الجيش اللبناني يعزز تواجده في طرابلس
بيروت ـ جورج شاهين
عززت وحدات الجيش وقوى الأمن في لبنان، إجراءاتها الميدانية في مدينة طرابلس، في اليوم الثالث على تفجيري مسجدي التقوى والسلام، فيما تستعد المدينة لتشييع ثلاث جثث تم التعرف على أصحابها، وبقيت ست جثث مجهولة الهوية بانتظار تحديد أسماء أصحابها فور صدور نتائج الحمض النووي، حيث ارتفع عدد الضحايا
إلى 51 شهيدًا وعدد الجرحى الألف، منهم 85 جريحًا لا يزالوا قيد العلاج، وتسعة منهم حالتهم خطرة ومقلقة.
وقالت قيادة الجيش، في بيان لها، "إنه وعلى إثر الانفجارين الإرهابيين الذين استهدفا مدينة طرابلس، السبت، قامت وحدات الجيش المنتشرة في المدينة، ولا تزال، بتكثيف إجراءاتها الأمنية لمنع الإخلال بالأمن والاستقرار ورصد أي أعمال مشبوهة، وقد شملت هذه الإجراءات، انتشارًا للقوى العسكرية في مختلف الأحياء والطرقات والمنشآت الحيوية، وتركيز نقاط مراقبة وتسيير دوريات وإقامة حواجز تفتيش".
وشيّعت قيادة الجيش وأهالي بلدة الدبابية في قضاء عكار، في لقاء مهيب، الجندي الشهيد نزار صبحة، الذي استشهد السبت، من جراء الانفجار الذي تعرضت له محلة الزاهرية في طرابلس، وبعد تقليده أوسمة الحرب والجرحى والتقدير العسكري من الدرجة البرونزية، وإقامة الصلاة على جثمانه الطاهر، ألقى ممثل قائد الجيش العماد جان قهوجي، كلمة نوه فيها بمسيرة الشهيد وإخلاصه للوطن، مؤكدًا أن "ما جرى السبت في مدينة طرابلس، وقبل ذلك في عدد من المناطق اللبنانية، من تفجيرات إرهابية غادرة استهدفت المواطنين الأبرياء في أرواحهم وأرزاقهم، لن يمر من دون حساب، فالجيش سيلاحق من دون هوادة القتلة المجرمين، العاملين من خلف ستائر الظلام على ترويع اللبنانيين ونشر الفتنة البغيضة بين أبناء مجتمعنا الواحد".
ووصلت إلى طرابلس، قبل ظهر الأحد، عضو كتلة نواب "المستقبل" النائب بهية الحريري، وتفقدت موقع الانفجار في مسجد السلام، ثم انتقلت إلى عيادة الجرحى في مستشفى المظلوم، والتقت اللواء أشرف ريفي في منزله، قبل أن تقصد النائب أحمد كبارة وتتفقد مسجد التقوى.
وحذر المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، في موقف سياسي له عبر عنه في أكثر من تصريح، "حزب الله" من احتمال وقوع "جهاد مضاد"، ردًا على مشاركته في الحرب السورية، معتبرًا أن "الحزب فتح نافذة لكي يمتد اللهيب السوري إلى داخل لبنان، وأن الأمن وحده ليس كافيًا لحماية البلد، وأن هناك ثمة حاجة إلى حماية سياسية"، لافتًا إلى أنه على "حزب الله" أن يخرج حالاً من سورية.
وأبدى ريفي رفضه للأمن الذاتي في طرابلس، مشددًا على أن "المدينة كانت وستبقى لبنانية وعربيّة، ولن تتحوّل يومًا إلى مدينة إيرانية، وأن تفجيري طرابلس هما نسخة من مملوك - سماحة، وأنه بعد انسحاب (حزب الله) من سورية فإن الخطوة المطلوبة التي يجب أن يقوم بها لبنان هي إغلاق حدوده تمامًا، أمام كلّ الناس التي تريد الدّخول إلى اللعبة العسكريّة السوريّة، ثم نحكي مع بعضنا البعض كلبنانيين لكي نحصّن البلد"، معتبرًا أن "تشكيل الحكومة يسد فراغًا كبيرًا موجودًا في البلد إذ يفعل السلطة الإجرائية".
وكشفت مصادر طرابلسية، أن "الاجتماع الذي ترأسه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في منزله في طرابلس، في حضور وزراء المدينة ونوابها ووزير الداخلية والبلديات مروان شربل، والمدعي العام التمييزي بالإنابة القاضي سمير حمود، ومفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، وقادة الأجهزة الأمنية، توصل إلى رسم خريطة الطريق لتفعيل التدابير والإجراءات الأمنية لحماية السلم الأهلي في المدينة، وقطع الطريق على تكرار ما أصابها من تفجيرين إرهابيين".
وقالت المصادر الطرابلسية، "إن خريطة الطريق هذه كانت موضع بحث بين رئيس الجمهورية ميشال سليمان وميقاتي وشربل وقادة الأجهزة الأمنية، وأكدت أن الاجتماع الذي ترأسه ميقاتي في طرابلس، لم يتطرق إلى التحقيقات الأمنية والقضائية الجارية للكشف عن هوية مرتكبي التفجيرين الإرهابيين، وأن الدعوة للأمن الذاتي ولدت ميتة، والسبب يرجع إلى أن من يروّج لها لا يتمتع بأي تأثير سياسي أو نفوذ يدفعه إلى الدفاع عن وجهة نظره، طالما أن طرابلس بكل قواها وهيئاتها المدنية ترفض مجرد البحث فيها".
وأوضحت المصادر نفسها، أن "التوافق السياسي على رفض مقولة الأمن الذاتي، يفتح الباب أمام تفعيل دور الجيش والقوى الأمنية شرط أن يوفر لهما الغطاء السياسي، لئلا تتحول إلى قوة للفصل بين الأطراف المتنازعة سواء في طرابس أو بين حي التبانة وبعل محسن من ناحية، أو للتعايش مع قوى الأمر الواقع وقادة المحاور، مما يؤدي إلى فرض الأمن بالتراضي، وأن وزير الداخلية عرض بالتفصيل لواقع الحال في قوى الأمن الداخلي، واقترح استقدام تعزيزات إضافية إلى المدينة، وشكا من عدم توافر الأجهزة ذات الفاعلية في الكشف عن المتفجرات".
ونقلت المصادر عن شربل قوله، "إن قوى الأمن في حاجة ماسة إلى تدعيمها بتجهيزات حديثة تمكّنها من الكشف عن المتفجرات، لأن استخدام الكلاب البوليسية في هذا المجال لا يفي بالغرض المطلوب، لا سيما أنها لن تكون قادرة على ضبطها في حال وضعت في سيارة ملاصقة لخزان الوقود، لأن رائحتها تسبب ازعاجًا لهذه الكلاب، مما يؤثر في حاسة الشم، وبالتالي في قدرتها على التأكد من وجود مواد متفجرة أم لا"، مشددة على "ضرورة تثبيت المزيد من الكاميرات في شوارع طرابلس وأحيائها، لا سيما أن الكاميرات الموجودة في الميناء وعلى طول الشارع المحيط بمسجد السلام تمكنت من التقاط صور عدة، إضافة إلى الصورة التي التقطتها الكاميرات الموجودة في داخل المسجد، بينما تبين أن الكاميرات الموجودة بالقرب من مسجد التقوى في الزاهرية أو في داخله لم تكن قادرة على تغطية حركة المرور، سواء للسيارات أو الأفراد".
وانعقد "اللقاء الوطني الاسلامي"، مساء السبت، في جلسة طارئة في منزل النائب محمد كبارة، لمتابعة الوضع في مدينة طرابلس إثر التفجيرين، اللذين استهدفا المصلين والمواطنين الأبرياء، حيث أصدر المجتمعون بيانًا، ثمنوا فيه "سلوك المواطنين الطرابلسيين في التعاطي مع تداعيات التفجيرين لتفويت الفرصة على الساعين إلى الفتنة، كما أن اندفاعهم في عمليات الإنقاذ شكل مثالاً للمسؤولية المدنية والإنسانية رغم تقصير الأجهزة الرسمية المختصة، وأكدوا أن أبناء طرابلس لن ينجروا إلى المشروع التقسيمي من خلال انشاء كانتونات طائفية ومذهبية مغلقة، لأنهم بذلك يحققون هدف الإرهابيين، وأن خيار طرابلس بكل شرائحها، هو مرجعية الدولة بمؤسساتها الأمنية وتدعوها للقيام بواجباتها".
واتفق المجتمعون على أن "التفجيرين الإرهابيين يصبان في تحقيق أهداف النظامين السوري والإيراني، وهما استكمال لمخطط مملوك - سماحة الذي أراد تفجير لبنان وإشعال الفتنة"، فيما دعوا أبناء المدينة كافة إلى التعاون مع الإجراءات الأمنية للجيش وقوى الأمن الداخلي، التي انطلقت اعتبارًا من السبت.
أرسل تعليقك