الرئيس الأميركي باراك أوباما
واشنطن ـ يوسف مكي
قال أن "الأعمال السورية تمثل تحديا للعالم وللأمن القومي الأميركي"، وذلك في الوقت الذي زعم فيه وزير خارجيته جون كيري بأن "القوات السورية هي من شنت الهجوم بالأسلحة الكيماوية كما أكد أن الهجوم أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 1429مواطن سوري". وعلى ما يبدو فأن الولايات
المتحدة في طريقها إلى التدخل العسكري في سوريا بعد أن أعلنت بأنها على ثقة بدرجة عالية أن نظام بشار الأسد أصدر أوامره لشن هجوم بالغازات السامة على أحد أحياء دمشق خلال الأسبوع الماضي.
وتحدث أوباما من البيت الأبيض قائلا أنه "لم يتخذ بعد قراره النهائي وأنه يدرس الاكتفاء بعمل عسكري محدود وضيق"، كما أكد "أن إدارته لا تفكر في أي التزام مفتوح وغير محدد النهاية ولا تفكر أيضا في القيام بهجوم بري". ولكنه عاد وقال بأن "الولايات المتحدة ملتزمة بوصفها زعيما عالميا بمحاسبة البلدان في حالة انتهاكها الأعراف الدولية".
وفي الخارجية الأميركية قال كيري بلهجة انفعالية أن "النظام السوري ارتكب جريمة ضد الإنسانية لا يمكن أن تمر دون عقاب". وأضاف"إن التاريخ سوف يحاسبنا بقوة إذا أغمضنا عيوننا عن ذلك "، وتابع قائلا "أن 426 من بين ضحايا الهجوم كانوا أطفالا. وقال أن هذا العمل المرعب للأسلحة الكيماوية وأن هذا ما فعله الأسد بشعبه".
وقال كيري في استعراض لمحتوى تقرير استخباراتي من أربعة صفحات تم إعلانه على الملأ أن "الحقائق باتت الآن معروفة وأن الولايات المتحدة لديها الدليل على أن النظام بصفة شخصية كان في ساحة المعركة في المناطق المستهدفة قبل ثلاثة أيام من الهجوم بهدف الإعداد له". وأوضح أن "الولايات المتحدة تعرف من أين انطلقت الصواريخ المحملة بالعناصر الكيماوية وفي أي ساعة انطلقت". وقال أيضا أن "الولايات المتحدة تعلم أن عناصر النظام السوري تلقوا تعليمات محددة بالاستعداد للهجوم بارتداء أقنعة الغاز واتخاذ الحيطة والحذر".
وأشار كيري إلى أن "جامعة الدول العربية وتركيا واستراليا وفرنسا من بين الدول التي أعلنت تأييدها لمعاقبة النظام السوري". ولم يشر كيري إلى بريطانيا وذلك في ضوء رفض البرلمان البريطاني قرار ديفيد كاميرون السابق بالمشاركة في عمل عسكري مشترك ضد سوريا.
وقال كيري أن "الاستخبارات الأميركية على ثقة عالية بما توصلت إليه من نتائج في هذا الشأن والتي وصفها بأنها حقائق"، مشيرا إلى "أنها التقطت اتصالات تفيد بمعرفة أحد المسؤولين بالنظام باستخدام الأسلحة الكيماوية:، معربا عن "مخاوفه من أن العالم سوف يكتشف ذلك".
وبالأمس أصدرت سوريا بيانا اتهمت فيه كيري بالقيام بمحاولة يائسة لتبرير شن ضربة عسكرية ضد سوريا وقالت وزارة الخارجية السورية "أن الزعم بأن النظام السوري هو من استخدم الأسلحة الكيماوية إنما هو أكاذيب لا أساس لها من الصحة".
وكان وزير الدفاع الأميركي تشوك هاجل أثناء زيارة له بالفلبين قد قال "أن الخطوة الأميركية سوف تتم سوء كانت بريطانية مشاركة أو غير مشاركة فيها".
وهناك مؤشرات توحي بأن البيت الأبيض سوف تتحمل مزيدا من التأجيل للقيام بالضربة ، فقد غادر فريق مفتشي الأمم المتحدة سوريا صباح أمس السبت كما كان مخططا من قبل، ما يعني إزالة إحدى العقبات التي كانت تعطل شن الضربات العسكرية ضد سوريا. ويوم الثلاثاء سوف يتوجه أوباما إلى السويد ومنها الى روسيا لحضور قمة مجموعة العشرين، وقد يفضل أوباما أن يكون في البيت الأبيض أثناء تنفيذ العملية وهناك تكهنات بأن الضربة سوف تكون خلال أيام.
وقد يلعب كاميرون دورا في التخطيط للضربات العسكرية في الوقت الذي لا يشارك فيه الجيش البريطاني. وكان أوباما قد ناقش الموضوع هاتفيا الليلة الماضية مع كل من الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء البريطاني. وفي بيان تمت صياغته بعناية للتقليل من أهمية الأضرار التي لحقت بالعلاقات الأميركية مع بريطانيا في أعقاب رفض البرلمان البريطاني المشاركة في ضرب سوريا ، قالت الولايات المتحدة أنها "دائما ما تقدر العلاقة الخاصة مع بريطانيا باعتبارها حليف وصديق. وقال أيضا أن كاميرون وافق على استمرار مشاركته عن قرب في المشاورات حول سوريا والتحديات الأمنية التي تواجه البلدين".
أما الموقف الفرنسي المؤيد للعمل العسكري فهو ينطوي على قدر من السخرية في ضوء الموقف المعارض للحرب في العراق عام 2003 لاسيما وأن فرنسا لديها علاقات قوية مع سوريا على نحو يفوق علاقاتها مع العراق بما يعني أن الموقف الفرنسي قد شهد تحولا دراميا مثيرا. وقال الرئيس الفرنسي هولاند أن "المذبحة الكيماوية في دمشق لا يمكن أن تمر دون عقاب".
وكان أوباما قد اعترف بأن أميركا أنهكتها الحروب وكشف استطلاع للرأي قامت به "إن بي سي" أن نصف الأميركان يعارض إجراء عسكري ضد سوريا مقابل 42 بالمئة يؤيدون ذلك. كما كشف الاستطلاع أن 80 بالمئة طالبوا بضرورة حصول أوباما على موافقة الكونغرس أولا قبل القيام بضرب سوريا. وعلى الرغم من إدراك جون كيري ذلك إلا أنه قال أن "الإنهاك لا يعفي أميركا من مسؤوليتها".
وكان جورج بوش الرئيس السابق قد أعرب عن تعاطفه مع موقف أوباما وقال أنه "اختيار صعب وأنه لو اتخذ قرار بضرب سوريا فإنه سيجد دعما من الجيش الأميركي".
أما جيمي كارتر الرئيس الأسبق فقد "حث البيت الأبيض على ضرورة السعي للحصول على دعم الأمم المتحدة لأنه بدون تفويض الأمم المتحدة أو تأييد واسع النطاق من الناتو والجامعة العربية سوف يجعل من الإجراء العسكري عملا غير مشروع وفقا للقانون الدولي كما أنه من غير المرجح أن يغير من مسار الحرب".
أرسل تعليقك