عناصر من الجيش العسكري اللبناني
بيروت ـ جورج شاهين
فشلت الاتصالات الجارية على أعلى المستويات لترتيب الوضع الأمني في طرابلس بعد ليل من القصف العنيف الذي لم تشهده المدينة من قبل وأسفر عن مقتل خمسة مدنيين فارتفع العدد الإجمالي منذ مساء الأحد الماضي إلى 16 قتيلاً بينهم شهيدان عسكريان من الجيش اللبناني وإصابة 45 جريحاً ليل الأربعاء – الخميس
ما رفع عدد الجرحى الإجمالي إلى 190 جريحاً، 95 جريحاً في باب التبانة و55 في جبل محسن و40 جريحاً من الجيش وقوى الأمن، بعدما تجددت الاشتباكات على المحاور التقليدية بين بعل محسن العلوية وباب التبانة السنية وبلغت القذائف الأحياء السكنية في المدينة رغم بعدها الجغرافي عن المحاور.
وتشاور رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في القصر الجمهوري في بعبدا الخميس مع رئيس الحكومة المكلف تأليف الحكومة الجديدة تمام سلام في الاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة إضافة إلى أجواء النقاشات النيابية المتعلقة بإنجاز قانون جديد للانتخاب.
وتناول الرئيس سليمان مع النائب السابق لرئيس الحكومة النائب ميشال المر الأوضاع السائدة سياسياً وأمنياً على الساحة الداخلية.
واطلع رئيس الجمهورية من وزير الدفاع الوطني فايز غصن على الوضع في منطقة طرابلس ومحيطها والإجراءات التي ينفذها الجيش على الأرض بغية ضبط التوتر وإنهائه وإعادة الحياة إلى طبيعتها.
وأوضح وزير الداخلية والبلديات في الحكومة المستقيلة مروان شربل تعليقاً على ما جرى في المدينة أنه حتى الآن هناك وقف لإطلاق النار في طرابلس والجيش اللبناني يتعامل بحزم مع الطرفين ويؤدي الجيش دوراً ممتازاً كما أن السياسيين هم جديون في مساعيهم، حيث يحاولون بالوسائل والطرق كلها للوصول إلى نتيجة ويفترض أن يعمل الجميع لإيجاد طريقة حكيمة ليتم من خلالها معالجة الموضوع، وبالتالي إن هناك محاولة من الجيش والأجهزة الأمنية وكذلك من السياسيين للتعقل وإنهاء الموضوع وعلى الجميع الاقتناع بذلك.
ولفت إلى أن ثبات وقف إطلاق النار هو قرار كبير مطلوب من السياسيين قبل الجيش، على أن يتم تكليف الجيش بضمان تنفيذه بعد ذلك، وآخر الدواء الكي.
كما وصل إلى المدينة المدير العام لقوى الأمن الداخلي بالوكالة العميد روجيه سالم وتوجه على الفور إلى السراي الحكومي في طرابلس، حيث التقى قائد منطقة الشمال الإقليمية وقائد سرية طرابلس وآمري الفصائل في المدينة للاطلاع منهم على آخر الأوضاع الأمنية والمستجدات وانتقل بعدها للقاء رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي في منزله في الميناء واستعرض معه آخر التطورات على الساحة الطرابلسية والإجراءات التي يجب اتخاذها.
وزار العميد سالم لاحقاً المدير العام السابق لقوى الأمن اللواء المتقاعد أشرف ريفي، واعتبر ريفي أن الواقع الأمني في طرابلس غير جيد وغير طبيعي وغير واقعي بهدف تحييد الأنظار عما يجري في القصير متهماً النظام السوري بالوقوف وراء ما يرتكب في طرابلس من أعمال إرهابية وأمنية، وقال: ثمة من يريد إبلاغ الطرابلسيين أنكم ستدفعون ثمن الفشل في القصير.
وقال ريفي إن طرابلس لا تحتاج إلى خطة أمنية لأنها في حالة اعتداء وهي تدافع عن نفسها وعن كرامتها ومن يعتدي عليها سيدفع الثمن غالياً.
وعند العاشرة صباحاً رأس العميد سالم اجتماعاً أمنياً في مكتب قائد منطقة الشمال الإقليمي في قوى الأمن الداخلي العميد محمود عنان وقادة السرايا والفصائل في طرابلس وأقضية والشمال.
وقال العميد سالم بعد الاجتماع "إن سبب اجتماعنا وحضورنا إلى طرابلس هو الوقوف إلى جانب أبناء طرابلس وسنعمل قدر الإمكان على تهدئة الأجواء وضبط الأوضاع".
وأضاف "زيارتنا إلى طرابلس هي للاجتماع مع قادة السرايا والفصائل المسؤولين عن أمن الناس خصوصاً وأن الوضع خطير جداً، ولأول مرة نشهد هكذا ضراوة في الأحداث وارتفاع في عدد القتلى والجرحى وهدفنا المحافظة على مؤسساتنا ومراكزنا وتفعيل تحركنا لنشعر الناس بأننا إلى جانبهم في الظروف كلها، ولنقول لهم بأن ما يصيبهم يصيبنا ولن نتركهم عرضة لرغبات المسلحين، ومنذ فترة قمنا بتعزيز قوى الأمن الداخلي في طرابلس لوضعها في أجواء أمنية تختلف عما تشهده لكن سباق الأحداث وضخامتها أثر على عملنا ولكننا سنتابع، وسنعمل بأقصى جهدنا للقيام باللازم ضمن الإمكانيات الموجودة عندنا".
وقال "سنُفَعِّل وجودنا في هذه المدينة وسألتقي الرئيس نجيب ميقاتي.
ورداً على سؤال عن دعم السياسيين للمسلحين قال "ليس هناك من غطاء سياسي للمسلحين الذين باتوا يتصرفون بحسب هواهم، وفتحوا على حسابهم نظرا للوضع المعروف من خارج الحدود متأثرين بالوضع في سورية وسنحاول إصلاح الأمور قدر الإمكان أقله في المناطق البعيدة عن الاشتباكات حفاظاً على سلامة المواطنين".
وكانت الليلة الماضية الأعنف منذ بدء المواجهات المسلحة بين باب التبانة وجبل محسن، حيث لم يتوقف سماع دوي القذائف المدفعية والصاروخية طيلة المساء وحتى فجر الخميس، ولوحظ دخول مدفعية الهاون من عيار 60 و 81 إلى ميدان المعركة واستعمالها بكثافة في التراشق الذي طاول المنازل الواقعة بعيدة نسبياً عن خطوط التماس ما دفع بعض أئمة المساجد إلى التوجه للسكان عبر مكبرات الصوت والمآذن للطلب منهم النزول إلى الملاجئ أو الطوابق السفلية حفاظاً على سلامتهم.
وعكست حدة المعارك شراسة الاشتباكات مع استعمال القنابل المضيئة لاستكشاف مصادر القصف المدفعي في خطوة هي الأولى من نوعها كما تم استعمال رشاشات ثقيلة تستخدم للمرة الأولى.
أما محصلة مواجهات الأربعاء، 6 قتلى على الأقل، وهم محمود تركمان، فوزي هوشر، معمر سنكري، خضر علم الدين، محمد قمرالدين وسامر عيد، وأكثر من 30 جريحاً، والعدد مرشح إلى الازدياد مع تكشف أسماء القتلى والجرحى.
في ما يتعذر تقدير حجم الأضرار نظراً لتمدد رقعة الاشتباكات وتساقط القذائف والرصاص الطائش في مختلف أحياء المدينة، ولا تزال أعمدة الدخان تتصاعد من عدد من المنازل والمحال التجارية.
وتميز المشهد الصباحي بتراجع حدة الاشتباكات مع تسجيل عودة عمليات القنص التي تستهدف الطريق الدولية وكل هدف متحرك في مناطق المواجهات والمناطق المحاذية لها وتعتبر الطريق الدولية مقفلة بسبب عملية القنص، وحركة السير في المدينة مشلولة ومعظم الأسواق الداخلية والمؤسسات العامة والخاصة والدوائر الرسمية والبلديات والمدارس والجامعات أقفلت أبوابها نظرا لعدم تمكن الموظفين من الوصول إلى أماكن عملهم.
وبحسب معلومات وصلت إلى "العرب اليوم" فإن الأعمال الحربية المتبادلة بين محاور الاشتباكات في طرابلس توقفت منذ الخامسة من صباح الخميس، ولم تعد تسمع أصوات القذائف، فيما استمرت أعمال القنص وإطلاق الرشقات النارية من حين الى آخر.
ونُقل في ساعات الصباح الأولى أربعة جرحى إلى المستشفى الإسلامي الخيري في طرابلس، وهم أحمد بارودي، احمد محمد عبيد، محمد جمال زهر، وخالد عبد السلام شيخو. وقرابة ظهر الخميس أصيب المواطن مازن زريق برصاصة قناص.
وكان نُقل ليلاً إلى المستشفى الإسلامي محمد خالد سعيد، هلال يحيى الحصني، محسن علي قريط، سلوى محي الدين برجاوي، خديجة سالم الرفاعي ويوسف محمد الاقرع (سوري الجنسية وإصابته حرجة).
وأعلن النائب العلوي خضر حبيب أنّ مرافقه يوسف فقير وهو عنصر من جهاز أمن الدولة كان ينقل عائلته من جبل محسن إلى منطقة أكثر أماناً فرَصده قنّاص، وأصابه بأسفل سلسلة ظهره، لافتاً إلى أنّ "وضعه حسّاس جدّاً وإصابته ستكلّفه الشلل مدى الحياة".
وأَسِفَ حبيب لما يجري في طرابلس، ووقوع 12 قتيلاً و145 جريحاً خلال 48 ساعة أمرٌ معيب، في معزل عن الجبل أو التبّانة، مشدّداً على مسؤولية القوى الأمنية التي تدّعي أنّها لا تتحرّك لأنّها لا تملك غطاءً سياسيّاً.
وإذ أعلن رفع الغطاء السياسي عن أيّ شخص، رفض تهديدات "الحزب العربي الديمقراطي" وكأنّ طرابلس أصبحت خارج الجمهورية اللبنانية.
وطالب بخطة أمنية لسحب السلاح أقلّه من المنطقتين المتقاتلتين، فالوقت ليس ملائماً للقول بوجوب سحب السلاح من كلّ لبنان قبل تسليم السلاح من طرابلس، لأنّ التقاتل اليوميّ والتوترات الأمنية الخطرة والمتلاحقة لا تحصل في الضاحية والجنوب وبعلبك".
وللمرّة الأولى، يقول حبيب "الأمر تخطّانا كسياسيّين، أو فليعلنوا أنّ طرابلس أصبحت خارج الخارطة اللبنانية وَلْيَحْمِ كلّ واحد نفسه بنفسه
أرسل تعليقك