وضع طلحة أسمل البالغ من العمر 17 عاما حدًا لحياته بعد تفجير نفسه في سيارة مفخخة في العراق باسم تنظيم "داعش"، ويظهر طلحة في صورة بوجهه الطفولي، وهو يحتفل بأخر يوم له في مدرسة "ويستبورو" الثانوية غرب يوكاشير، مرتديا زيه المدرسي بعد كتابة بعض التعليقات المرحة من أصدقاءه احتفالا بتخرجه من المدرسة.
وأكدت عائلة طلحة استغلال الجهاديين لابنهم عبر الانترنت لتنفيذ عملية انتحارية مخططة، وكان طلحة قد درس تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وإدارة الأعمال في مدرسة حرة في ميرفيلد، وأكد مدير المدرسة أنه "يعمل بجد واجتهاد"، إلا أن عطلته التي قضاها في منطقة الشرق الأوسط غيرت مسار حياته بدلا من التحاقه بالجامعة، حيث ظهر طلحة في صورة نشرت بواسطة "داعش" وهو يقف بجانب بعض الانتحاريين أمام سيارة "تويوتا" قبل تنفيذ العملية الانتحارية التي تسببت في مقل 11 عراقيًا.
وعزفت السلطات عن تأكيد وفاة طلحة في العملية الانتحارية، لكن عائلته ذكرت أنهم شاهدوا ابنهم قتيلا في صورة باسم "أبو يوسف البريطاني"، ويعد طلحة أصغر انتحاري بريطاني لأمه نورجاه (38 عامًا)، ووالده إبراهيم (42 عامًا)
واتجه طلحة في شهر نيسان/ابريل مع صديقه المقرب حسن مانشى إلى سورية، في موجة من الفرار يمر بها الكثير من الشباب البريطاني للانضمام إلى "داعش"، ما يزيد المخاوف بشأن تصاعد التطرف في بريطانيا.
وكشفت أسرة طلحة عن بداية تطرفه بعد وقوعه تحت تأثير الجماعات المسلحة، مشيرين إلى استغلاله بواسطة "داعش" لتنفيذ أعمالها الانتحارية القذرة، وذكرت الأسرة في بيان لها أن "طلحة شاب جاد ومحب للسلام وملتزم بالقوانين وانه لم يكن متطرفا ولم يضمر أي سوء لأحد، لقد دمرت حياتنا حزنا على ابننا ، ونود أن ننتهز الفرصة لنعبر عن رفضنا لأعمال داعش وأنها لا تمت للإسلام أو المسلمين بصلة، ولن نسمح لهذه الجماعة بتدمير حياتنا"
وأعلن تنظيم "داعش" عن وجود ثلاثة هم ألماني الجنسية وكويتي وفلسطيني ضمن فريق تنفيذ العملية الانتحارية التي استهدفت أحد أبار البترول في منطقة صلاح الدين في العراق.
وأخبر طلحة عائلته بأنه سوف يذهب في رحلة وسيغيب لبضعة أيام، إلا أن القلق أصاب عائلته عندما انقطع الاتصال به وتم استدعاء الشرطة، ويظهر حساب طلحة على "فيسبوك" حبه لصفحات اللياقة البدنية وبناء الجسم والطبخ والكتاب المقدس.
وذكر نائب العمال السابق لمدينة دوسبرى شهيد مالك أن "طلحة شاب محترم، ومن الصعب مقارنته بذلك الشخص الانتحاري، وعائلته عائلة متواضعة وسعيدة جدا، لكن خبر وفاته حول حياتهم إلى جحيم، وإنه لأمر مفجع لأسرته أن تراه هكذا وهو سعيد بما يفعله من عملية انتحارية ، ما يشير إلى نجاح داعش في تسميم عقله وإيهامه بأنه يفعل خيرا من أجل الذاهب لخالقه، ويجب على جميع المساجد توجيه المسلمين أنفسهم وإعلامهم بما يتوافق مع مبادئ الإسلام وما يخالفها بدلا من اقتصار الحديث في المساجد عن المتطرفين فقط "
ويبقى مصير صديق طلحة المقرب حسن مانشى غير معلوم، ويذكر أن حسن مانشي له أخ يدعى حماد، ألقي القبض عليه وعمره 15 عامًا في عام 2006 وقد عثر معه على كتاب يشرح كيفية صنع قنابل النابالم، وقد تم حبسه لمده عامين لكونه جزء من تنظيم "القاعدة"، وقد تم تدريب حماد على يد عابد خان الذي حكم عليه بالسجن لمده 12 عامًا في عام 2008 بعد عمله لموسوعة للمتطرفين على الكمبيوتر، تضم ملف عن أعضاء الأسرة المالكة، وبالتالي ارتبط اسم خان بالتطرف والعمليات الانتحارية في أماكن عديدة منها واشنطن وكندا.
ويعتبر حسيب حسين (18 عامًا) هو اصغر انتحاري في بريطانيا من غرب يوكاشير أيضا عندما فجر نفسه في هجمات لندن عام 2005 قبل عملية طلحة، ولكن الآن اكتسبت مدينة دوسبرى سمعة سيئة باعتبارها مرتعا للتطرف الإسلامي بزعامة محمد صديق خان منظم هجمات لندن والعقل المدبر لها والذي ينتمي لنفس البلدة
وذكر الشيخ قارئ عاصم إمام الحرم المكي لـ"بى بى سى"، "أن عملية تجنيد الشباب تتم من خلال الانترنت بشكل مدبر ومنظم، فهم يتصلى يدون الشباب ويسممون أفكارهم، معتمدين على استخدام الدين ومستغلين عاطفة الشباب الدينية لأهدافهم السياسية ومكاسبهم الخاصة، فهم يقنعون الشباب بأن أمامهم حياة عظيمة إذا ما جاهدوا في سورية والعراق، وربما ينتشر الأمر في مدينة ادويسبرى بسبب ضعف الناس هناك وسهولة التأثير عليهم ، ويجب علينا الإبلاغ عن أي تطرف نراه في المساجد ، فقد أصبحت داعش تهديدا علميا"
ويذكر أن محمد صديق خان قصف مترو أنفاق لندن عام 2005، ما أدى إلى مقتله وخمسة آخرين، وأقدم خان تعليم مزيد من الانتحاريين منهم شيخزاد تنوير (22 عامًا) الذي فجر نفسه أيضا وقتل سبعة آخرين بين شارع ليفربول وألدغيت في إحدى العمليات الانتحارية.
ويضاف إلى أسماء الانتحاريين السابقين، هارون أسود من ديوسبرى أيضا، والذي خطط لإقامة معسكر للتدريب المتطرف في الولايات المتحدة مع متطرف أخر يدعى ابو حمزة، وقد ألقي القبض عليه ومن المحتمل أن يواجه حكما بالسجن لمدة 20 عامًا عند الحكم عليه الشهر المقبل، ومن جانبها رفضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تسليم هارون اسود بحجة أن المعاملة غير الإنسانية تتنافى مع الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
وفى نفس السياق، في عام 2012 خططت عصابة انتحارية مكونة من ستة أفراد لتفجير أحد التجمعات من خلال سيارة مفخخة، وبعد القبض عليهم تم العثور على ترسانة من البنادق والسيوف والقنابل مع وثيقة تصف الهجوم بأنه "عملية للدفاع عن النبي محمد"، ومنفذو العملية هم عمر خان (31 عامًا) وجوهرة الدين (27 عامًا) والذين حكم عليهم بالسجن 19 عامًا وستة أشهر، وحكم على ثلاثة آخرين بالسجن بمجموع 58 عامًا وهم محمد سعود (23 عامًا) وصهيد احمد (22 عامًا) وأنزال حسين (25 عامًا)، أما محمد حسن الذي استأجر السيارة المفخخة حكم عليه بالسجن لمدة 18 عامًا وتسعة أشهر.
وأشار حراس رفيق العضو المنتدب لمؤسسة "كويليام" لمكافحة التطرف الفكري، إلى أن "داعش" تشتغل السباب المسلمين من خلال استخدامهم كوسيلة للدعاية غير وسائل التواصل الاجتماعية وغيرها.
أرسل تعليقك