدينة في أحيائها كافة ولا سيما تلك الخلفية منها لخطوط التماس التقليدية في عهدته بعيدًا عن منطق بقائه حاميًا لخطوط التماس بين الطرفين ما أوقعه فريسة الطرفين مرة من جهة بعل محسن العلوية ومرة أخرى من جهة باب التبانة.
وقال المرجع إن "الخطة تقضي بأن يلغي الجيش منطق خطوط التماس بين الطرفين وتغيير قواعد اللعبة التي تحكمت في المدينة منذ أشهر عدة، وتحديدًا منذ اندلاع الثورة في سورية قبل 21 شهرًا، واعتبار كل ما يجري فيها انعكاسًا لكل ما يجري في سورية.
وعلى هذه الخلفيات، دعا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عبر تويتر الجميع في طرابلس إلى التعاون مع القوى الأمنية "لكي نوقف النزف الحادث و نحصن مدينتنا من أتون الفتنة".
وأضاف " اتخذنا إجراءات واضحة ستترجم في الساعات المقبلة، فأنا لم ولن أتقاعس ثانية عن واجبي في حماية أهلي وبلدي ".
وتزامنت دعوة الرئيس ميقاتي مع المفاجأة التي نفذها الجيش اللبناني ليل الأحد – الإثنين عندما بدأ في تطبيق القرارات السرية التي اتخذها مجلس الدفاع الأعلى وأبقاها سرية لضمان نجاحها خلال الساعات القليلة التي تلت انتهاء أعمال المجلس .
وترجمت وحدات من النخبة الخطة الجديدة عندما انتشرت وحدات مؤللة ومدرعة من مغاوير الجيش بكثافة في منطقة جبل محسن العلوية ومحيطها ومداخلها وأزالت الظهور المسلح كمرحلة أولى من خطته، وسط فرحة عارمة من الأهالي.
وأشارت المعلومات التي بدأت في التسرب ليلًا إلى " العرب اليوم" إلى أن "المرحلة الثانية ستكون انتشار الجيش في باب التبانة ومحاور الاشتباكات كلها بعدما وسع نهارًا من انتشاره في أحياء طرابلس المختلفة لضمان سلامة وحداته في الخطوط الخلفية لخطوط التماس المباشرة بين المناطق السنية من جهة والعلوية من جهة أخرى".
وحتى الساعة العاشرة والنصف من قبل منتصف الليل كانت التقارير الأمنية تتحدث عن استمرار الاشتباكات المتقطعة على مختلف محاور التبانة - جبل محسن - المنكوبين، فيما يشهد محور الحارة البرانية - جبل محسن، منذ الساعة الثامنة من مساء اليوم، اشتباكات عنيفة بالقذائف الصاروخية والأسلحة الرشاشة.
وتزامن ذلك مع رد الجيش على مصادر النيران في محاولة لإسكاتها.
وكان المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أصدر بيانا، صباح الأحد، نفى فيه ما ورد على لسان النائب عمار الحوري من كتلة نواب تيار المستقبل، في حديث إلى إحدى الصحف اللبنانية، الأحد، قال فيه إن "وزير الداخلية والبلديات مروان شربل سلّم رئيس مجلس الوزراء لائحة بأسماء 15 شخصية في دائرة الخطر، وطالب بعقد اجتماع عاجل للقيادات الأمنية للبحث في الموضوع، لكن الرئيس ميقاتي استمهله في حينه"، ونفى المكتب الإعلامي للرئيس ميقاتي هذا الخبر جملة وتفصيلا".
واستنكر النائب عمار حوري نفي المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة، المخاطر التي تهدد قيادات المستقبل، ورد ببيان جاء فيه: "تعليقا على ما صدر عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، صباح الأحد، والذي ينفي فيه الخبر المتعلق بوجود 15 شخصية من كتلة نواب المستقبل وتيار المستقبل، في دائرة الاستهداف جملة وتفصيلا، يهم النائب حوري أن يوضح للرأي العام الصابر المصابر ما يلي:
أولا: بتاريخ الجمعة 16 تشرين الثاني/ نوفمبر، استقبل وزير الداخلية موفدا من قبل قيادة تيار المستقبل، أطلعه على المخاطر التي تهدد حياة 12 نائبا من كتلة نواب المستقبل وثلاثة قياديين في التيار، طالبا تأمين الحمايات الضرورية لذلك.
ثانيا: تفهم الوزير مشكورا حجم المخاطر المحيطة بهذه الأسماء وأجرى اتصالا برئيس الوزراء في اليوم نفسه، بحضور موفد قيادة تيار المستقبل، أطلعه فيه على هذه المخاطر، مقترحا عقد جلسة طارئة لقادة الأجهزة الأمنية، لبحث الموضوع، فأجاب رئيس الوزراء، بأنه بصدد السفر إلى الفاتيكان، وبمجرد عودته، الأربعاء، سيهتم بالأمر.
ثالثا: أما وقد دخلنا في الأسبوع الرابع والمكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء ما زال لا يلم بالموضوع جملة وتفصيلا، نأمل في أن يكون قد وصل إلى مسامع المكتب أن بطلا بحجم اللواء وسام الحسن سقط شهيدا، وأن متفجرة قبل يومين كانت ستودي بمنطقة اسمها الطريق الجديدة".
أرسل تعليقك