الاعتداء على المساجد في فرنسا
باريس ـ مارينا منصف
دان أحد رجال الدين الإسلامي في فرنسا ما أسماه بأجواء "فوبيا الإسلام"، أي ظاهرة الخوف من الإسلام وكراهية المسلمين، وذلك بعد قيام السلطات الفرنسية بالتحقيق مع جنديّ في القوات الجوية للاشتباه في ارتباطه بجناح يميني متطرّف، ومحاولته شن هجوم إرهابي على أحد المساجد في مدينة ليون الفرنسية
.وألقت السلطات الفرنسية القبض على الجندي البالغ من العمر 23 سنة داخل قاعدة عسكرية، خلال الأسبوع الماضي، وقامت بالتحقيق معه في اتهامات من بينها حيازته لسلاح بهدف استخدامه في عمل إرهابي.
يُذكر أن الهجمات والاعتداءات في إطار ما يسمى بـ "فوبيا الإسلام" ارتفعت في فرنسا بنسبة تتراوح ما بين 35 إلى 50 في المائة هذا العام، وذلك وفقًا لتقارير منظمات إسلامية، والمعروف أن عدد المسلمين في فرنسا يبلغ الآن حوالي خمسة ملايين مسلم.
وقال وزير الداخلية الفرنسي: إن الجندي وهو برتبة رقيب يُعتقَد بأنه على علاقة مع الجناح اليميني المتطرف في فرنسا، وإنه كان يعتزم إطلاق نيرانه على مسجد في منطقة فينيسيو في مدينة بوردو، الخميس الماضي، وذلك أثناء احتفال المسلمين بعيد الفطر.
وشهدت ساحة المسجد الخارجية، الثلاثاء، حشدًا جماهيريًا للإعراب عن تضامنهم مع المسلمين في منطقة فينيسيو.
وتقول جهات التحقيق إن الجندي اعترف بالتخطيط للهجوم على المسجد، كما اعترف أيضًا بمسؤوليته عن الهجوم بالقنابل على مسجد في منطقة ليبورن جنوب غربي فرنسا، خلال شهر آب/ أغسطس من العام الماضي، وذكرت تقارير أن بعض أقارب الجندي كانوا أبلغوا الشرطة عن خطته الأخيرة.
وأعرب شيخ المسجد الرئيسي في ليون كامل قبطان عن صدمته بعد اعتقال الجندي الذي يبرر مهمته بأنها "دفاع عن فرنسا"، وقال قبطان "إن القبض على الجندي يكشف عن مناخ كراهية الإسلام السائد في فرنسا اليوم"، وأضاف أنه "لا ينبغي أن نخدع أنفسنا؛ إذ إن الكراهية سائدة منذ سنوات، والناس في فرنسا اليوم بدأوا يُحوّلون عبارات الكراهية إلى أفعال".
وقالت جهات التحقيق "إن الجندي سعى إلى الاتصال ثلاث مرات بعضو حركة "النازيين الجدد" ماكسيم برونيري، الذي حاول اغتيال الرئيس الأسبق جاك شيراك العام 2002، خلال الاحتفال بـ "يوم الباستيل"، كما أن الجندي من أنصار الراديكالي دومينيك فينير، الذي انتحر في كاتدرائية نوتردام خلال شهر أيار/ مايو الماضي احتجاجًا على التشريع بزواج المثليين في فرنسا، كما كان يُردّد من قبل أن فرنسا وأوروبا سوف تخضعان مستقبلاً للسيطرة الإسلامية والشريعة الإسلامية".
وأثنى الشيخ قبطان على قيام وزارة الداخلية بالقبض على الجندي، ووصف ذلك بأنه "دليل على أن فرنسا تتعامل مع المخاطر كافة على قدْر متساوٍ".
ويذكر أن السلطات الفرنسية كانت دائمًا ما تُتَّهَم بقصورها في التحقيقات ضد الهجمات المعادية للإسلام بالحماس نفسه عندما تتعامل مع الهجمات المعادية للسامية، وهو اتهام ينفيه وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالز، ويعتبره بمثابة إهانة.
ويتعرّض وزير الداخلية لانتقادات من المجتمع الإسلامي في فرنسا بسبب تهوينه من خطورة ظاهرة "فوبيا الإسلام".
وتقول صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية "إن العديد من الهجمات المعادية للإسلام في فرنسا ارتبطت بالجدل بشأن تشريع حظر ارتداء النقاب، اعتبارًا من نيسان/ أبريل 2011، كما شهد الشهر الماضي أعمال شغب بعد قيام شرطي بتفتيش امرأة محجّبة في أحد أحياء باريس، وتعرّضت فتاة عمرها 17 عامًا لاعتداء على يد همجي ألقاها أرضًا بعد أن وصفها بأنها مسلمة قذرة، كما تعرّضت امرأة محجبة حامل للإجهاض بعد اغتصابها على يد رجلين يردّدان شعارات معادية للإسلام".
وكان وزير الداخلية الفرنسي عقد اجتماعات عدّة خلال الأسابيع الماضية مع ممثلي المسلمين في فرنسا، وتناول الإفطار الرمضاني معهم.
والمعروف أن تعداد السكان المسلمين في فرنسا يبلغ 5 مليون من بين 65 مليونًا. وتعرَّض 40 مسجدًا لهجمات خلال العام الماضي، وهو ضعف عدد الهجمات التي تعرضت إليها المساجد العام 2011، كما شهدت فرنسا العام 2012 عدد 469 هجومًا معاديًا للإسلام.
أرسل تعليقك