تظاهرة لحزب "التيّار الشعبي"
تونس ـ أزهار الجربوعي
أعلنت وزارة العدل التونسية، مساء الأربعاء، أن النيابة العامة أمرت بفتح تحقيق عاجل بشأن تسريب محاضر بحث استنطاق بعض المتّهمين المتورّطين في قضيّة اغتيال المعارضين السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، وملف تصوير جثث الجنود الذين تم اغتيالهم في كمين إرهابي في جبل الشعانبي قرب الحدود مع الجزائر
، في حين أعلن حزب "التيّار الشعبي" في مناسبة الاحتفال بـ "أربعينيّة" زعيمه محمد البراهمي أنه سيلجأ إلى تدويل قضية اغتيال زعيمه في حال عجز القضاء التونسي عن إنصافه.
وأكدت النيابة العامة أنها أذِنَت بفتح تحقيق ضد كلّ من سيكشف عنه البحث في قضية تصوير جثث العسكريين المقتولين في الشعانبي، من أجل تهم الإساءة إلى الغير عبر الشبكات العمومية للاتّصالات، ومعالجة المعطيات الشخصية المتعلّقة بالجرائم أو بمعاينتها، وإحالة تلك المعطيات إلى الغير، من دون الموافقة الصريحة لورثة المعني بالأمر، وتعمّد إحالة المعطيات الشخصية لغاية تحقيق منفعة لنفسه أو لغيره، والمشاركة في ذلك.
وأذِنَت النيابة العمومية بفتح أبحاث تحقيقية ضدّ كل من سيكشف عنه البحث في تسريب ملفات استنطاق وأبحاث في جريمتي اغتيال المعارضين محمد البراهمي وشكري بلعيد، من أجل تهم جرائم إفشاء شخص لأسرار اؤتمن عليها بمقتضى وظيفته من دون الحصول على ترخيص في ذلك، ونشر وثائق التحقيق قبل تلاوتها في جلسة علنية.
وأكَّدت النيابة العامة أنه تمّ فتح بحث تحقيقي في تاريخ 28 آب/ أغسطس 2013 من أجل الجرائم ذاتها إثر حجز "قرص مضغوط" يحتوي على محاضر بحث متعلّقة بقضية مستودع الأسلحة الذي تم اكتشافه في مدينة المنيهلة في العاصمة التونسية، في حوزة أحد المتهمين في القضية.
وطالب الناطق الرسمي باسم هيئة الدفاع عن قضية اغتيال الأمين العام لحزب "الوطنيين الديمقراطيين" شكري بلعيد، نزار السنوسي، النيابة العمومية بفتح تحقيق رسمي لمعرفة مصادر تسريب وثائق البحث مع المتورطين في عملية "اغتيال بلعيد".
وأفاد نزار السنوسي بأن المتهم في قضايا أسلحة المقبوض عليه في منطقة الوردية عبد الرؤوف الطالبي أدلى في محضر بحث بأن المتهم في عملية اغتيال شكري بلعيد لطفي الزين زارهم في منزل في منطقة رواد في تونس العاصمة إثر القبض على المشتبه فيه صابر المشرقي، ومدهم بـ"قرص مضغوط" يحتوي نسخة من محاضر البحث واستنطاق المشرقي.
ويَعتبر مراقبون أن تسريب محاضر بحث وتحقيق لمتهمين في قضايا اغتيال سياسي "سابقة خطيرة" ترقى إلى درجة "الخيانة العظمى"، من شأنها الإحالة على اختراق بعض العناصر الإرهابية لوزارة الداخلية، وهو ما من شأنه التأثير على مجرى القضايا والأبحاث.
وفي السياق نفسه، هدّد حزب "التيار الشعبي" بالتصعيد، ملوحًا باللجوء للقضاء الدولي في حال عجزت العدالة التونسية عن كشف الحقيقة في قضية اغتيال زعيمه محمد البراهمي، الذي قُتل رميًا بالرصاص في بيته يوم 25 تموز/ يوليو الماضي، مُفجرًا أزمة سياسية وأمنية ما زالت تداعياتها مستمرة في المشهد التونسي إلى اليوم.
وأعلن صهر محمد البراهمي، المحامي خالد عواينية عن تشكيل هئية دفاع على الفقيد محمد البراهميّ، مشيرًا إلى أن الهدف من ذلك هو توفير كلّ الإمكانات للبحث عن الحقيقية، مؤكدًا أنه فى صورة "اليأس من القضاء التونسي وتواصل عرقلة الأبحاث وعدم الجدية في كشف الحقيقة فسيتمّ التصعيد في التحرّكات عبر تدويل القضية".
ومن جانبه، أعلن نائب الأمين العام لحزب "الوطنيين الديمقراطنيين" محمد جمور أن الوقفات الاحتجاجية ستتواصل طالما لم يتم الكشف عن قتلة شكري بلعيد ومحمد البراهمي، معتبرًا أن الحقيقة ستتضّح بمجرد إسقاط الحكومة التي يقودها حزب "النهضة" الإسلامي الحاكم في ائتلاف ثلاثيّ يضم حزبي "التكتل" و"المؤتمر من أجل الجمهورية".
ومن جانبه، قال القياديّ في حزب "المسار" المعارض، سمير الطيب أن هناك تسترًا على الأسماء المتورطة في اغتيال كل من شكري بلعيد ومحمد البراهمي، وفق تعبيره، مشيرًا إلى وجود أنباء تتعلق بتورّط عناصر من حزب "النهضة" الحاكم في عملية الاغتيال.
وأعلن زعيم حزب "النهضة" الإسلامي الحاكم راشد الغنوشي أنه سيسحب دعوى قضائية كان قد تقدّم بها ضد النائب في المجلس التأسيسيّ والمتحدث الرسمي باسم حزب "المسار" سمير بالطيب، الذي اتهم الغنوشي باغتيال شكري بلعيد.
واهتزّت تونس خلال النصف الأول من العام الجاري على وقع عمليتي اغتيال سياسي طالت قياديَّيْن في إئتلاف "الجبهة الشعبية" اليساريّ المعارض بالطريقة ذاتها والسلاح ذاته وفق تأكيدات وزارة الداخلية، الأول كان الأمين لحزب "الوطنيين الديمقراطيين" المُوحّد شكري بلعيد، والثاني المنسق العام لحزب "التيّار الشعبيّ الناصريّ محمد البراهمي.
وفيما تواصل المعارضة اتهام حزب "النهضة الإسلامي الحاكم بالوقوف وراء عملية الاغتيال السياسي تعتبرها النهضة "ادعاءات باطلة لا أساس لها من الصحة"، معتبرة أن حوادث الاغتيال السياسي أضرّت بعرش حكمها الذي تزلزل في مناسبتين، وما زالت تداعياته متواصلة إلى اليوم، في ظل تصاعد مطالبات المعارضة بإسقاط الحكومة، وحل المجل التأسيسيّ الذي فازت النهضة بغالبية مقاعده في انتخابات 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2011، مشيرة إلى أن بعض قوى المعارضة تُضمِر "نوايا انقلابية" على السلطة للوصول إلى الحكم، بعد أن فشلت عبر صناديق الاقتراع.
إلى ذلك، أكد الناطق الرسمي باسم حزب "التيار الشعبي" مراد العمدوني، الأربعاء، أنه سيتم تدشين ساحة وشارع باسم الفقيد محمد البراهمي يوم 7 أيلول/ سبتمبر الجاري في منطقة حيّ الغزالة من محافظة أريانة احتفالاً بـ "أربعينيّته".
وأفاد مراد العمدوني أن فعاليات الاحتفال بـ "أربعينية البراهمي" ستكون انطلاقًا من ساحة المجلس التأسيسيّ في باردو، في شكل مهرجان خطابيّ سياسيّ وسط تجمهر شعبيّ كبير، ثم سيتمّ التنقل إلى مقبرة الجلاز لتلاوة فاتحة الكتاب على روح الفقيد، حسب تعبير العمدوني، لافتًا إلى أن "جبهة الإنقاذ" ستواصل البحث في أشكال النضال من أجل تحقيق أهدافها وإسقاط الحكومة، من دون أن يستبعد فرضية اللجوء إلى "العصيان"، الذي كانت قد هدّت به قيادات الجبهة في وقت سابق.
أرسل تعليقك