البطريرك لويس روفائيل الأول ساكو
بغداد ـ جعفر النصراوي
احتفلت الكنيسة الكلدانية في العراق بتنصيب رئيسًا لأساقفة الكلدان في العراق والعالم، وحضر الاحتفالية رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس مجلس النواب أسامة النجيفي ونائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات صالح المطلك ووزير البيئة سرجون لازار صليوة، وعدد من علماء
الدين الإسلامي، وحشد كبير من رجال الدين المسيحيين ووفود من مختلف مناطق العراق ودول العالم.
وأكد ساكو في كلمة له أن المسيحيين والمسلمين ساهموا في بناء الحضارة الإسلامية منذ العصر العباسي.
وقال البطريرك لويس روفائيل الأول ساكو، في كلمة له خلال الاحتفالية التي أقيمت في كنيسة مار يوسف ببغداد، "نحن أصل البلاد، ولنا أكثر من 2000 سنة في العراق، وساهمنا مع المسلمين في بناء الحضارة الإسلامية التي ازدهرت في بغداد في العصر العباسي، وذلك من خلال ترجمة العلوم والمعارف التي نقلت من الحضارات الأخرى".
وحث البطريرك ساكو، في كلمته المسيحيين على عدم مغادرة العراق، بالقول "هذه أرضنا وأرض أجدادنا، وعلينا البقاء فيهاـ والعمل من أجل بنائها"، داعيًا للعراق والعراقيين بمختلف انتماءاتهم الدينية والمذهبية والقومية بالأمن والسلام، وأن تسود المحبة بين الجميع.
من جانبه أكد رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي في كلمة له خلال الحفل أن المسيحيين في العراق هم أبناء البلد الأصليون وعليهم ألا يغادروه، وشدد على أهمية الوجود المسيحي في الشرق، مبينًا أن العنف الذي شهده العراق وما تشهده المنطقة العربية بأسرها إنما "بسبب الجهل والجهلاء"، الذين تركوا آثاره عنفهم على الجوامع والمساجد والكنائس على حد سواء.
وقال المالكي "نحتاج في العراق إلى الذي يبحث عن الهوية الوطنية أولاً"، وأضاف "لدينا اختلافات بين المكونات التي يتشكل منها الشعب العراقي، لكننا لدينا القواسم والمشتركات التي هي العراق أولاً، والشعب العراقي ثانيًا، ووحدتنا الوطنية".
وتابع المالكي "لم يكن في تاريخ العراقيين أن يميز بعضهم الآخر، إنما كانوا ينظرون إلى أنهم كلهم عراقيون وعلى الإخوة المسيحيين ألا يخافوا، ولماذا يخافون وهم أصحاب العمق والتاريخ في هذا البلد، وعبر محطات مختلفة".
واستدرك المالكي قائلا "وإذا كانت شرذمة من "القاعدة" والمجرمين استهدفوهم فهؤلاء ليسوا هم هوية الشعب العراقي، وإنما يمثلون حالة طارئة عانينا منهم كمسلمين ومسيحيين، وحصدنا آثارها دماءً وتعطيلاً لمسيرة البناء"، مخاطبًا المسيحيين "لا تهاجروا ولا تغادروا بلدكم وتاريخكم، عيشوا فيه كرامًا وأحرارًا".
وجدد المالكي تأكيده على أهمية الوجود المسيحي في الشرق، وبين قائلاً "كما أكرر كلمة قلتها سابقة، أنا طلبت من البابا المحترم أن يوجه نداءه إلى مسيحيي الشرق ألا تغادروا العراق، لأننا لا نريد أن يخلو الشرق من المسيحيين كما لا يخلو الغرب من المسلمين، لأن ذلك يشكل صلة وصل بين الشعوب، ويعزز من التعايش".
وأشاد رئيس الحكومة بالبرنامج الذي طرحه البطريرك ساكو، والذي ركز على "المحبة والأخوة والسلام والشراكة ومواجهة التحديات وتمسك المسيحيين في بلدهم"، وشدد المالكي قائلاً "لا بد أن نكمل مشوار التعاون، على أساس التخلص من التعصب والطائفية والعنف التي حملها لنا الجهل والجهلاء، الذين تشهدون كيف تعيش المنطقة كلها تغلي بسببهم".
وأعلن اجتماع الكنيسة الكلدانية الذي عقد في الفاتيكان، أواخر شهر كانون الثاني 2013، انتخاب مطران كركوك لويس ساكو، بطريركًا جديدًا للكلدان في العراق والعالم خلفًا للبطريرك مار عمانوئيل الثالث دلي، الذي ترك منصبه بسبب تقدمه في السنّ.
ولد البطريرك الجديد ساكو في 4 تموز 1948 بمدينة زاخو، وسيم كاهنا في أبرشية الموصل سنة 1974. وحصل على شهادة الدكتوراه من الجامعة البابوية في روما سنة 1983، وماجستير في الفقه الإسلامي سنة 1984، كما حاز لاحقًا على شهادة دكتوراه من جامعة السوربورن سنة 1986.
وانتخب ساكو مطرانًا على أبرشية كركوك سنة 2002، وسيم على هذا المنصب العام التالي. كما حاز على أوسمة عدة، منها وسام الدفاع عن الإيمان من إيطاليا، ووسام "باكس كريستي" الدولية ووسام القديس إسطفان عن حقوق الإنسان من ألمانيا، كما ألف ونشر ما يزيد على 200 مقال و20 كتابًا في مجالي اللاهوت والدين.
أرسل تعليقك