رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران
الرباط ـ رضوان مبشور
كشفت مصادر من حزب "التجمع الوطني للأحرار" المغربي، لـ"العرب اليوم"، أن اللجنة التنفيذية للحزب وافقت بشكل مبدئي على التحالف مع حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، لتعويض الانسحاب الرسمي لحزب "الاستقلال" من الائتلاف الحكومي، والمشكل من حزبي "الحركة الشعبية" و "التقدم والاشتراكية"، حيث وصلت
مشاورات الحزبين إلى مراحل متقدمة.
وأفادت المصادر نفسها، أن "التجمع الوطني للأحرار" المعارض وضع مجموعة من الشروط التي يراها أساسية قبل التحالف مع حكومة سبق وأن صوّت بالرفض على برنامجها الحكومي في كانون الثاني/يناير 2012، كما صوّت ضد قانوني المالية لسنتي 2012 و 2013، ويبقى أبرز شرط للتحالف هو تغيير البرنامج الحكومي للحكومة حتى ينسجم مع فلسفة حزب "الأحرار" والمشروع السياسي الذي يدافع عنه رفاق رئيسه صلاح الدين مزوار، وعلى رأس الشروط التي رفعها "الأحرار" في وجه عبدالإله بنكيران، إعادة توزيع الكعكة الحكومية من خلال تعديل حكومي شامل، يتم من خلاله تقليص عدد الوزراء عن طريق إدماج بعض القطاعات الوزارية مع بعضها، إضافة إلى خلق وزارات جديدة، حيث يرغب "الأحرار" في تولي حقيبة الصحة التي يترأسها حاليًا الحسين الداودي المنتمي لحزب "التقدم والاشتراكية"، ووزارة الإسكان والتعمير التي يتولى حقيبتها محمد نبيل بنعبدالله المنتمي للحزب نفسه، بالإضافة إلى وزارة التربية إذا تأكد استغناء رئيس الحكومة عن الوزير محمد الوفا المنتمي لحزب "الاستقلال" والرافض لتقديم استقالته.
وقالت تسريبات حصل عليها "العرب اليوم" من حزب "الأحرار"، إن الحزب لا يرغب في بعض الوزارات التي كانت في حوزة حزب "الاستقلال" المنسحب، كوزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة التي كان يتحمل حقيبتها فؤاد الوديري، ووزارة الخارجية التي كانت بحوزة الوزير الاستقلالي يوسف العمراني، ووزارة الصناعة التقليدية التي تحمل حقيبتها عبد الصمد قيوح، وأن رفاق صلاح الدين مزوار عبروا عن رغبتهم في تولي حقيبة التجهيز والنقل التي يتولاها عبدالعزيز الرباح المنتمي لحزب "العدالة والتنمية" الحاكم، غير أن رفاق بنكيران لا يرغبون في التخلي عن هذه الوزارة الحساسة التي خاضوا من أجلها معركة كبيرة قبل انتزاعها من "الاستقلال" في بداية تشكيل الحكومة في كانون الأول/ديسمبر 2011.
واشترط حزب "الأحرار" أن يتولى زعيمه مزوار منصب رئيس مجلس النواب التي يتولاه الآن كريم غلاب المنتمي لحزب "الاستقلال" والمتشبث بمنصبه، حيث رفض الاستقالة على غرار وزراء حزبه، وأعلن كريم غلاب أنه لم يتنحى من منصبه حتى منتصف الولاية التشريعية التي ستنتهي في منتصف 2014، حسبما ذكر بعض المقربين منه.
وأضافت المصادر نفسها، أن حزب "التجمع الوطني للأحرار" ذهب إلى اقتراح مجموعة من قياداته لتحمل بعض الحقائب الوزارية في حكومة بنكيران الجديدة، يتقدمهم الأمين العام للحزب صلاح الدين مزوار، ورئيس الفريق البرلماني للحزب رشيد الطالبي العلمي، ووزير حقوق الإنسان السابق في حكومة إدريس جطو محمد أوجار، ومحمد حنين الذي يشغل رئيس لجنة العدل والتشريع في البرلمان المغربي، فيما عبرت مجموعة من قيادات "العدالة والتنمية" بشكل علني وصريح عن رفضهم التام للتحالف مع "التجمع الوطني للأحرار"، لا سيما أن الحزبين خاضا معارك طاحنة إبان الحملة الانتخابية، ثم استمر صراع الحزبين إلى حين تولي "العدالة والتنمية" رئاسة الحكومة، بعدما سرب وزير ينتمي إلى الحزب الحاكم وثائق سرية عن تلاعب في العلاوات والتعويضات بين مزوار الذي كان يشغل منصب وزير الاقتصاد والمال في حكومة عباس الفاسي، وبنسودة الخازن العام للمملكة، والتي أثارت ضجة إعلامية كبيرة، وصل معها تطور الأحداث لتصل "الفضيحة" إلى ردهات المحاكم.
ودافع القيادي في حزب "العدالة والتنمية" الحاكم عبدالعزيز أفتاتي بشدة، عن عدم التحالف مع حزب "الأحرار" أو أي حزب آخر، معللاً كلامه بالمواقف السابقة التي عبر عنها حزبه، والتي تتعارض جوهريًا مع غالبية برامج أحزاب المعارضة وعلى رأسها "الاتحاد الاشتراكي" و"الأصالة والمعاصرة" و"التجمع الوطني للأحرار"، داعيًا في الوقت نفسه رئيس الحكومة عبدالإله بنكيران إلى حل الحكومة والبرلمان والتوجه غلى انتخابات سابقة لأوانها، لتشكيل حكومة ائتلافية جديدة أكثر تجانسًا.
وكان بنكيران قد التقى الثلاثاء الماضي زعيم حزب "الأحرار" صلاح الدين مزوار في جنازة القيادي السابق في حزب "الأحرار" عبد الإله المسكيني، في مقبرة سيدي عبدالله بن حسون في مدينة سلا، حيث شوهد القياديان يتبادلان أطراف الحديث رغم خلافاتهم السابقة ومشيا سويًا لمئات الأمتار، حيث أشار البعض، أن حضور بنكيران لجنازة المسكيني "تحمل رسائل سياسية عدة".
وأكد بعض قياديي حزب "العدالة والتنمية"، لـ"العرب اليوم"، أن "المجلس الوطني للحزب سيجتمع السبت المقبل في الرباط للنظر في السيناريو النهائي الذي سيتم اتخاذه بعد الإعلان الرسمي عن انسحاب حزب (الاستقلال) من الحكومة، وأنه لا شيء رسمي حتى الساعة، مما يعني أنه يمكننا أن نتوقع أي شيء من المجلس الوطني لـ(العدالة والتنمية)، حيث يبقى على رأس السيناريوهات المحتملة التحالف مع "التجمع الوطني للأحرار"، كما قد يذهب قرار المجلس الوطني للحزب لإعلان رئيس الحكومة عن حل الحكومة والبرلمان والتوجه إلى انتخابات مبكرة، رغم أن السيناريو يبدو صعبًا حسب رأي بعض المحللين، نظرًا إلى تكلفته المادية الباهظة التي ستمس بخزانة الدولة التي تشهد عجزًا ماليًا كبيرًا.
وقرر حزب "الاستقلال" المنسحب من الحكومة توقيف وزير التربية محمد الوفا عن مهامه الحزبية، وعرضه على اللجنة التأديبية للحزب، بعدما رفض تقديم استقالته لرئيس الحكومة إسوة بوزراء الحزب الآخرين الذين تقدموا بشكل رسمي باستقالتهم لمكتب بنكيران منذ الثلاثاء الماضي، حيث استنفذ محمد الوفا منذ الأربعاء مهلة الـ 24 ساعة التي منحتها له قيادة الحزب لتقديم استقالتهم، قبل عرضه على اللجنة التأديبية، معلنًا تمرده الصريح والعلني على قرار قيادة "الاستقلال" القاضي بالانسحاب الرسمي من الحكومة، حيث حضر مساء الثلاثاء جلسة مجلس المستشارين، وأجاب بشكل عادي على أسئلة المستشارين ولم يبدي أي نية في تقديم استقالته من الحكومة
أرسل تعليقك