جانب من مؤتمر "أصدقاء سورية" في الدوحة (صورة أرشيفية)
دمشق ـ جورج الشامي
يجتمع وزراء خارجية 11 دولة من مجموعة "أصدقاء سورية" في الدوحة، السبت، للبحث في سبل تقديم مساعدة عسكرية إلى مقاتلي المعارضة السورية، فيما استبعدت فرنسا، تسليم مقاتلي المعارضة السورية أسلحة يمكن أن توجه إليها مستقبلاً، في الوقت الذي انتزعت فيه قمة مجموعة الثماني التي انعقدت في
أيرلندا الشمالية، عددًا من التنازلات من روسيا، سيكون لها تأثير على مؤتمر "جنيف2"، في حال توافرت شروط انعقاده.
ويهدف اجتماع الدوحة إلى تلبية الحاجات التي عبر عنها رئيس أركان الجيش الحر اللواء سليم إدريس، خلال الاجتماع الذي عقد في إسطنبول 14 الشهر الجاري، مع ممثلي الدول الـ11 "في شكل تشاوري ومنسق ومتكامل".
وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، الخميس، خلال ندوة صحافية في الدوحة، "نحن (فرنسا) لا نسلم أسلحة لكي يتم توجيهها إلينا، وهذا واضح، قلنا دائما إننا هنا لمساعدة المقاومة لنظام الرئيس بشار الأسد للوصول إلى حل سياسي، لكن بالنسبة للأسلحة، من غير الوارد تسليم أسلحة في ظروف غير مؤكدة في ما يتعلق بنا، وسنحاول استعراض الوضع على الأرض، ونرى كيف يمكننا مساعدة التحالف والوصول إلى وضع سياسي"، في إشارة إلى الاجتماع الذي سيجمع الجمعة الدول الـ11، المكون الرئيس لمجموعة "أصدقاء سورية"، في العاصمة القطرية الدوحة، التي يزورها السبت الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، ضمن جولة شرق متوسطية تشمل الأردن أيضًا.
ونفى وزير الخارجية الفرنسي، الخميس، أن تكون باريس قد غيرت موقفها تجاه المشاركة الإيرانية في "جنيف2"، وقال على هامش زيارة لمعرض الطيران في لوبورجيه قرب باريس، "لم تغير فرنسا موقفها، قالت إنه يمكن لكل الأطراف التي لديها مواقف مفيدة أن تحضر المؤتمر، أي أولاً أن تقبل هدف المؤتمر، وهو تشكيل حكومة انتقالية بتوافق مشترك تتمتع بالسلطات التنفيذية كافة، وحاليًا لم توافق إيران على أن يكون ذلك هدف المؤتمر، إذا أدلت الرئاسة الإيرانية الجديدة بتصريحات بهذا المعنى فسنرى الموقف".
وأكدت مصادر دبلوماسية فرنسية، أن هناك قرارًا سياسيًا بالتجاوب مع الطلبات التي قدمها رئيس هيئة أركان الجيش الحر اللواء سليم إدريس الأسبوع الماضي، للحصول على الأسلحة النوعية التي تحتاجها المعارضة، وأن الأمر المهم هو أن يكون التجاوب "جماعيًا" وليس عمل بلد أو بلدين، علمًا أن المطلوب لا ينحصر فقط في الأسلحة النوعية، ولكن أيضًا في التأهيل والتدريب والاستعلام والتخطيط.
ووصفت المصادر الدبلوماسية، البيان الختامي الصادر عن مجموعة الثماني، في 18 حزيران/يونيو الجاري في أيرلندا الشمالية، بأنه "تسوية الحد الأدنى"، مضيفة أنه على الرغم من التصلب الروسي، فإن الغربيين تمكنوا من انتزاع عدد من التنازلات، سيكون لها تأثير في المستقبل على مسار الأحداث، وتحديدًا مؤتمر "جنيف2"، في حال توافرت شروط انعقاده، وأن رؤساء الدول والحكومات الثمانية أقروا 5 مبادئ طلبوا من مساعديهم ومستشاريهم ترجمتها إلى "إعلان" رسمي، وهي وقف حمام الدم في سورية، وجمع الأطراف المتصارعة على طاولة مفاوضات، ومعالجة الوضع الإنساني وتوفير المساعدات الضرورية لذلك، والدعوة لمؤتمر "جنيف2"، والتوافق على محاربة المنظمات الإرهابية والمتطرفة، وأخيرًا إدانة استخدام السلاح الكيميائي والمطالبة بتحقيق دولي بشأن هذا الملف.
وتصف المصادر الفرنسية قبول الروس بأن تقوم حكومة انتقالية في سورية تتولى كل الصلاحيات التنفيذية، بما فيها الإشراف على أجهزة المخابرات والأمن والجيش، بـ"النجاح النسبي"، لا سيما أن ذلك يعني انتقال السلطة من يد الرئيس بشار الأسد، أما بالنسبة لغياب تاريخ محدد لمؤتمر السلام الخاص بسورية، فالسبب وراء ذلك يعود إلى عجز المجتمعين عن الاتفاق على تاريخ، وليس وفق ما أعلنه وزير الخارجية الروسي لافروف، الذي أكد أن السبب هو "عدم تأكد الغربيين" من قدرتهم على حمل المعارضة على المشاركة في المؤتمر، فيما ألمحت مصادر أخرى إلى أن "السبب الحقيقي هو الرغبة في توافر الوقت اللازم من أجل إعادة التوازن إلى الميدان العسكري بعد النجاحات التي حققها الجيش السوري"، أما النجاح الثاني الذي تحقق في القمة فهو قبول الروس بأن تذهب اللجنة الدولية للتحقيق في استخدام الأسلحة الكيميائية إلى المناطق السورية كافة، وهو ما كانت ترفضه موسكو قبل أقل من شهرين، فضلاً عن أن الروس قبلوا أن تقدم اللجنة تقريرها مباشرة إلى مجلس الأمن الدولي.
وكشفت المصادر الدبلوماسية، عن أن الطرف الروسي هو الذي أصر على تضمين البيان الختامي فقرة عن "ضرورة احترام المعايير الدولية" في التحقيق بشأن مزاعم استخدام الكيميائي في سورية، علمًا أن موسكو شككت بما توصلت إليه العواصم الغربية الثلاث، باريس ولندن وواشنطن، بشأن استخدام الحكومة السورية لأسلحة كيميائية بوصفها الدلائل بأنها "غير مقنعة"، فيما أكدت باريس، أن الفقرة المتعلقة بمحاربة المنظمات الإرهابية والمتشددة متعلقة بما سينتج عن "جنيف2"، ولقيام حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات وليس تعاونا بين حكومة الأسد والمعارضة.
ونجح الغربيون في منع الروس من تحقيق هدف الإشارة إلى "وفود للمعارضة" بصيغة الجمع وليس "وفد المعارضة" بصيغة المفرد، حيث كان الروس يريدون "وفود عدة"، بينما أصرت بقية الدول على عبارة "وفد واحد للمعارضة"، ووفقًا لباريس، فإن مجموعة الـ11، الدول الأساسية لـ"أصدقاء سورية"، يعتبرون أنه يعود إلى الائتلاف الوطني السوري أن يشكل "الرأس والعصب" للوفد التفاوضي، مع الانفتاح على شخصيات مستقلة من المعارضة أو أخرى تسير في الاتجاه نفسه الذي يسير فيه الائتلاف.
وقالت المصادر الفرنسية، "إنه من الصعب جدًا أن نترك الروس يشكلون بأنفسهم وفد المعارضة، بينما لا يزالوا يمدون دمشق بأقوى الأسلحة، علمًا أن موسكو تناور لكي تعطي ممثلين عن "هيئة التنسيق" دورًا كبيرًا في "جنيف2"، وهو ما يرفضه الائتلاف.
واعتبر نائب رئيس الوزراء البريطاني نيك كليج، أن بلاده يجب ألا تنظر في فكرة التدخل العسكري في سورية، وأن لندن يجب أن تقدم مساعدة إنسانية للاجئين السوريين، إضافة إلى مساعدة "غير فتاكة" للمقاتلين، وأن بلاده اتخذت عددًا من الخطوات، وتعمل على تسوية الأزمة السورية سياسيًا وستستمر في ذلك عبر التعاون الوثيق مع فرنسا والولايات المتحدة، لأن هذا ما يجب علينا عمله كممثلين للمجتمع الدولي، رافضًا "التورط في أزمة عسكرية"، فيما رفض وزير الخارجية الألماني جيدو فسترفيله، توريد السلاح إلى المعارضة السورية، قائلًا خلال مؤتمر صحافي في نيورنبيرج، الخميس، "توجد إمكانات عدة لمساعدة المعارضة عبر وسائل مدنية، ومن يورد السلاح إلى المعارضة السورية يجب عليه أن يكون متأكدًا أن هذا السلاح لن يقع في يد المتطرفين والإرهابيين"، مؤكدًأ في الوقت نفسه، رفض برلين للحل العسكري في سورية، قائلًا "في الدرجة الأولى، يجب علينا الاهتمام بالحل السياسي، حتى وإن لم تكن فرص نجاحه كبيرة".
وأكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، أن الغرب لا يريد الالتزام بإطار زمني محدد لعقد مؤتمر "جنيف2" المقترح للسلام في سورية، لأنه "ليس متأكدًا من أن المعارضة ستوافق على المشاركة في المؤتمر"، وأن اختلاف موسكو مع شركائها الغربيين يتعلق "بطرق تسوية الأزمة السورية وليس في الأهداف النهائية"، وأن الجميع لا يريدون تكرار "السيناريو العراقي" مرة أخرى في هذه البلاد المضطربة، محذرًا من تزويد المعارضة السورية بالأسلحة، قائلاً "إن موسكو لا تشك في أن (جبهة النصرة) المرتبطة بتنظيم (القاعدة)، ستحصل على الأسلحة الغربية في حال توريدها إلى سورية، وأن هذه الجماعة هي الهيئة الأكثر فعالية في المعارضة السورية، الأكثر تنظيمًا وتنسيقًا".
ودعا نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف في حديث إلى "الحياة" إلى تطبيق صيغة "لا غالب ولا مغلوب" اللبنانية لإيجاد حل سياسي في سورية، واستبعد إمكان التوصل قريبًا إلى تحديد موعد دقيق لمؤتمر "جنيف2"، قائلاً "إن ذلك يتوقف على طبيعة وآلية مشاركة أطراف المعارضة السورية".
وأضاف المسؤول الروسي، "إن الأمين العام لـ(حزب الله) السيد حسن نصر الله أبلغه بأن التدخل في سورية تقرر بعدما وصل المقاتلون المعارضون إلى دمشق، وكادوا يحتفلون بالنصر"، واعتبر أن العالم أضاع عامًا بعد اتفاق "جنيف"، مدافعًا عن حق بلاده في تنفيذ عقود السلاح الموقعة مع "حكومة شرعية"، ومستغربًا الضجة المثارة بشأن الموضوع، بينما ينشر الأميركيون صواريخ مماثلة في تركيا والأردن.
وطالب الجيش السوري الحر "المعارض"، دول مجموعة "أصدقاء سورية"، التي تجتمع السبت في الدوحة، بأن تمده بصواريخ محمولة مضادة للطيران وللدروع، وبإقامة منطقة حظر جوي، متعهدًا بألا تصل هذه الاسلحة أبدًا إلى أيدي متطرفين، حيث قال المنسق الإعلامي والسياسي لـ"الحر" لؤي مقداد، "إن مطالبنا واضحة، وضعنا قائمة بها وسلمناها إلى الدول الصديقة"، محذرًا من "كارثة إنسانية" في سورية في حال عدم تلبية هذه المطالب، قائلاً "أولاً نريد ذخيرة للأسلحة التي لدينا، والأهم هو صواريخ مضادة للطيران تحمل على الكتف وصوارخ مضادة للدروع وصواريخ صغيرة أرض - أرض، وأخذ الإجراءات اللازمة لإقامة منطقة حظر جوي، لأننا متخوفون من استخدام النظام صواريخ (سكود) مع رؤوس غير تقليدية لقصف المناطق المحررة، وبالتالي نحن بحاجة إلى ملاذ آمن، وإذا لم يعطونا الأسلحة، سنكون أمام كارثة إنسانية لأن كل منطقة يقتحمها الجيش السوري ينفذ فيها مذبحة"، متهمًا "الميليشيات الأجنبية" التي تعاون دمشق مثل "حزب الله" الشيعي اللبناني، بأنها "لا تلتزم أي مواثيق أو معاهدات دولية".
وأوردت صحيفة "بلومبيرغ" الأميركية، الأربعاء، أن رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال مارتن دمبسي اختلف خلال لقاء في البيت الأبيض أخيرًا، مع وزير الخارجية جون كيري، بشأن فوائد شن ضربات عسكرية ضد الحكومة السورية.
وقال جيفري جولدبرغ في الصحيفة، نقلا عن مصادر لم يسمها، "إن كيري دافع عن شن غارات على قواعد جوية للنظام السوري تستخدم لإطلاق أسلحة كيميائية ضد المعارضين المسلحين، وذلك خلال اجتماع في البيت الأبيض الأسبوع الماضي، إلا أن دمبسي حذر بشدة من أن الغارات الجوية تنطوي على مخاطر كبيرة، وأن شل الدفاعات الجوية السورية سيتطلب ضربات جوية على نطاق واسع، ووجه دمبسي انتقادات إلى كيري، وطالب بطرح خطة لمرحلة ما بعد الغارات الجوية، مشيرًا إلى أن وزارة الخارجية لا تدرك فعلًا حجم ومدى تعقيد مثل هذه العملية".
وأقر مسؤولون أميركيون بوجود نقاش وجدل بشأن السياسة الواجب اتباعها إزاء سورية، لكنهم حاولوا التقليل مما أوردته الصحيفة، بالقول إن المسؤولين تجادلا بصوت عال، فيما أكد مسؤول في وزارة الدفاع "البنتاغون"، لوكالة "فرانس برس"، أن "رئيس الأركان كان واضحًا عندما قال إننا بحاجة إلى فهم كل الخيارات وكل العواقب، وأن دمبسي يعتبر أن دوره هو إسداء أفضل نصيحة بشأن عواقب أي عملية عسكرية، لكنه لم يتخذ موقفًا رافضًا لمثل هذا التدخل".
وأكد نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، في مقابلة لوكالة "أسوشييتد برس" أُجريت في دمشق، أنه "واثق تمامًا" من أن الجيش السوري سيستعيد جميع الأراضي من أيدي المعارضة، على الرغم من الكميات الهائلة من الأسلحة والمقاتلين التي أرسلت إلى سورية، وأن قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما تسليح المعارضة "أفقد الولايات المتحدة مصداقيتها".
وبحث الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، في تطورات الأزمة السورية والتحضيرات لمؤتمر "جنيف 2"، مع الممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون في القاهرة، الخميس، حيث اعتبرا الوضع "مأساوي"، في حين تباحث العربي مع الرئيس المستقيل للائتلاف الوطني معاذ الخطيب بشأن آخر مستجدات الأزمة، وما توصل إليه في قمة مجموعة دول الثماني في أيرلندا الشمالية، مساء الثلاثاء الماضي.
واتهمت وزارة الخارجية السورية القاهرة بالاشتراك في "سفك الدم السوري"، تعليقًا على دعوة "رابطة علماء المسلمين" خلال مؤتمر عقد في القاهرة 12 حزيران/يونيو الجاري إلى "وجوب شن حرب دينية في سورية"، معتبرة الفتاوى الصادرة عن رجال دين سنة في دول عربية عدة "تحريضًا على الإرهاب".
أرسل تعليقك