غزة ـ محمد حبيب
يحيي الفلسطينيُّون الأحد، الذِّكرى الـ 26 للانتفاضة الفلسطينيَة الأولى، التي عرفت بانتفاضة "الحجارة"، بحيث تعيد تلك المناسبة ذاكرة الفلسطينيِّين إلى الحجر والمقلاع، اللذان كانا من أهم الأدوات التي يستخدمها الفلسطينيُّون للدِّفاع عن أنفسهم ومقاومة الاحتلال فيها، عندما كانت تدخل الأزقَّة والشوارع بالجيبات. وقد بدأت الانتفاضة
في 8 كانون الأول/ ديسمبر 1987، وكان ذلك في جباليا، في قطاع غزة، ومن ثم انتقلت إلى جميع مدن وقرى ومخيّمات فلسطين. ويعود سبب الشرارة الأولى للانتفاضة، إلى قيام سائق شاحنة إسرائيلي بدهس مجموعة من العمّال الفلسطينيّين على حاجز "إريز"، الذي يفصل قطاع غزة عن بقية الأراضي الفلسطينية منذ 1948. وهدأت الانتفاضة في العام 1991، وتوقفت نهائيًا مع توقيع اتفاقية أوسلو بين "إسرائيل" ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993. ويُقدّر أن 1.300 فلسطينيا استشهدوا أثناء أحداث الانتفاضة الأولى على يد جيش الاحتلال "الإسرائيلي"، كما قتل 160 "إسرائيليّا" على يد الفلسطينيين. وحذرت حركة حماس السبت، الاحتلال الإسرائيلي من "مغبّة تصعيده وعدوانه على الشعب الفلسطيني"، مشيرة إلى أن "الجماهير الفلسطينية لن تبقى مكتوفة الأيدي، وستنتفض دفاعًا عن الثوابت والمقدسات". وأكدت الحركة في الذكرى الـ 26 لانتفاضة الحجارة أن "المقاومة خيار استراتيجي قادر على تحقيق تطلّعات الشعب الفلسطيني في التحرير والعودة، مع استمرار إجرام الاحتلال". وقالت الحركة، في بيان صحافي: سيبقى الشعب الفلسطيني متمسكًا بكلّ ذرّة من تراب أرضه، ولن يقبل بأيّ اتفاق أو حلول تتنازل وتفرّط في الحقوق والثوابت الوطنية والمقدسات، وتتنكّر لدماء الشهداء وتضحيات الأسرى الذي بذلوا أرواحهم وأعمارهم من أجل فلسطين من بحرها إلى نهرها". وشددت حركة "حماس" على "تمسكها بتحقيق المصالحة الوطنية وبناء وحدة وطنية حقيقية قائمة على برنامج نضالي موحّد بين جميع الفصائل والقوى الفلسطينية لمجابهة مخططات الاحتلال وجرائمه صفًا واحدًا والعمل على تحرير الأرض وبناء الدولة الفلسطينية". ودعت "حماس" السلطة الفلسطينية إلى "وقف المفاوضات التي وصفتها بالعبثية التي ثبت فشلها وعقمها، والكف عن التنسيق الأمني مع الاحتلال الذي أضرّ بمصالح شعبنا ومقاومته"، كما دعت الشعب الفلسطيني إلى "مواصلة صمودهم وثباتهم وتمسكهم بحقوقهم وثوابتهم وتصدّيهم لمخططات الاحتلال وجرائمه". هذا وحققت الانتفاضة الأولى نتائج سياسية غير مسبوقة، إذ تم الاعتراف بوجود الشعب الفلسطيني عبر الاعتراف الإسرائيلي الأميركي بسكان الضفة والقدس والقطاع على أنهم جزء من الشعب الفلسطيني وليسوا أردنيين. وأدركت إسرائيل أن للاحتلال تأثير سلبي على المجتمع الفلسطيني كما أن القيادة العسكرية أعلنت عن عدم وجود حل عسكري للصراع مع الفلسطينيين، مما يعني ضرورة البحث عن حل سياسي رغم الرفض الذي أبداه رئيس الوزراء إسحق شامير عن بحث أية تسوية سياسية مع الفلسطينيين. وأدت هزيمة صدام حسين خلال حرب الخليج الثانية إلى ارتياح في داخل المجتمع الإسرائيلي، مما يعني نهاية أي تهديد محتمل من "الجبهة الشرقية" واستبعاد فكرة احتمال تشكيل قوات تحالف عربية لمهاجمة إسرائيل، مما أدى إلى تغير الشعور الإسرائيلي بالتهديد فاكتسبت إسرائيل القدر الكافي من الثقة الذي يمكنها من القيام بمبادرات سياسية أكثر خطرًا وأراد كل من الرئيس جورج بوش الأب وحلفائه الأوروبيين والعرب استخدام نتائج الحرب كنقطة انطلاق لعملية سلام بين العرب والدولة العبرية. فجاء مؤتمر مدريد الذي شكل بداية لمفاوضات السلام الثنائية بين إسرائيل والدول العربية وتم التشاور مع الفلسطينيين بشأن حكم ذاتي. تم إجراء بعد ذلك عدد من المفاوضات غير العلنية بين الفلسطينيين والإسرائيليين في النرويج التي أدت إلى التوصل إلى اتفاق أوسلو الذي أدى إلى انسحاب إسرائيلي تدريجي من المدن الفلسطينية، بدًا بغزة وأريحا أولًا، عام 1994، وتواصل مع باقي الـمدن باستثناء القدس وقلب مدينة الخليل، مما يتنافى مع الاتفاق. وكان قد سبق التوقيع تبادل عدد من الرسائل بين ياسر عرفات وإسحق رابين تعترف فيه منظمة التحرير بحق إسرائيل في الوجود وتتخلى عن اللجوء إلى الإرهاب، المقصود به مقاومة الاحتلال من وجهة النظر الإسرائيلية. في المقابل تلتزم إسرائيل بإيجاد حل سلمي للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي واعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل الشعب الفلسطيني. وتم إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية التي أصبحت لها السيادة مكان الإدارة المدنية الإسرائيلية تنفيذًا للاتفاقات الموقعة. في أيلول/ سبتمبر من عام 1995 تم توقيع اتفاق جديد سمي بأوسلو 2 وتضمن توسيع الحكم الذاتي الفلسطيني من خلال تشكيل المجلس التشريعي الفلسطيني وهو هيئة حكم ذاتي فلسطينية منتخبة. وفي 20 كانون الثاني/ يناير 1996، تم إجراء أول انتخابات رئاسية وتشريعية فلسطينية. وفي آب/ أغسطس 2004، تم نقل الصلاحيات والمسؤولية إلى ممثلين فلسطينيين في الضفة الغربية في 5 مجالات محددة: التعليم والثقافة، الصحة، الرفاة الاجتماعي، الضرائب المباشرة والسياحة.
أرسل تعليقك