صورة من الأرشيف لعناصر من الجيش الليبي
طرابلس ـ مفتاح المصباحي
نفت الخارجية الليبية الأنباء التي ترددت بشأن قدوم قوات أميركية إلى ليبيا، نتيجة الأوضاع الأمنية المتوترة فيها، فيما صرح وزير الخارجية الليبي محمد عبد العزيز بأنه على علمٍ بنية الولايات المتحدة الأميركية تخفيض عدد رعاياها المتواجدين في بلاده. يذكر أن مصادر عسكرية أكدت أن قوة أميركية قتالية تتواجد في
حالة تأهب بالجنوب الأسباني، تحسباً لاحتمال إرسالها إلى ليبيا خلال الأيام المقبلة، للمساعدة في إجلاء رعايا أميركا في ليبيا إذا استمر تدهور الأوضاع الأمنية في البلاد.
وأضافت المصادر أن قوة أخرى من وحدة العمليات الخاصة تتواجد بألمانيا، وُضعتْ في حالة تأهب للقيام بنفس المهمة، حال تطلّب الأمر ذلك.
وتشهد ليبيا أخيراً تصعيداً أمنياً مفتوحاً، على الاحتمالات كلها، نتيجة الانتشار الواسع للسلاح بعد إسقاط نظام القذافي ومقتله عام 2011، وعدم مقدرة السلطات الحاكمة على بسط نفوذها في البلاد، نتيجة عدم قيام جيش وشرطة قويين، وأيضاً تكوّن مجموعات مسلحة ذات انتماءات ولاءات مختلفة.
وشهد محيط وزارة الخارجية الليبية بطرابلس الجمعة مناوشات بين المشاركين في مظاهرة "جمعة إنقاذ ليبيا" التي شارك فيها وزير العدل بالحكومة المؤقتة صلاح المرغني، وآخرون من الحكومة المؤقتة والمؤتمر الوطني، وبين المجموعات المسلحة التي تحاصر مبنى وزارة الخارجية منذ أكثر من عشرة أيام.
وكانت المظاهرة السلمية قد توجهت من ميدان الجزائر داخل العاصمة طرابلس إلى مبنى وزارة الخارجية، في محاولةٍ منها لفك الحصار وإعادة المبنى للحكومة، إلا أن المشادات والاشتباكات حالت دون تحقيق هدف المظاهرة.
وتحاصر مجموعات مسلحة، كانت تُطالب بإقرار قانون العزل السياسي والإداري، مقرَّيّ وزارتي الخارجية والعدل بالعاصمة طرابلس منذ أكثر من عشرة أيام، ورغم إقرار قانون العزل السياسي والإداري من قبل المؤتمر الوطني العام( البرلمان) خلال الأسبوع الماضي، إلا أن حصار المسلحين لمقرَّي الوزارتين لا زال مستمراً، حيث رفع المحاصرون من سقف طلباتهم، ليصل إلى المطالبة بتنحي الحكومة المؤقتة برئاسة " علي زيدان"..
ويتابع العالم، خاصة الدول الكبرى وتلك التي شاركت في تنفيذ قرار مجلس الأمن الخاص بحماية المدنيين إبَّان أحداث الثورة الليبية عام 2011، عن كثب تطورات المشهد الليبي، الذي ارتفعت حرارته مع قدوم فصل الصيف.
وعبَّر بيانٌ بريطاني فرنسي أميركي مشترك، عن قلق المجتمع الدولي مما تشهده ليبيا من تداعيات أمنية خلال هذه الفترة الحرجة من مرحلة الانتقال الديمقراطي في البلاد.
حيث أشار البيان إلى ضرورة أن تُتاح الفرصة لمؤسسات الدولة لأداء عملها بمنأى عن الترهيب المسلح، وإلى ضرورة أن يكون الحوار السلمي حول سنّ التشريعات واتخاذ الحكومة للقرارات، على أن يتمكن المؤتمر الوطني المنتخب ديمقراطياً من أداء واجبه ويكمل وضع دستورٍ للبلاد.
وحثَّ البيان الليبيين على احترام مؤسسات الدولة، ومسؤوليها المنتخبين ديمقراطياً، داعياً إيَّاهم في الوقت ذاته للعمل بغية تحقيق أهداف ثورة 17 شباط/فبراير، وتشجيع تطوير دولة ديمقراطية، خاصةً بعد إقرار قانون العزل السياسي والإداري.
من جهتها أكدت أستراليا على لسان وزير خارجيتها "بوب كار"، دعمها للحكومة الليبية المؤقتة، وتشجيع السلطات الليبية على مواصلة التزامها بالتنمية في البلاد، وقال "كار" في بيانٍ له السبت، إن بلاده تؤكد مواصلة العمل مع المجتمع الدولي بما في ذلك مجلس الأمن الدولي لدعم جهود الإصلاح في ليبيا، مُعبراً في الوقت نفسه عن قلق بلاده من الاضطرابات السياسية التي اعترت المشهد الليبي مؤخراً، داعياً جميع الأطراف إلى احترام العملية الديمقراطية وسيادة القانون.
ورفضت دولة قطر الاتهامات بتدخلها في الشأن الداخلي الليبي، ودعمها ومساندتها لبعض الكتل السياسية الليبية.
وأكد بيانٌ صدر عن السفارة القطرية في طرابلس، على أن الدور القطري في ليبيا ينحصر في مساندة ودعم ليبيا واحترام ثورتها، مُعتبراً أن ما تناقلته بعض وسائل الإعلام حول الدعم القطري لفئاتٍ ليبية معينة، هي اتهامات لا أساس لها من الصحة.
وكانت الأنباء قد تناقلت حرق المتظاهرين المؤيدين لشرعية الدولة الليبية، الذين خرجوا الجمعة في بنغازي، لدمية تمثل أمير دولة قطر، مطالبين إيَّاها بعدم التدخل في الشأن الليبي الداخلي، وشارك ناشطون وحقوقيون ومنتسبو روابط الثوار وأسر الشهداء من مختلف مدن وقرى المنطقة الشرقية، في مظاهرة خرجت الجمعة ببنغازي، تحت اسم" جمعة الغضب لإنقاذ ليبيا"..
وذكر بيان صادر عن المتظاهرين أن مبادئ ثورة 17 فبراير، التي ثار من أجلها كل الشعب الليبي، تتعرض الآن لانتهاكاتٍ ممنهجة تنفذها كتائب مسلحة غير نظامية لصالح أجندات خارجية، متهمين جماعة الإخوان المسلمين برعاية ودعم الانقلاب المسلح ضد الشرعية، والذي كانت من أشكاله حصار واحتلال المقرات السيادية، وقمع المتظاهرين السلميين، وإجبار المؤتمر الوطني العام على إصدار القوانين العاملة على "أخونة" ليبيا.
وأكد المتظاهرون في بيانهم على حق التظاهر والاعتصام السلمي، وتمسكهم بالشرعية والنهج الديمقراطي لبناء دولة الحرية والقانون، رافضين الاعتداءات على مؤسسات الدولة وشرعيتها، وعدم اعترافهم بأي قانون أو تعديل وزاري ناتج عن أعمال انقلابية.
وطالب المتظاهرون بضرورة إنهاء فوضى السلاح، وبناء الجيش والشرطة، وإقالة رئيس الأركان، ومحافظ البنك المركزي، وأن تتم محاسبتهما، والعمل على إقصاء من ثبت فساده عن طريق القضاء.
ودعا المتظاهرون إلى استغلال الدين في الخطاب السياسي، سواء عن طريق الفتاوى المسيسة، أو منابر المساجد.
وحذّر المتظاهرون من استمرار حالة الفوضى التي تعيشها البلاد الآن، والتي تستهدف الشرعية، حيث سيعملون في حال ذلك على تشكيل جبهة وطنية تعمل على اتخاذ التدابير اللازمة لإنقاذ البلاد من تداعيات هذه الفوضى، وضمان عدم انتقالها إلى مناطق أخرى خارج طرابلس.
وكانت جهات داعمة للفيدرالية في ليبيا قد حذرت من أن استمرار تداعيات الوضع الأمني، والتعدي المستمر على مؤسسات الدولة الشرعية، قد يؤدي إلى إعلان الفيدرالية في بعض مناطق البلاد خاصة الشرقية.
ودعت مظاهرة مماثلة خرجت الجمعة في طرابلس إلى إخلاء العاصمة من أنواع السلاح كافة والتشكيلات المسلحة غير الشرعية، واسترجاع هيبة الدولة على الأرض.
وطالب المشاركون في المظاهرة التي كانت تحت اسم" جمعة إنقاذ ليبيا"، بالإسراع في تفعيل الجيش والشرطة وقيام دولة المؤسسات والقانون.
وانتقل المتظاهرون من مكان تجمعهم بميدان الجزائر في طرابلس إلى مبنى وزارة الخارجية، سيراً على الأقدام، مطالبين بفك الحصار المسلح عن الوزارة، وتمكين موظفيها من الاستمرار في أعمالهم، مؤكدين أن الحوار هو السبيل الوحيد للوصول بليبيا إلى بر الأمان.
ودان بيانٌ صادر عن المظاهرة استخدام القوة وحصار الوزارات، وفرض الرأي بقوة السلاح، وطالب المتظاهرون في بيانهم المؤتمر الوطني العام بالعمل على صياغة الدستور دون إقصاء أو إهمال لأي فئة من فئات المجتمع.
ونتيجةً لتداعيات المشهد الأمني الليبي المضطربين فقد أعلنت السفارة البريطانية في ليبيا عن سحبٍ بعض موظفيها من داخل البلاد، وذكر بيانٌ صادر عن السفارة في طرابلس، أن قرار السحب يشمل الموظفين غير الأساسيين، وأن السفارة ستواصل عملها على النحو المعتاد.
وأشار البيان إلى أن قرار السحب اتُّخذَ نتيجة للحصار المسلح لوزارتي الخارجية والعدل الليبيتين، ومخافةَ أن تحدث اشتباكات بين مجموعات مسلحة متناحرة داخل طرابلس، وكذلك نتيجة الغموض السياسي الذي يلف المشهد الليبي.
وكانت الخارجية الأميركية جددت، الخميس، تحذير رعاياها من السفر إلى ليبيا، وذكر بيانٌ لها أنها أمرت عدداً من موظفيها بمغادرة طرابلس لدواعٍ أمنية.
وطالب البيان الرعايا الأميركين عدم السفر إلى طرابلس إلا للضرورة، وبعدم السفر إلى بنغازي وبعض المدن الأخرى نهائياً.
أرسل تعليقك