صورة أرشيفية للرئيس الفلسطيني محمود عباس والعاهل الأردني عبدالله الثاني في لقاء سابق
رام الله - نهاد الطويل
اعتبر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، الأحد، أن "ما يتردد عن حديث الكونفدرالية أو غيرها، فهو حديث في غير مكانه ولا زمانه، ولن يكون هذا الموضوع مطروحًا للنقاش، إلا بعد قيام الدولة الفلسطينية المستقلة تمامًا، وبارادة الشعبين والدولتين، وأن أي حديث في هذا الشأن قبل ذلك، ليس في مصلحة
الفلسطينيين ولا الأردنيين".
ويرى الكثير من المراقبين، أن الحراك الرسمي الأردني الفلسطيني الذي شهدته رام الله في الآونة الأخيرة، يأتي ترجمة حقيقية لاستكمال دراسة أكثر تفصيلاً، حيث كان لخيار الاتحاد وتحدياته وسبل تجاوزها النصيب الأكبر من المحادثات المستمرة، ويسود الاعتقاد بأن الجانبين الأردني والفلسطيني ينتظران ما سيسفر عنه ذهاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى الأمم المتحدة، ممثلاً في جمعيتها العامة، فيما ستشكل نتيجة التصويت والعملية الإصلاحية في الأردن وإتمام المصالحة والانتخابات الفلسطينية فرصًا إضافية أخرى لولادة الاتحاد من عدمه.
ويرتكز أصحاب فرضية "الكونفدرالية" يرتكزن فيها على الزيارات الرسمية الاردنية لـ " رام الله" فما إن تنقضي زيارة لوفد أردني رسمي لـلأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 حتي يبدأ الحديث عن مواعيد إضافية لزيارات أردنية رسمية رفيعة المستوى، فمن زيارة الملك عبدالله الثاني الذي وصفت بالتاريخية قبل عدة شهور وصولا إلى زيارات مكوكية للفريق حسين هزاع المجالي مدير الأمن العام الأردني ،إلى غير ذلك من الزيارات التي توجت مؤخرا بزيارة رئيس الوزراء الأردني السابق فايز الطراونة ووزراء آخرين،بالإضافة إلى برلمانيين، فالحديث في ظل هذه الاجتماعات الفلسطينية الأردنية المستمرة يأخذ أبعادًا كثيرة كما يقول محللون ومراقبون، فمن التنسيق والتعاون المشترك، إلى الدعم الأردني للقضية الفلسطينية، ناهيك عن العلاقة التاريخية بين الضفة الشرقية والضفة الغربية.
وقال المحللون، "لابد من الإشارة إلى أحاديث جانبية وتؤيلات بين الأوساط الفلسطينية الشعبية والسياسية، ويقف على رأس تلك التأويلات والفرضيات فرضية يدعي فيها أًصحابها إمكان وجود حديث إضافي ورؤية متقدمة لولادة اتحاد كونفدرالي بين الضفتين الأختين، اللتين انفصلتا عن بعضهما إثر فك الارتباط بينهما بتوافق ثنائي عام 1988، إلى جانب التحاق قطاع غزة بهذا الاتحاد، وأن الحديث عن مبادرات كهذه ليس بالجديد، إلا أنه يبقى مطروحًا وقيد الدرس، لكنه مرهون بوقائع وتحديات سياسية معقدة تفرضها سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على الأرض.
ولم تخف قيادات فلسطينية سابقة موقفها من طرح هذا المشروع، وذهبت بعض القيادات إلى اقتراح تشكيل هيئة شعبية لصياغة مقترحات محددة لملامح ومستقبل مشترك يجمع الأردن وفلسطين، وهو ما كان يوافق عليه وبشدة عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" الراحل هاني الحسن، عندما روج للمشروع، فيما يرى البعض أنه مثير للجدل، وبدأت مساعي الحسن بحسب المصادر الفلسطينية الموثوقة عندما زار الأردن ذات مرة حيث عرض على مسؤولين أردنيين حاليين وسابقيين فكرة بلورة رؤية للاتحاد بين البلدين.
ونقلت مصادر إعلامية أردنية حينها عن الراحل الحسن رؤيته، حيث شرح تصوراته لهذا الاتحاد، قائلاً "إن الملك سيكون رأس الاتحاد، ويكون رئيس الوزراء فلسطينيًا، ويكون لكل دولة برلمانها الخاص بها، على أن يشكل من البرلمانين برلمان مركزي مشترك، ويشكل الملك مجلس الأعيان، وتدمج القوات الفلسطينية في الجيش الأردني، ويكون للدولة الإتحادية عاصمتان سياسية في عمان، وإدارية في القدس أو رام الله، ويمثل الدولة الاتحادية سلك دبلوماسي واحد، ويقترع الفلسطينيون المقيمون في الأردن في دوائرهم الأصلية في فلسطين، كما يقترع الأردنيون الذين يقيمون في فلسطين في دوائرهم الإنتخابية في الأردن، وعلى الرغم من الخلاف الكبير الذي أصاب العلاقة بين الراحل هاني الحسن والرئيس الفلسطيني محمود عباس، إلا إن الأخير أنه عندما علم بمقترحات الحسن، دعا إلى إجراء دراسة أكثر تفصيلاً بشأن تصوره للعلاقة المستقبلية بين فلسطين والأردن، على نحو أكثر اندماجًا، وأكثر تفصيلاً ودقة من مشروع الحسن، وعرضها على المسؤولين الأردنيين، وأكد الراحل الحسن قبل عامين تقريبًا، حينها وبحذر شديد في إحدى الملتقيات الإعلامية التي ناقشت العلاقة الأردنية الفلسطينية، أن على الفلسطيني أن يرجع لأساسيات النضال، وإن أول ما يجب عمله هو التخلي عن اعتقاده بقدرته على الإنفراد بالحل، لا يستطيع ذلك، وأنه يعني بالضفة الغربية كذلك القدس وقطاع غزة، وطالب الأردن بأن يسجل أنه ساهم في ولادة الدولة الفلسطينية، وهناك قطاعات فلسطينية كثيرة وواسعة جاهزة لتشكيل هيئة بحث شعبية في مستقبل أطفالنا في الأردن وفلسطين".
وأكد الوزير الأردني السابق عبد الحافظ الشخانبة، رفض أي علاقة بين فلسطين والأردن قبل قيام الدولة الفلسطينية وممارستها سيادتها على الأرض، وأنه من دون ذلك تكون أية مشاريع ماسة بهذه القضية وبأمن الجميع، وهو ما ناضل من أجله كل الشعب الفلسطيني، وأتساءل لماذا قامت "منظمة التحرير" الفلسطينية.
ولا يتوقف الحديث في الشارع الفلسطيني بمؤسساته الشعبية والسياسية، في ظل هذه التأويلات والتوقعات السياسية، في وقت يتطلع فيه الفلسطينيين بعيون مفتوحة على مستقبل قضيتهم ودولتهم، بعد أن تسربت بعض الأخبار التي تتحدث عن خطط تعد دوليًا تهدف إلى عقد اتحاد كونفدرالي بين السلطة الفلسطينية والمملكة الأردنية .
ويستعرض مدير الجمعية الفلسطينية الأكاديمية للشؤون الدولية "باسيا" مهدي عبدالهادي، الدور الأردني، وحرصه على تحقيق حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، مؤكدًا في حديث خاص لـ" العرب اليوم"، أن "الأردن الرسمي لن يرضى بالحديث عن حالة اتحاد قبل حصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة، مشيرًا إلى التغير الحاصل في الخطاب الإسلامي على الساحة الأردنية، موضحًا أن هناك توجهًا واضحًا لدى الإسلاميين لإلغاء قرار فك الارتباط بين الضفتين، متسائلاً عن ماهية مثل هذه الخطابات.
وأشار عبدالهادي إلى أن الخطاب الإسلامي ومعه الخطاب الرسمي الأردني وبينهما العشائر ذات الأصول الأردنية في هذا الصدد، سيؤثر على طبيعة العلاقات الفلسطينية الأردنية مستقبلاً، كما سيؤثر على عناصرها ومحرجاتها، مضيفًا أنه "في ما يتعلق بالحالة الفلسطينية، فإن تحديات داخلية لابد من تجاوزها قبل الحديث عن الحالة الاتحادية، وهناك الانقسام وموضوع المفاوضات والانتخابات وبناء مؤسسات الدولة، بالإضافة إلى استحقاق الدولة غير العضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة، والاستيطان، ومجابهة إسرائيل سياسيًا ودوليًا، وفي الساحة الأردنية، يمكن رصد الثوابت الوطنية في هذا الاتجاه، ولا يمكن القول من باب التحليل إن الأردن يغلق الباب تمامًا أمام المشروع الكونفدرالي، وما يبدو عليه المشهد أن مشاعر القلق في أوساط الشارع الأردني الداخلي ونخبه هي الورقة الرابعة التي تقلق صانع القرار وتدفعه للحفاظ على مسافة مع المشروع الكونفدرالي، فالأردنيين، وهذا ما لا يقال علنًا، قلقون من العامل الاقتصادي والسكاني، وقد أصبح ذلك بوضوح من عناصر النقاش الأساسية بشأن الكونفدرالية".
وقال استطلاع رأي نشر في العام 2010، "إن 60% من المستطلعين الفلسطينيين رفضوا فكرة الاتحاد الكونفدرالي بين الضفة الغربية والأردن من جهة، وبين غزة ومصر من جهة أخرى، مقابل تأييد 37% لهذه الفكرة، و3% لا يعرفون".
واعتبر الدكتور صائب عريقات، أن الحديث عن اتحاد كونفدرالي أردني فلسطيني سابق لأوانه، نافيًا ما أوردته وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن الكونفدرالية، مضيفًا أن "هذا كلام لا أساس له من الصحة، ويجب عدم التعاطي معه على الإطلاق، وأن المسألة تتعلق بإقامة دولة فلسطينية مستقلة يسعى الشعب الفلسطيني من خلالها إلى الوصول للحرية والاستقلال".
ورأى عضو اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير" الفلسطينية، عضو المكتب السياسي لـ"الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" تيسير خالد، أن "أولوية الفلسطينيين الآن هي إنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية، وأن العلاقة مع أي دولة يتم بحثها بعد الاستقلال، وأي حديث عن العلاقة قبل الاستقلال غير شرعي".
ورفضت حركة "حماس"، إحدى أكبر التيارات السياسية الفلسطينية، فكرة إقامة أي كونفدرالية مع الأردن، في الوقت الذي لا يزال فيه الشعب الفلسطيني يرزح تحت الاحتلال الإسرائيلي.
وقد رحب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، في وقت سابق، بإقامة اتحاد أردني فلسطيني،حيث نقلت صحيفة "فايننشال تايمز"، تصريح صحافي لنتنياهو أكد فيه أن "فدرالية أو كونفدرالية بين الأردن والفلسطينيين يمكن أن تحسن آفاق السلام في الشرق الأوسط، وأن ذلك سيؤدي إلى معالجة إحدى المشاكل الكبرى للفلسطينيين، وهي الحاجة إلى فرض قوانين وقواعد في مدنهم وشوارعهم، ومنع انتقال العنف منهم إلينا".
أرسل تعليقك