غزة – محمد حبيب
غزة – محمد حبيب
أكّدَت مصادر فلسطينية مطلعة، اليوم الخميس، أن جلسة المفاوضات التي رعاها الوسيط الأميركي بين الوفدين الفلسطيني المكون من صائب عريقات وماجد فرج، والإسرائيلي الذي ضم تسيفي ليفني وإسحق مولخو، مساء الأربعاء وفجر اليوم الخميس، فشلت رغم أنها استمرت 9 ساعات (من الساعة 7 والنصف مساءَ الأربعاء
وحتى الرابعة والنصف فجر اليوم الخميس)، إلا أنها كانت أشبه بمعركة طاحنة بين الوفدين عجز خلالها الوسيط الأميركي عن منع الاصطدام، حسب تلك المصادر.
وأعلنت المصادر أن جلسة المفاوضات، التي استمرت من قبل منتصف ليلة الأربعاء وحتى فجر اليوم، كانت معركة سياسية طاحنة بين الوفد الفلسطيني والوفد الاسرائيلي، ولم ينجح الوسيط الاميركي مارتن انديك في تبريد الرؤوس الحامية، فيما هدد الوفد الاسرائيلي وتوعّد الجانب الفلسطيني بعقوبات غير مسبوقة.
وأشارت المصادر نفسها إلى أن صائب عريقات ابلغ الوفد الاسرائيلي (اننا جئنا لنفاوض باسم دولة فلسطين المعترف بها قانونيا من الامم المتحدة انها دولة تحت الاحتلال، وليس بصفة سلطة تتحكم اسرائيل في مدخلاتها ومخرجاتها)، وهو ما اغضب الوفد الاسرائيلي الذي هدد بفرض عقوبات لها أول وما لها آخر ضد الفلسطينيين.
ووسط ذلك حاول الوسيط الاميركي شدّ ازر اسرائيل ووضع اللائمة على الفلسطينيين خشية من تدهور الاوضاع الامنية، الا ان رئيس المخابرات الفلسطينية اللواء ماجد فرج أعلن: "لا تتعب نفسك في مساندة اسرائيل لان اسرائيل دولة قوية ومدمرة، ولا تحتاج الى مزيد من مساعدتكم لها ضدنا، وإنني كمسؤول في الامن الفلسطيني اقول لكم اننا هنا في مفاوضات سياسية وليست امنية، وانني جئت من اجل أن أفاوض عن القدس عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة وانا رجل امن من اجل امن شعبي، وليس لافاوض على اطلاق سراح عدد من الاسرى، فاشتعل النقاش، واستمرت جلسة المفاوضات العاصفة اكثر من 7 ساعات بين كر وفر".
وبعد ان رفع الوفد الاسرائيلي سقف تهديداته ضد الفلسطينيين، قال عريقات موجها كلامه الى رئيسة الوفد الإسرائيلي: اذا صعّدتم ضدنا فسنقوم بمطاردتكم كمجرمي حرب في كل المحافل الدولية.
وكَشَفَت مصادر سياسية ان حكومة نتنياهو فقدت توازنها، ولا تزال تعتقد ان الامر مجرد تكتيك للحصول على بعض فتات الطاولة الذي ترميه تل ابيب، ولا يريدون ان يفهموا ان الرئيس الفلسطيني قرر فعلا توقيع 4 دفعات من طلبات الانضمام للمعاهدات الدولية، وان جلسة المفاوضات فشلت، وان الوسيط الاميركي حاول كسب المزيد من الوقت لمنع الاصطدام الذي بدا محتومًا.
وفي السياق ذاته، أعلن موقع صحيفة "معاريف" الاسرائيلية انه في ظل اقدام الرئيس عباس على الانضمام الى منظمات الامم المتحدة فانه "لن يتبقى في يد اسرائيل غير اعادة احتلال المنطقة، بما فيها غزة، وهكذا الدفن دفنة عالمية لاتفاقات اوسلو"، مشيرة الى ان الكثيرمن الناس يتمنون ذلك امثال وزير الحرب يعلون، دانون، لفين، ليبرمان، بينيت وكل شركائهم، ويحتمل حتى نتنياهو".
وأكّد الكاتب الاسرائيلي البروفيسور تشيلو روزنبرغ في الصحيفة ان "قرار أبو مازن تحطيم الأواني والتوقيع على انضمام السلطة الفلسطينية الى 15 ميثاقًا دوليًا هو خطأ فادح، وهو تذكير بالاخطاء التاريخية لزعامة عرب اسرائيل منذئذٍ وحتى اليوم"، موضحًا ان "تلك الخطوة عديمة الحكمة، حيث أعطى أبو مازن ريح إسناد أيضًا لمعارضي المسيرة السياسية في اسرائيل، ممن فعلوا كل ما في وسعهم لإحباطها".
وأوضح "ينضم ابو مازن الى سلسلة غير محترمة من الزعماء الفلسطينيين الذين سيُذكرون بسمعة سيئة أبدًا، غير أن أثر السخافة السياسية لابو مازن سيشعر به الناس في اسرائيل جيدًا، فرافضو المسيرة السياسية في اسرائيل يمكنهم أن يفرحوا في ضوء فشل المفاوضات إذ إن حلمهم تحقق"، متسائلاً: "هل هذا جيد لاسرائيل؟ ستنبؤنا الايام".
وأعلن "لقد أخرجت الولايات المتحدة يدها من المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين منذ زمن بعيد، ومحاولات كيري تنفيذ تنفس اصطناعي للمسيرة، والذي لم يكن له فرصة منذ البداية"، موضحًا "من كانت أُذنه منصتة لوسائل الاعلام الاميركية في الفترة الاخيرة يعرف بسهولة كم كان قاسيًا الانتقاد الموجه لكيري بسبب جهود تلك".
وأكّد "تسريبات متكررة من البيت الابيض وحتى من وزارة الخارجية انتقدت بشدة استمرار مساعي كيري، ومن شدة يأسه حاول اخراج أرنب من القبعة في شكل بولارد وحتى هذا، بالنسبة إلى محافل أميركية مغفّلة تقتبسها وسائل الاعلام، فان كيري لم يتمكن من الفهم بان بولارد هو بمثابة ضريبة شفوية تدفعها اسرائيل ليس الا".
وأوضح "ان أحدا في اسرائيل لم يسقط من كرسيه حين سمع بان الاميركيين مستعدون لهذه البادرة الطيبة المتمثلة في تحرير بولارد غير ان الولايات المتحدة ليست كيري فقط، فاوباما توصل الى الاستنتاجات اللازمة منذ زمن بعيد وسحب يده من المفاوضات، وقد فهم الرئيس الاميركي بان تربيع هذه الدائرة متعذر، ومن تابع تصريحات اوباما يعرف أنه لا يصنع جميلاً لاسرائيل فيلقي بالمسؤولية بكاملها على الفلسطينيين، العكس هو الصحيح".
وأشار إلى أنه "من أجل الاستقامة الفكرية والنزاهة، ينبغي الاعتراف بان المذنبين المركزيين هم الفلسطينيون وأبو مازن على رأسهم، فمن اعتقد بان أحدًا ما في أوساط القيادة الفلسطينية سيتخلى عن الرواية الفلسطينية المعروفة جدًا والمستندة الى حق العودة، شرق القدس كلها كالعاصمة الفلسطينية وازالة كل المستوطنات حتى حدود 67، على الاقل، فقد اخطأ خطأً مريرًا، وموضوع السجناء هو الآخر جزء لا يتجزأ من الفكرة الفلسطينية التي لن يتخلى الفلسطينيون عنها، ومن يوهم نفسه بان هذا سيحصل فليس واقعيًا".
وأعلن "بعد أن أشرنا الى العامل الاساس في فشل المفاوضات، يجدر التمسك بالاستقامة الفكرية ذاتها والقول على رؤوس الأشهاد: "في أوساط القيادة الاسرائيلية الحالية التي تمثل الاغلبية في الجمهور اليهودي في اسرائيل يوجد تنفسٌ للصُّعَداءِ كبيرٌ على انهيار المفاوضات".
واستدرَكَ الكاتب "يُحتمل أن يكون نتنياهو مستعدًا لتنازلات بعيدة الأثر كي يصل الى تسوية، وإن كان هذا الحسم موضع شكّ، فليس في داخل حزبه وليس في أوساط شركائه الائتلافيين أغلبية لخطوة تاريخية، ومن ينظرْ بدقة إلى الواقع السياسي الإسرائيلي يفهمْ بأن تسوية سياسية مع الفلسطينيين متعذرة، ومن ساعد نتنياهو وكل المعارضين المتشددين لكل مسيرة أيًّا كانت مع الفلسطينيين ليس سوى أبو مازن بعظمته، وهذا خطأ جسيم سيُسجل في التاريخ كسخافة فظيعة أُخرى"، حسب زعمه.
ولفَتَ إلى أن "المؤكد أن في انتظارنا أحداثًا محملة بالمصير أولها هو موضوع مستقبل اسرائيل"، مبينًا "واضح للجميع بأن اسرائيل تقترب بخطوات هائلة نحو واقع من شأن الدولة القومية اليهودية فيه أن تتحول الى دولة ثنائية القومية، مع كل ما ينطوي عليه ذلك من معنى"، موضحًا "بأن انصراف أبو مازن من الساحة السياسية الفلسطينية في الضفة سيؤدّي إلى سيطرة محافل متطرفة أكثير بكثير".
وأعلن "لن يتبقى في يد إسرائيل غير إعادة احتلال المنطقة، بما فيها غزة، والقيام بدفنة عالمية لاتفاقات اوسلو".
وبيّن أن "الكثير من الإسرائيليين واثقون في أنه يمكن تدبر الحال حتى من دون الولايات المتحدة، وقد صنع لهم أبو مازن جميلاً، وتسبب في أن تتَصدَّى وحدها للمشكلة الفلسطينية، على الأقل في السنوات القريبة المقبلة".
أرسل تعليقك