الرئيس التونسي المنصف المرزوقي ورئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر
تونس ـ أزهار الجربوعي
دعا حزب الرئيس التونسي "المؤتمر من أجل الجمهورية"، المنصف المرزوقي، الأربعاء، إلى التفعيل الكامل لقانون الطوارئ لحماية المسار الديمقراطي من العنف والإرهاب، داعيًا إلى التعجيل بإنهاء المسار الانتقالي قبل نهاية العام الجاري والتصدي لكل محاولات الانقلاب على المسار الانتقالي، وأعرب المرزوقي عن رفضه
لفض الاعتصام السلمية بما فيها اعتصام الرحيل باللجوء إلى القوة الأمنية، داعيًا المجلس التأسيسي إلى استئناف أعماله المعلقة منذ أسبوع بقرار من رئيسه مصطفى بن جعفر، إلى حين التوصل لحل للأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد منذ اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي في 25 تموز/ يوليو الماضي.
وأكد المرزوقي على ضرورة عودة المجلس التأسيسي لاستكمال أشغاله وإنهاء المهام المتخلدة بذمته وعلى رأسها إتمام الدستور، وتنظيم انتخابات نزيهة وشفافة قبل انقضاء العام الحالي، معربًا عن أمله في إعادة الإحساس بالأمن والأمان للمواطن والاستقرار للبلاد، وتجاوز الظرف الحالي وإعادة المنظومة الاقتصادية إلى سالف نشاطها ليتم التفرغ لحل كل القضايا الاجتماعية.
وشدد على ضرورة الإسراع بتجاوز الظرف الراهن دون المساس بالمجلس الوطني التأسيسي، لافتًا إلى تأثير تعليق نشاط المجلس التأسيسي على المصادقة على عدد كبير من مشاريع القوانين المتصلة بحياة ومصالح التونسيين.
وتوجه بدعوة إلى من أسماهم بـ"الغيورين على مصلحة الوطن"، مضمونها ضرورة الانكباب على سبل الوصول إلى نتائج تساعد على تخليص البلاد من الظرف الدقيق الذي تمر به، والركون إلى الحوار الجاد والبناء تحت مظلة أي طرف يختارونه في إشارة صريحة إلى منظمة الشغيلة "الاتحاد العام التونسي للشغل"، الذي بصدد إجراء مشاورات مع كبريات القوى الحزبية في البلاد، بما في ذلك جبهة "الإنقاذ" التي تطالب بإسقاط النظام، وحزب "النهضة" الإسلامي الحاكم، لهدف إيجاد حلول توافقية وتقريب وجهات النظر للخروج من الأزمة الراهنة.
وأشار المرزوقي إلى وجود وفاق بين أحزاب "ترويكا" الحكم، (النهضة، التكتل، المؤتمر من أجل الجمهورية)، وعدد من القوى السياسية بخصوص عديد النقاط الخلافية، موضحًا أن مختلف المواضيع مطروحة على طاولة الحوار لكن دون إملاء لشروط مسبقة وسط توافق بشأن ضرورة اختصار ما تبقى من المرحلة الانتقالية والعودة إلى صوت الشعب عبر انتخابات حرة وديمقراطية وبها كافة ضمانات النزاهة والشفافية.
وشدد على موقفه الرافض لفض الإعتصامات السلمية بالقوة، مشيرًا أن دور الأمن يتمثل في حماية التظاهر السلمي، وذلك في إشارة لـ"اعتصام الرحيل" الذي تقوده المعارضة التونسية بزعامة جبهة "الإنقاذ الوطني"، الساعية إلى حل المجلس التأسيسي ومؤسسات الدولة جميعها المنبثقة عنه، من رئاسة جمهورية وحكومة وتشكيل حكومة إنقاذ محصورة العدد تتولى الإعداد لانتخابات رئاسية وتشريعية في ظرف 6 أشهر مع إسناد مهمة إنهاء الدستور للجنة خبراء تتولى عرضه لاحقًا على استفتاء شعبي.
كما دعا وسائل الإعلام للمساهمة في التوعية ولم شمل التونسيين كافة، والانتباه إلى نبض الشارع وإعلاء المصلحة الوطنية بعيدًا عن التحريض على العنف المدني، ودون المساس بمبادئ حرية الرأي والتعبير والتظاهر السلمي.
وتعيش تونس أزمة خانقة منذ الاغتيال الثاني الذي شهدته البلاد خلال العام الجاري بعد مقتل المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي رميًا بالرصاص، زادت من تفاقمها، وتصاعد الهجمات الإرهابية وتنامي الحركات المتطرفة وتجارة السلاح.
وفي سياق مباحثاته من أجل الخروج من الأزمة السياسية، وردءًا لدعوات المعارضة المنادية بإسقاط حزبه، التقى زعيم حركة "النهضة" الإسلامية الحاكمة، الشيخ راشد الغنوشي، بسفير الولايات المتحدة الأميركية، جاكوب والس، بالمقر المركزي لحركة "النهضة". وتطرق اللقاء إلى العلاقات التونسية الأميركية وإلى الوضع في المنطقة وآفاق مسارات الانتقال الديمقراطي فيها وإلى ضرورة احترام إرادة الشعوب العربية التي عبرت عنها بطريقة حضارية عبر صناديق الاقتراع.
ويرى مراقبون أن النهضة تسعى لحشد أكبر دعم دولي ممكن، من أجل المحافظة عل سلطتها وعلى المجلس التأسيسي المنتخب في 23 تشرين/ أكتوبر 2011، والذي تحصلت على أغلبية مقاعده، في ما تبقى من فترة الانتقال الديمقراطي التي عرفت هزات عديدة أخرها اغتيال المنسق العام لحزب التيار الشعبي محمد البراهمي في 25 تموز/ يوليو الماضي، وتحميلها مسؤولية تفشي العنف والإرهاب في البلاد.
وفي السياق ذاته، يؤدي وزير الخارجية الألماني غويدو فيسترفيله، زيارة رسمية إلى تونس، الأربعاء، في محاولة للقيام بوساطة بين الحكومة التي يقودها إسلاميون والمعارضة المتمسكة بإسقاط الحكومة واتهامها بالفشل في ملفات عديدة اقتصادية وسياسية ولاسيما الأمنية منها، بعد دخول البلاد في دوامة من العنف والإرهاب ، كان آخرها مهاجمة مسلحين متطرفين مركزًا للأمن بالقرب من حدودها الغربية مع الجزائر.
ودعا حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" الذي يتزعمه الرئيس المنصف المرزوقي، إلى ضرورة التفعيل الكامل لقانون حالة الطوارئ لهدف حماية الدولة والمسار الديمقراطي من كل تهديدات العنف والإرهاب وكل ما من شأنه زعزعة استقرار المؤسسات الشرعية للدولة، مع الالتزام بالحفاظ على الحريات الفردية والجماعية، والابتعاد عن التجاذبات الحزبية الضيقة.
وطالب الحزب في بيان تلقى "العرب اليوم" نسخة منه ، الأربعاء، بالتعجيل بإنهاء المسار الانتقالي في أفق العام الجاري والتصدي لكل محاولات الانقلاب على المسار، داعيًا إلى التمييز بين الحق في الاحتجاج والتظاهر السلميين وبين المحاولات اليائسة والمعزولة لإجهاض المسار الديمقراطي وهدم دولة المواطنة والمؤسسات، وهي المحاولات التي تصب بالضرورة في مصلحة كل الأعمال التي تهدد أمن التونسيين واستقرار المؤسسات الشرعية للدولة والتأسيس للديمقراطية، وفق نص البيان.
كما أعرب الحزب عن استعداده للمشاركة في كل المبادرات والحوارات الجدية دون أية إملاءات أو شروط مسبقة، وداخل الأطر المؤسساتية، داعيًا إلى استئناف أشغال المجلس التأسيسي، فورًا واعتبار تواصل تعطيله سببًا مباشرًا في مزيد من تأزم الأوضاع وتهديدًا للتجربة الديمقراطية التونسية.
وفي المقابل من أحداث مصر، ندّد حزب "النهضة" الإسلامي الحاكم في تونس ما اعتبره مجازر ارتكبها الانقلابيون في مصر في حق مواطنين عُزّل، ودعا الرئيس التونسي، المنصف المرزوقي إلى التمسك بالشرعية في أقطار الربيع العربي، معربًا عن إدانته للأحداث الدامية التي تعيشها العراق وسورية، فيما دعت وزارة الأوقاف التونسية إلى أداء صلاة الغائب على أرواح شهداء مصر.
وأدى تدخل قوات الجيش المصري لفض اعتصامات مناصري "الإخوان المسلمين" في رابعة العدوية والنهضة مطالبين بعودة الرئيس المنتخب محمد مرسي، إلى سقوط عدد من الجرحى والقتلى، وأجرى حزب "النهضة" الإسلامي الحاكم اجتماعًا طارئًا بقيادة زعيمه راشد الغنوشي، أفرز بيانًا شديد اللهجة ضد ما وصفه بـ"مجازر الانقلابين في مصر".
وقالت الحركة إن" السّلطات الانقلابيّة في مصر أقدمت على ارتكاب مجزرة في حقّ المعتصمين السّلميّين في ميادين القاهرة ومختلف المدن المصريّة أدّت إلى قتل المئات وجرح الآلاف، عدد كبير منهم من النّساء والأطفال"، وفق نص البيان الذي تلقى "العرب اليوم" نسخة منه
وأدان الحزب ما اعتبره "جريمة ضدّ شعب مصر وضدّ ثورته والانتهاكات الخطيرة ضدّ المدنيّين والنّساء والأطفال العزّل، معربًا عن تضامنه الكامل مع الشّعب المصري وحقّه في استرجاع حرّيّته ورفض الانقلاب على إرادته".
ودعت الأطراف المصريّة والإقليميّة والدّوليّة كلها إلى تحمّل مسؤوليّاتها لإيقاف هذه المجزرة النّكراء ودعم نضال الشّعب المصري ضد الانقلاب .
وفي أول تعقيب له على الأحداث الدامية التي عاشتها مصر، الأربعاء، شدد رئيس الجمهورية التونسي المنصف المرزوقي على أن ما يجري في مصر يدعو مختلف الأطراف السياسية في تونس للجلوس معًا على طاولة الحوار والتشبث بالشرعية والديمقراطية والكف عن الخطابات التحريضية.
و حذّر من خطورة الأحداث المتصاعدة التي تعيشها مصر، منبهًا إلى التداعيات الخطيرة المنجرة عن عدم الاحتكام إلى الشرعية في بلدان الربيع العربي والالتجاء إلى العنف وتحريض أبناء الوطن الواحد على التقاتل لحل الخلافات السياسية.
وأدان بشدة الأحداث الدامية التي تعيشها العراق، معربًا عن أمانيه في أن تتعقل الأطراف السورية جميعها لإنقاذ أبناء شعبها.
وسارعت وزارة الشؤون الدينية التونسية (الاوقاف)، إلى إدانة ما وصفته بـ"المجزرة الرهيبة في حقّ المعتصمين السلميّين في ميداني رابعة والنهضة، داعيةً الشعب التونسي إلى أخذ العبرة ممّا يحدث في مصر، والتصدّي للفوضويّين الإنقلابيّين في تونس.
وقالت الوزارة إنها "تدين بأقصى عبارات الإدانة سفك دماء المصريّين بهذه البرودة"، معربةً عن مساندتها اللامشروطة للمعتصمين المسالمين في كل ميادين مصر ولمطالبهم المشروعة.
ودعت علماء الإسلام في تونس وسائر بلاد المسلمين إلى ضرورة التحرّك القوي والعاجل من أجل "حقن الدماء المعصومة ومحاصرة الفتنة والتصدّي للمجرمين القتلة"، مشيرة أن الجمعة سيُخصص للتضامن مع الأشقاء المصريين، والتضرّع إلى الله كي يحفظ مصر، أرض الكنانة، وتونس من كل سوء يُرادُ بهما، ودعت الأئمّة في كامل المساجد التونسية إلى أداء صلاة الغائب ترحّمًا على أرواح شهداء مصر والدعاء لهم بحسن القبول وأن يلهم عائلاتهم جميل الصبر والسلوان.
أرسل تعليقك