العراق وسورية تتحولان إلى ساحة حرب مفتوحة بين السعودية وإيران
بغداد ـ جعفر النصراوي
أكدت مؤسسة "واشنطن لدراسات الشرق الأدنى" الأميركية، أن العراق وسورية أصبحا ساحة حرب مفتوحة، تتشابه في ظروفها بين كل من المملكة العربية السعودية من جهة، وإيران من الجهة الأخرى، محذرة من اشتعال حريق مذهبي كبير في الشرق الأوسط. ونقلت المؤسسة عن مصادر دبلوماسية أميركية، في
دراسة صدرت عنها أخيرًا اطلع عليها "العرب اليوم"، حدوث تصاعد كبير في الآونة الأخيرة في وتيرة التدخلات الإقليمية الداعمة للمنظمات الإسلامية المتطرفة في كل من العراق وسورية، وحذّرت من أن ذلك قد يُشعل في خاتمة المطاف حريقًا مذهبيًا كبيرًا في الشرق الأوسط للمرة الأولى منذ الحروب العثمانية الصفوية في القرنين السادس عشر والسابع عشر.
وأوضحت المصادر الأميركية، أن أبرز القوى الإقليمية التي تقف وراء تمويل هذا التصعيد إيران والسعودية (التي حلّت أخيرًا محل قطر في المرتبة الأولى، كقوة دعم للمنظمات السلفية والمتشددة)، هذا إضافة إلى "لاعبين ثانويين"، على المستوى المالي على الأقل، مثل تركيا والأردن وغيرهما، مشيرة إلى أن إيران تشرف اليوم على "لواء أبو الفضل العباس"، وهو عبارة عن مقاتلين عراقيين شيعة في الغالب يخضعون إلى تنظيم "قوة القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني، ويضم اللواء ثلاث مجموعات عراقية تقاتل الآن في سورية، هي مجموعة "عصائب أهل الحق"، التي يتراوح تعدادها بين 2000 إلى 3000 مقاتل، كانت قد انشقت عن حركة مقتدى الصدر في العام 2006، بدعم من "قوة القدس" و"حزب الله" اللبناني، و"كتائب حزب الله" العراقية وهي نخبة من 400 مقاتل من العراقيين الشيعة المُتمرسين الذين يرفعون تقاريرهم مباشرة إلى قيادة "قوة القدس"، و"كتائب سيد الشهداء" وقوة قوامها 200 مقاتل يقودها أبو مصطفى الشيباني، فيما أفادت تقارير مخابراتية أخرى، بوجود عراقيين شيعة يقاتلون أيضًا في سورية من أعضاء "منظمة بدر" و"لواء اليوم الموعود" التابع لمقتدى الصدر.
وتحدثت المؤسسة الأميركية، عن الدور السعودي، وقالت "إن المملكة دعمت علنًا منذ البداية الجيش السوري الحر، الذي يُقال إنه يضم منظمات إسلامية معتدلة، لكنها كانت في السر تُمرر التمويل لمنظمات متطرفة مثل (الدولة الإسلامية في العراق والشام)، التي تُقاتل في كلٍ من العراق وسورية، كما سمحت لممولين سعوديين وخليجيين آخرين بدعم (جبهة النصرة)، وسهّلت تدفق مقاتلين أصوليين من شتى أنحاء العالم، بما في ذلك من السعودية نفسها وليبيا ومصر وباكستان والشيشان وغيرها إلى سورية، وتعمل السعودية الآن، بالتعاون مع الأردن والولايات المتحدة، على إنشاء وتمويل وتدريب جيش سوري جديد، يُفترض أن يحل مكان الجيش الحر، قوامه زهاء 7 آلاف ضابط وجندي سوري منشق، التدريبات تجري أساسًا في الأردن بإشراف أميركي وأردني مباشر، وهي شارفت على الانتهاء الآن، كما تعمل السعودية على دفع قبيلة شمر الضخمة التي يتقاسم أفرادها الحياة في السعودية والاردن وسورية، إلى العمل للسيطرة على منطقة جنوب سورية لهدف فرض الحصار على مدينة دمشق، ودفعت هذه المعطيات الإقليمية مؤسسة دراسات الحرب الأميركية إلى وضع دراسة شاملة، أصدرتها بعنوان "الصراعات الطائفية والإقليمية في الشرق الأوسط"، خرجت منها بالخلاصة الآتية:
- النصف الأول من 2013 شهد بدء توسُّع وانتشار الصراعات الطائفية في الشرق الأوسط، انطلاقًا من العراق وسورية، وهذا التطور كان حصيلة التطورات التي حدثت خلال 2012، بما في ذلك محاولات رئيس الحكومة العراقي نوري المالكي تعزيز سلطته، وصعود المعارضة المسلحة في سورية.
- نقطة التحوّل في هذه الصراعات جاءت في وقت لاحق من ذلك العام، حين خسرت المعارضة السورية بلدة القصير الإستراتيجية في أوائل حزيران/يونيو لصالح القوات السورية الحكومية المدعومة من "حزب الله" اللبناني، الذي أدى تدخله إلى تفاقم كبير في عملية "تطييف" الصراع و"مذهبته".
- والآن، فإن العنف الطائفي الذي تدعمه قوى خارجية، بات يفرض تهديدات وجودية على دول المنطقة الهشة أصلاً، التي يشجِّع ضعفها أو حتى فشلها على بروز هويات تناصب مفهوم الدولة الوطنية العداء، يحدث هذا بقوة حاليًا في سورية، ولكن أيضًا بزخم لا يقل قوة في العراق، حيث عزز سعي نوري المالكي لاحتكار السلطة، والخطب المذهبية الواضحة، واستخدام قوات الأمن العراقية لأغراض سياسية، الاستقطاب الطائفي وجعل من سورية والعراق ساحة معركة واحدة، وذلك وفق مؤسسة واشنطن.
وقالت مصادر دبلوماسية غربية، للمؤسسة الأميركية، إنها لا ترى نهاية قريبة للصراعات الطائفية التي يُحركها التنافس الإقليمي، إلا في حال اتفقت الدول الكبرى، لا سيما روسيا والولايات المتحدة على أن الحريق المذهبي الشامل في المشرق العربي، يمكن أن يُشكل تهديدًا للأمن الدولي، وهذا ما لا يبدو واردًا الآن، في ضوء انتقال العلاقات الروسية الأميركية أخيرًا، من حالة التعاون إلى التنافس الإستراتيجيين.
أرسل تعليقك