سعد الحريري
بيروت – جورج شاهين
جال وفد بطريركي ضم المطران بولس صياح على عدد من فعاليات مدينة صيدا السياسية والروحية، يرافقه راعي ابرشية صيدا ودير القمر للموارنة المطران الياس نصار، وتزامنا مع مرور الجمعة الأولى بعد تفكيك مجمع الشيخ السلفي أحمد الأسير في مسجد بلال بن رباح رفض أنصار الأسير الصلاة وراء شيخ المسجد
الجديد محمد أبو زيد الذي كلفه مفتي صيدا الشيخ سليم سوسان ليؤم المصلين فيه وخرجوا من المسجد في مسيرة راجلة إلى دوار الكرامة في صيدا حيث دفن لهم رفيقين قتلا في مواجهة سابقة مع سرايا المقاومة التابعة لـ"حزب الله" في المدينة.
المحطة الأولى للوفد البطريركي كانت في دار المطرانية المارونية، ثم انتقل الوفد إلى مبنى سراي صيدا الحكومي، حيث كان في استقباله محافظ لبنان الجنوبي نقولا أبو ضاهر، في حضور قائد سرية درك صيدا العقيد ماهر الحلبي، رئيس دائرة الأمن العام في المحافظة المقدم حاتم غملوش، ومسؤول الأمن العسكري في الأمن العام المقدم فوزي شمعون، رئيسة الدائرة الإدارية في المحافظة رحاب مشورب ورئيس قسم البلديات هويدا الترك.
ورحب المحافظ أبو ضاهر بالمطران صياح والوفد المرافق، شاكرا لهم هذه الزيارة إلى عاصمة الجنوب، شاكرا للبطريرك الراعي هذه الالتفاتة الكريمة، منوها بمواقفه على مستوى الوطن والشرق بأكمله".
وقال: "حضورنا في هذا المركز هو دليل على المحبة والتآخي في ما بيننا، وأشار إلى أننا "كنا نواكب الأحداث التي حصلت مؤخرا في عبرا، بالتعاون مع الأجهزة الأمنية كافة، لتخفيف المعاناة التي كان يواجهها المواطنون لدرء الفتنة التي يحاك لها".
وقال المطران صياح:" زيارتي لمدينة صيدا هي للاطلاع عن كثب لما جرى في صيدا، لا سيما في منطقة عبرا، للاطمئنان على أهلها الذين نشاطرهم في صلاتنا اليومية". وأشار إلى "أن البطريرك الراعي يولي هذه القضية اهتماما خاصا، ويفكر دائما بالمآسي التي حصلت في هذه المنطقة العزيزة، ويدعو إلى الحوار وحل الأمور بالطريقة الأفضل التي من شأنها تقريب وجهات النظر، مؤكدا "أن صيدا كما انتصرت على المآسي سابقا ستتجاوز هذه المأساة وتلملم جراحها" .
وقدم المطران صياح باسم البطريرك الراعي التعازي للذين قضوا في الأحداث المؤلمة. ثم انتقل ونصار إلى ثكنة الجيش اللبناني في صيدا للقاء قيادة المنطقة العسكرية .
أما المحطة الثالثة لموفد البطريرك فكانت عند مفتي صيدا ومنطقتها الجعفري الشيخ محمد عسيران الذي رحب بالمطران صياح موفدا من البطريرك الراعي، وقال: "إن هذه الزيارة لمدينة صيدا هي لعرض الأوضاع الاجتماعية والسياسية والدينية، مشيرا إلى انه ما حصل في المدينة هو خارج عن المألوف، وهذا الأمر لا بد أن نتجاوزه، راجيا أن تعود اللحمة بين جميع أبناء هذا الوطن، آملا أن يعيش لبنان مرحلة مستقبلية جديدة من السلام، شاكرا البطريرك الراعي على هذه الالتفاتة الكريمة تجاه صيدا وأبنائها.
وترقب أبناء صيدا والجوار ما سيحصل في المدينة بعد صلاة الجمعة اليوم والدعوة التي أطلقها الشيخ أحمد الأسير في تسجيله الصوتي الخميس لإطلاق الاعتصامات والتحركات في عاصمة الجنوب وأكثر من تجمع سني في الطريق الجديدة وطرابلس وصولاً إلى البقاع
وعلى هذه الخلفية ووسط تدابير أمنية مشددة لقوى الأمن الداخلي ومن خلفها الجيش اللبناني رفض ما يقرب من مائة وخمسين شخصا من أنصار الأسير الصلاة وراء الشيخ محمد أبو زيد الذي كلفه مفتي صيدا والجنوب الشيخ سليم سوسان ليكون خليفة الشيخ أحمد الأسير في الصلاة وإدارة شؤون المسجد بعدما وضعته قوات الجيش بتصرف دار إفتاء صيدا، وبعدما أكد سوسان أن أبو زيد هو الذي سيؤم المصلين في المسجد بتكليف من دار الإفتاء في صيدا وليس الشيخ جرادي الذي تمنى أنصار الأسير تسميته للقيام بهذه المهمة باعتباره من أصدقاء الأسير.
وقال شهود عيان أن المصلين الغاضبين خرجوا من المسجد بعدما تجاهل الشيخ أبو زيد الإتيان على ذكر الأسير في خطبة الجمعة واعتدوا بالتكسير في باحة المسجد الخارجية على سيارة البث التلفزيوني المباشر لتلفزيون "المستقبل" اعتقادا منهم أنها للتلفزيون "الجديد" ما أدى إلى استنكار واسع وخصوصا ان من بينهم من تمنى عدم الاعتداء على أي من الفرق الإعلامية التي كانت تتولى التغطية المباشرة من المنطقة.
وقالت تقارير إعلامية لـ "العرب اليوم" إن الجيش وقوى الأمن الداخلي منعوا وسائل الإعلام من مواكبة التظاهرة الراجلة حفاظا على سلامتهم وبعدما قطعوا جميع الطرق المؤدية من عبرا إلى دوار الكرامة الذي يقع إلى جانب مسجد بهاء الدين الحريري الذي بناه الرئيس الشهيد رفيق الحريري على اسم والده".
وأطلق المتظاهرون شعارات تندد بما حصل في عبرا وترفض نهاية الأسير بالشكل الذي حصل وطالبوا بعودته إلى أهله في عبرا وصيدا والجنوب مؤكدين التزامهم مواجهة مخططات "حزب الله" في صيدا ولبنان على حد سواء.
وتزامنا مع هذه التحركات أكد الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري أنه لن يسمح بان يستغل ما حصل لتوتير الأجواء في البلد وتأمين ما يرغب به أعداء لبنان وقال: "أن لبنان يمر في مرحلة انتقالية، نحتاج فيها إلى إدراك ووعي ما يحدث من حولنا، والقيادة السياسية لا يمكن أن تتحول إلى إذاعة تردد ما يعجب الجمهور، وإلا لا تعود قيادة، والرئيس سعد الحريري بقيادته لهذا التيار مسؤول عن سلامة كل كوادره وأنصاره، الذين وقفوا معه عند اغتيال والده الرئيس الشهيد، واعتبروا أن هذه الجريمة أصابتهم، وأن الفقيد هو أحد أفراد عائلتهم، لكون الرئيس الشهيد استطاع أن يؤثر في كل واحد فينا، حتى من يكره رفيق الحريري هو متأثر به"
وشدد على أن "الرئيس الشهيد لم يكن لديه إيمان بالحرب، بل كان همه أن يصلح ما أفسده المخربون، من إعادة الإعمار إلى المبادرات السياسية التي قدمه، وصولا إلى إنهاء الصراع في لبنان، من دون أن يستخدم أي مواطن، ومن دون أن يطلق رصاصة واحدة، وقد نجح في ذلك بالصبر وبالإيمان بأنه يستطيع تخليص لبنان بشكل سلمي، وكذلك باستغلال الظروف السياسية، حيث كان هناك ظرف إقليمي وعربي موجود أدى إلى إنهاء الحرب اللبنانية، بالإضافة إلى أن الأطراف اللبنانية تعبت من الاقتتال في ما بينها على مدى 15 عاما، حتى وصلت إلى حائط مسدود، وبان لا حل إلا بالاتفاق لإعادة إعمار لبنان".
واعتبر أن "هناك مشروعين واضحين، الأول يريد أخذ البلد إلى حرب أهلية، وقد أعلن عن ذلك صراحة بلسان رأس المشروع السيد علي خامنئي الذي قال ما مفاده أن سقوط بشار الأسد يعني الذهاب إلى حروب أهلية في العراق وسوريا ولبنان، ومن ردد نفس اللازمة كل من نوري المالكي وبشار الأسد وحسن نصر الله".
أضاف :" أما المشروع الثاني فيمثله من يريد الحفاظ على البلد، ويقوم بالعض على الجراح كي تمر هذه الغيوم السوداء، لأننا لا يمكن أن نساهم في دفع البلد إلى حرب أهلية، القرار واضح، حتى ولو بقينا لوحدنا لن ندفع البلد إلى حرب أهلية، ولن ننجر إلى لعبة التسلح".
وإذ دعا إلى "عدم الإحباط في هذه الأوقات العصيبة"، لفت إلى "ضرورة أخد العبر مما حصل في مصر حيث أن الرئيس المنتخب لم يستطع الاستمرار أكثر من سنة، رغم أنه جاء بانتخابات ديمقراطية، لكن ما أن نزل الشعب المصري إلى الميدان سقط الرئيس"، وتساءل :"كيف يمكن في ظل الربيع العربي، أن يسقط الشعب في مصر رئيسا منتخبا، وفي المقابل أن يبقى في سوريا رئيسا يقتل شعبه؟ أطمئنكم بشار الأسد لن يبقى في سوريا"، معتبرا "أن حزب الله بعد دخوله إلى القصير تجرد فعليا، وانتهى من الضمير العربي، ولم يعد يعتبر مقاومة في وجه العدو الإسرائيلي".
وتطرق الحريري إلى أحداث صيدا، وقال :"موقفنا كان واضحا بدعم الجيش، وبيان كتلة المستقبل كان واضحا في المطالبة بالكشف عن ملابسات ما حصل في عبرا"، مؤكدا "ضرورة أن تبادر قيادة الجيش سريعا إلى إطلاع الرأي العام على نتائج التحقيقات التي أجرتها بشأن أحداث صيدا، وأن تكشف صراحة، وبشكل واضح، حقيقة ما حدث يومي الأحد والاثنين في عبرا؟".
وأشار إلى أن "مدينة صيدا تلملم جراحها، وهدفنا إلا يتكرر ما حصل في صيدا في مناطق أخرى"، متوقفا عند حادثة "إطلاق النار على الجيش في قصقص من قبل ملثمين تم توقيفهم، كما تم إلقاء القبض على من أعطاهم السلاح وهو تابع لـ"حزب الله"، وهذا دليل واضح على أن المناطق التي تدين بالولاء السياسي لـ"تيار المستقبل" مخترقة، ما يحتم علينا أن نتحلى بالوعي الكافي لحماية شبابنا من أي تهور، لأننا في "تيار المستقبل" لا نريد أن نفتح العزاء في منازل مناصرينا وكوادرنا، بل نريد الحفاظ عليهم وحمايتهم في هذه المرحلة الانتقالية، كي نتمكن سويا من الاستمرار يدا واحدة في مسيرة الرئيس الشهيد"
وأوضح أن الرئيس سعد الحريري "انطلق في موقفه الداعي إلى التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي من تخوفه من حصول الفراغ في قيادة الجيش، لأن هذا ما يريده حزب الله، الذي يواصل مسار إفراغ المؤسسات، من قيادة الجيش إلى قوى الأمن الداخلي وصولا إلى رئاسة الحكومة، والخوف أن يصل الفراغ إلى رئاسة الجمهورية أيضا، لكن ما يجب إدراكه أن أي فراغ في قيادة الجيش يعني أن يصبح نصر الله قائدا للجيش".
وقال: "لدينا جيش، ونعرف أن هناك ثغرات، ولكن علينا أن نتمسك به، وأن نعمل على إزالة ما يؤثر على عمل هذه المؤسسة من موبقات، هذا هو الحل الوحيد أمامنا في هذه المرحلة الانتقالية، التي قد يسودها العنف، ولكن أي عنف ينتهي بتسوية ما، فلم نقدم الدم على مذبح التسويات؟"، لافتا إلى أن "الحفاظ على الدولة هو هدفنا الأساس، لأنه مهما حصل من تجاوزات وانتهاكات لا يجب أن نفقد الأمل بالدولة، لأن فقدان الأمل بالدولة يعني فقدان الأمل بإمكانية الاستمرار في هذا البلد".
ودعا الجميع إلى "التمسك بثوابت الحفاظ على البلد التي نحن بأمس الحاجة إليها في الأوقات الصعبة، وليس ضعفا أن يكون كل همنا الحفاظ على البلد وحقن الدماء، بل نحن الأقوى في هذا الموقف. فليكن لدينا الإيمان بأنه باستطاعتنا تخليص لبنان من هذا المأزق".
أرسل تعليقك