"أهل الكهف" السوريين في ريف إدلب نزوح ومعاناة
دمشق - جورج الشامي
مع ازدياد حدة الاشتباكات والقصف العشوائي على مختلف المدن والمحافظات والبلدات، بحثت عدد من العوائل السورية عن ملجأ لها في الداخل، فسكن بعضهم الكهوف في محاولة لحماية الأطفال والنساء من النيران التي تشعل البلاد، ليسموا فيما بعد بـ "أهل الكهف". ويسرد أحد مواقع المعارضة السورية قصة بعض سكان
هذه الكهوف في ريف أدلب، من خلال تقرير ميداني، فيقول: وصلنا الكهف يوم استقباله ساكنًا جديدًا سيعيش فيه إلى أجلٍ غير مسمى، إنها الطفلة أسماء التي ولدتها أمها السبت، وكان عمرها لا يتجاوز 24 ساعة لحظة وصولنا.
كانت أم أسماء نزحت مع زوجها من بلدة كفر نبودة في ريف حماه قبل 6 أشهر، ولعجزهم عن إيجاد بيتٍ يؤويهم، وبسبب القصف بالطيران الحربي على المنطقة، وجدوا أن الكهف الصخري هو أفضل مكانٍ يلجؤون إليه، يجاور كهفهم أعدادًا كبيرة من كهوفٍ مماثلة تسكنها عوائل أخرى، ويرجّح أن الموقع كان مستوطنة بشرية تعود إلى العصر الحجري القديم (الباليوليت)، ولو أن عددًا من تلك الكهوف استُخدمت في فترات تاريخية لاحقة مدافن للموتى، وخصوصًا أيام الرومان.
وينتشر نازحو أهل الكهف على مساحةٍ تزيد عن 500 دونمٍ من الأراضي الصخرية في أقصى ريف إدلب الجنوبي، ويقدّر عدد العوائل الساكنة لكهوف هذه المنطقة بـ 50 عائلة، معظمهم من كفرنبودة، غير أن هذا العدد قابل للازدياد في أية لحظة، حالما يشتد القصف، وخصوصًا بالطيران الحربي، على المنطقة.
وسواء كان مدفنًا، أم مستوطنة بشرية، أم تجويف صخري طبيعي يبقى الكهف هو الحصن الحصين لعائلة أسماء، ويقول أبو أسماء: حاولنا إيجاد بيت في أية قرية من حولنا، لكن القرى كلها مزدحمة بالنازحين، وحاولت الذهاب إلى مخيمات اللجوء في تركيا، لكن المخيمات مغلقة، وهم لا يستقبلون لاجئين جدد، وأنا لا أملك حتى أجرة سيارةٍ إلى الحدود التركية، لكن الله لم يقطعنا، فقد بعث لنا رجلا فاضلا من أهالي معارة حرمة تبرع لنا بهذا الكهف، أخرج منه التبن والأشياء التي كان يخزنها فيه وقدمه لنا كي نسكن فيه.
وفي كهفٍ آخر أكثر اتساعًا، تقول أم بشرى (امرأة من كفرنبودة في الأربعينيات من عمرها): إنها تعتبر نفسها محظوظة، فكهفها كبير لدرجة أنك يمكنك أن تقف فيه بأريحية، بينما معظم كهوف الجيران وطيئة، ولا يمكنك الوقوف منتصبًا داخلها، مما تسبب بمرض الديسك عند إحدى جاراتها.
ويتابع التقرير: دعتنا أم بشرى لتناول القهوة في كهفها كونها من القليلات اللواتي يحظين بميزة المطبخ في المستوطنة، فكهفها واسع وتمكنت من إفراد إحدى زواياه لعدة المطبخ. سألناها عن أكثر ما يزعجها في سكنى الكهف فقالت: لقد تعودت على الحياة هنا، مر علينا شتاءٌ قاسٍ وقد نجحنا في تدبر أمورنا، إننا معتادون على الكهف الآن، لكن ما يحزّ في قلبي أكثر شيء أن العيد مرّ ولم أتمكن من زيارة قبر ابنتي بشرى التي استشهدت قبل 7 شهور، لقد منعنا الثوار من ذلك حرصًا على سلامتنا، فحواجز الجيش المحيطة بالبلدة تقنص أي شيء يتحرك فيها". هنا سألنا أم بشرى "إن كانت توافق على الهدنة مع الجيش النظامي، كما فعل أهالي بعض البلدات المجاورة مقابل أن تعود إلى بيتها"، فقالت: لن أعود إلى بيتي إلا بالنصر على بشار الأسد، صبرنا كثيرًا وسنصبر أكثر. نحن في انتظار أن ينتصر الجيش الحر ويحرر سورية كلها، ثم بعد ذلك نعود، أما العودة دون النصر فلا أريدها.
أرسل تعليقك