القيادي البارز في حركة "حماس" محمود الزهار
غزة ـ محمد حبيب
أكد ، أن حركته لم تتأزم بفعل التغييرات السياسية الجديدة التي طرأت على مصر، وأن الحركة لديها قنواتها السياسية المفتوحة على الأطراف كافة في المنطقة. وأضاف الزهار، في تصريحات صحافية، مساء الإثنين، "حماس" نشأت وترعرعت في ظروف قاسية
، كانت ذروتها في عهد الرئيس المصري أنور السادات، الذي عانت خلاله الحركة الإسلامية في كل دول الطوق من الاضطهاد، لهذا فهي لا تشعر بهاجس أو تخوفات على مستقبلها، ومرت الانتفاضة الثانية و"حماس" كانت موجودة بقوة، وخاضت ست مواجهات متتالية منذ وصولها إلى سدة الحكم في العام 2006 حتى 2012م، وكانت بمفردها ولم يقف أحد بجانبها، بل تآمرت عليها أنظمة الطوق في جزء من مخطط محاصرتها والقضاء عليها.
ورفض القيادي الحمساوي، التسليم بنتائج الانقلاب على الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، مشيرًا إلى "حجم التظاهرات التي تتصاعد يومًا بعد يوم في محافظات مصر كافة، والتي تنادي بعودة الشرعية الدستورية، وإرجاع مرسي إلى منصبه"، مضيفًا أن "الإدارة الجديدة تعاني حالة إرباك في المشهد السياسي الداخلي، والتعامل مع طبيعة الأزمة، مما يشكك في قدرتها على الصمود والمواصلة".
وأعرب الزهار عن أسفه، جرّاء تصاعد حالة التحريض من طرف وسائل إعلام مصرية وجهات سياسية تتبع إدارة "الوضع الانقلابي" في مصر ضد حركته والمقاومة الفلسطينية عمومًا، موضحًا أن "العلاقة معها تشهد توترًا ملحوظًا بفعل حالة التحريض المستمرة".
واستنكر القيادي في "حماس"، مواصلة السلطة الفلسطينية وحركة "فتح" حملات التحريض ضد حركته والمقاومة الفلسطينية، فيما شنّ هجومًا لاذعًا على رئيس السلطة محمود عباس،واصفًا إياه بـ"الكاذب" في ما ينشره من افتراءات بشأن المقاومة الفلسطينية، لافتًا إلى "اتهامات عباس المسبقة ضد المقاومة الفلسطينية وقيادتها"، التي اتهمها بالهرب في حرب 2008م من قطاع غزة إلى سيناء، مستطردًا "عباس يتعامل مع القضايا بمنظور مخادع، وليست لديه مصداقية حقيقية في تناوله الأمور، وأن بحوزة حركته وثائق كبيرة جدًا تدين (فتح) بفبركة الاتهامات ضد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وما أظهرناه في الوثائق نزر يسير وقليل جدًا مما نملك، وكشفنا عبره تورط (فتح) في ترويج الأكاذيب، وتمكنّا من نسف كل هذه الشائعات".
وقال الزهار، "إن أجهزة (فتح) لديها مركز متكامل في القاهرة، تدير عبره عمليات التزوير مع المدعو سمير الغطاس، وتعمل وفق قرارات مباشرة من عباس، وأن الغطاس رجل مسيحي كان يعمل مع الشهيد أبو جهاد الوزير قبل أن يتلقفه محمد دحلان ويُنشئ له مركز (مقدس) للأبحاث، بعد قدوم السلطة إلى الأراضي الفلسطينية، ويحمل جواز سفر باسم مزور هو محمد حمزة، وكان يتجسس على حركة (حماس) والإعلام المصري يحملنا مسؤولية فساد عقود من حكم مبارك وما قبل، وزعموا أننا المتسببون في أزماتهم المعيشية كنقص الوقود وغيرها من الاتهامات التي حمّلت غزة مسؤوليتها".
وتحدى القيادي الحمساوي، أن "تثبت الجهات المعنية مصداقية ما تروّجه من أكاذيب عن دور حركته في أعمال العنف الجارية في مصر، مضيفًا "تحدينا الجهات المعنية مرارًا أن تواجهنا بدليل واحد يُثبت الأكاذيب التي تروّج ضدنا بتورطنا في الأحداث الجارية، لكنها لم تقدم شيئًا، لأنها لا تملك سوى الاتهامات والتحريض"، موضحًا أن حركته لم تكن معتمدة على مصر من البداية، حتى في ظل وصول "الإخوان" إلى سدة الحكم في البلاد، كما لم تراهن على نظام قط خلال مراحلها السياسية المتلاحقة، وفق تعبيره.
وعن الآثار المحتملة للأحداث المصرية على الواقع الميداني في قطاع غزة، لم يستبعد الزهار احتمال إقدام الاحتلال على ارتكاب حماقات ضد القطاع، فيما أبدى جهوزية حركته للدفاع عن قطاع غزة، في حال التعرض لأي عدوان جديد، رافضًا الإفصاح عن مفاجآت المقاومة المحتملة ضد أي عدوان.
وأكد الزهار، أن "حركته ستسعى بكل ما تملك إلى أسر جنود لعقد صفقة تبادل مع الاحتلال، يجري بموجبها الإفراج عن الأسرى في سجون الاحتلال، وأن كل الخيارات أمامنا مفتوحة على ضوء التعنت الإسرائيلي المستمر ضد الأسرى وإذلاله لهم ولأبناء شعبهم،سندفع بما أوتينا لإطلاق سراحهم من سجون الاحتلال".
وفي ما يتعلق بدور الإدارة المصرية الحالية في ملف المصالحة، أفاد أن الموقف الأميركي والإسرائيلي يحولان من دون تحقيق أي اتفاق، وأميركا لا ترغب في إتمام المصالحة، وعباس لا يريد أن يغادر الموقف السياسي الأميركي"، مشددًا على موقف حركته الراغب في تحقيق المصالحة فورًا، لترتيب أوضاع البيت الفلسطيني وفق ثوابت وطنية، داعيًا إلى تشكيل توافق وطني شامل لبحث القضايا الوطنية العليا، ولا سيما على ضوء تعثر أوضاع "منظمة التحرير"، مضيفًا أن "المنظمة تعيش في حالة موت تام، فهي لا تمثل الشعب الفلسطيني مطلقًا بشكلها وترتيبها القائم"، في حين قلّل من طرح رئيس السلطة محمود عباس في ملف الانتخابات، مشككًا في مصداقية الانتخابات ونزاهتها عبر الوسائل المطروحة من طرف عباس.
وقد اقترح عباس إجراء انتخابات في الأراضي الفلسطينية، عبر البريد الإلكتروني في حل، وصفه بـ"الانتصار على الإجراءات الإسرائيلية)".
وبشأن ما تردد عن خسارة "حماس" حلفاءها السابقين؟، أجاب الدكتور الزهار، "الحركة تتعامل مع الأطراف كافة، وفق مفهوم التعاون، لا سيما الدول المؤثرة في القضية الفلسطينية"، مشددًا على ضرورة العناية بتعريف "التحالف"، وأن حركته لم تعتمد يومًا في علاقتها على مبدأ المصلحة بالمطلق، بل اعتمدت على مبدأ دور تلك الدول في نصرة القضية، ومنع التدخل في أي شأن عربي داخلي.
وفي الملف السوري، قال إن حركته قررت الخروج من الصراع السوري الداخلي رغبة في وقف الاستجابة مع أي موقف من مواقف الأطراف الداخلية، وأن الأطراف المتصارعة طلبت من حركته الانحياز إلى مصلحتها، مضيفًا "فضلنا الخروج من المشهد عن الانحياز إلى أي طرف، قدمنا مبادرات عبر الأطراف المعنية كإيران، لكننا أخفقنا في تحقيق مصالحة داخلية بين الأطراف المتناحرة بينهما".
ونفى عضو القيادة السياسية في "حماس" وجود أي توتر في العلاقة بين حركته وإيران، مؤكدًا أنها "متميزة، وأن الفتور الذي شهدته العلاقة كان بفعل الانتخابات الرئاسية التي تشهدها البلاد، وحدوث الانتقال الإداري فيها، وهي مدة تتجمد خلالها العلاقات الإستراتيجية والملفات الخارجية لدى إيران، ونشهد من اتصالاتنا أن القيادة الإيرانية لم تغير من موقفها وتعاملها مع الحركة".
وعن علاقة "حماس" بالدول الخليجية، أوضح الزهار، أن "العلاقة تشهد حالة متباينة مع تلك الدول، فالحركة لديها علاقات جيدة بدول وفاترة مع أخرى، وهناك دول خليجية لا ترغب في الحديث مع (حماس)".
وفي ما يتعلق بمستقبل المشروع الإسلامي في المنطقة، رفض الدكتور الزهار اتهام الإسلاميين بالفشل في إدارة الحكم، مؤكدًا أنهم "نجحوا منذ البداية في الصبر على المحن، ورفض الفتن الداخلية أو اللجوء إلى العنف في التعامل مع خصومهم، وأن المشروع الإسلامي لم يخسر، بل على العكس الآن يثبت أنه المشروع الوحيد الذي يؤمن بحق الإنسان في اختيار من يحكمه"، في حين استعرض تجربة الحركة الإسلامية في الحكم خلال السنوات الأخيرة في الدول العربية والإسلامية، مبينًا "حجم المؤامرة التي تعرضت لها هذه التجربة من أميركا وحلفائها كما حدث مع حكومة صدقي في إيران في منتصف السبعينات من القرن الماضي، وتجربة اربكان في تركيا والتجربة الجزائرية"، فيما لم يقبل الزهار تسمية حكم حركة "حماس" في غزة بـ"التجربة"، مشيرًا إلى أنها "لم تحظ بأي فرصة في ظل الحصار والحروب المتكررة التي خاضتها خلال السنوات الأخيرة"، مضيفًا "دعاة الديمقراطية يريدونها وفق أهدافهم وأهوائهم، ولا يرغبون مطلقًا في أي وجود إسلامي، فهم عندما يأتي الإسلاميون ينقلبون عليهم كما حصل في مصر والجزائر"، ووصف ما تمر به المنطقة بـ"الخريف" الذي يعقب الربيع، "وستتساقط فيه أوراق كثيرة، وتحدث حالة من الركود إيذانًا بربيع يصب في مصلحة الإسلام والقضية الفلسطينية".
أرسل تعليقك