اعتاد العراقيون على تبادل التهاني فيما بينهم، على الرغم من الأجواء الأمنية المتوترة في العراق، متحدين كل الصعاب فيما لا تزال مناطق واسعة من البلاد تئن القتل والرعب اليومي، مثل مدينتي الموصل والرمادي وتكريت وغيرهما، ولا يختلف عيد الأضحى في العراق، عن الأعياد السابقة، منذ نحو عقد من الزمن، حيث تتكرر الأمنيات المتعلقة بعودة الاستقرار إلى البلاد؛ لكن من دون جدوى.
وإذا كان الخوف يتملك شريحة كبيرة من العراقيين من المستقبل المجهول؛ فإن هناك فئة لا يستهان بها خضعت للأمر الواقع وجالت الأسواق في أجواء شعبية خجولة تحضيرا لعيد الأضحى، بينما قررت الحكومة العراقية، تحديد عطلة عيد الأضحى المبارك، بأربعة أيام، تبدأ من الخميس، وتنتهي الأحد المقبل، على أن يستأنف الدوام في الـ28 من أيلول/سبتمبر الجاري.
وكان المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني، أعلن، الثلاثاء، عن ثبوت الرؤية الشرعية لشهر ذي الحجة ليكون اأول أيام الشهر، وبهذا يكون عيد الأضحى، الخميس المقبل 24 ايلول 2015، تزامنًا مع إعلان المملكة العربية السعودية عن أول أيام العيد.
ومع كل عيد، يمر تتجدد أمنيات العراقيين، وتكاد تكون ثابتة، وأبرزها أن يعم الأمن والأمان والسلام أرجاء العراق، وأبرز أمجاد صباح، مواطن من البصرة لـ"العرب اليوم"، أنّه "مع الأسف، هذا العيد لا يختلف عن الذي سبقه، أصبحنا نبحث عن الابتسامة والفرح المفقود"، وأضاف، بينما ساد الحزن نبرة صوته: "دعنا نسمي هذا العيد "عيد الهجرة للشباب العراقية"
وصباح، موظف في دائرة النفط شأنه شأن الكثيرين، فقد أحد أصدقائه أخيرًا، في معركة قرب الفلوجة، وقال إنه لا يحتفل بالعيد حزنا على صديقه، وقتل عشرات من الجنود العراقيين ومن أفراد الأجهزة الأمنية الأخرى بدم بارد، على أيدي التنظيمات المتطرفة في الموصل وتكريت والفلوجة والرمادي.
وبيّنت أم رائد، أو هكذا أرادت أن تلقب نفسها كي تتحدث بحرية: "أسفي على التجار الذي يرفعون الأسعار في العيد، وأسفي على السياسيين الذي يتاجرون بدمائنا"، وأم رائد التي تسكن حيا شعبيا في منطقة الشعب داخل بغداد ترفض الاحتفال بالعيد كغيرها من بقية أفراد أسرتها حزنا على وفاة ابنها، العام الماضي، مؤكدة: "سأكتفي بإرسال التهاني عبر (الهاتف) وكل شيء سيكون مؤجلًا بالنسبة إلى حتى أجل غير مسمى".
أما في نينوي، فأعلنت رئاسة مجلس المحافظة، عن إيقاف كل المراسيم الرسمية للاحتفال بعيد الأضحى، مشيرة إلى أنّ العيد سيكون يوم تحرير مناطق نينوي، من سيطرة التنظيمات المتطرفة، وهنأ رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، العراقيين والمسلمين كافة لقرب حلول عيد الأضحى المبارك، مؤكدًا في كلمة وجهها إلى الشعب العراقي في هذه المناسبة، أنّ مشاعره تتوجه، خصوصًا إلى ملايين النازحين والمهجرين والمهاجرين وسكان المناطق الواقعة تحت التنظيمات المتطرفة سائلًا المولى القدير رعاية مساعي البلاد للتعجيل بإنهاء معاناتهم جميعًا.
فيما أفاد رافد البالغ من العمر 46 عامًا، وأب لأربعة أطفال: "أتمنى أن يتحقق الأمن والاستقرار في جميع أنحاء العراق، وأن يعم السلام ربوع بلدنا، وأن نتوحد جميعًا، وننسى الماضي بكل مآسيه وننطلق نحو المستقبل الزاهر لأبنائنا"، وأردف: "تلقيت، اليوم، العشرات من رسائل التهنئة لمناسبة عيد الأضحى المبارك، لم تخلو واحدة منها من أمنيات الأمن والسلام".
وزاد رافد، أنّ العراقيين عانوا الكثير خلال الأعوام الماضية، وخسروا الكثير من أبناء وطنهم، وحان الوقت أن يتحدوا، واسترسل: "كنت أنوي شراء خروف؛ كي أذبحه كأضحية؛ لكني صدمت عندما ذهبت ووجدت سعره 400 ألف دينار، أكثر من 340 دولار أميركي؛ وكوني موظفًا فهذا يعني أني سأنفق نصف راتبي لشراء الأضحية لذلك قررت الاكتفاء بالذهاب الى إحدى المتنزهات واصطحاب أولادي كي نقضي بعض الوقت ونتناول طعام الغداء هناك".
على صعيد متصل، أعلنت "أمانة بغداد"، عن أنها أعدت خطة متكاملة لاستقبال العائلات البغدادية والوافدة من جميع محافظات البلاد إلى مرافقها السياحية والترفيهية، طيلة أيام عيد الأضحى، وقالت في بيان صحافي، أنها هيأت مرافقها السياحية والترفيهية لاستقبال العائلات والزوار، طيلة أيام عيد الأضحى، إذ سيكون الدخول إلى هذه الأماكن مجانا، ومنها متنزه الزوراء الذي من المتوقع أن يشهد إقبالًا كبيرًا من العائلات طيلة أيام العيد، بعد تهيئته وتجهيزه بأحدث ألعاب الأطفال.
وشدد الأمانة، على أنها وضعت خطة أمنية من قبل دائرة الحراسات والأمن عبر التنسيق مع قيادة عمليات بغداد؛ لحماية هذه الأماكن، وتوفير الأجواء الآمنة لزوارها، طيلة أيام العيد.
من جانبها، أعدت وزارة "الصحة"، خطة اسمتها خطة "إسناد طبية مركزية" خاصة لأيام عيد الأضحى، شملت تهيئة سيارات الاسعاف كافة؛ لتكون جاهزة للحالات الطارئة، بعدما تكون مرابطة في تقاطعات الشوارع الرئيسة، وتأمين رصيد كاف من قناني الدم في جميع المستشفيات.
أرسل تعليقك