حالة من الهدوء تسيطر على أرجاء القاهرة الكبرى ومحافظات مصر
القاهرة – أكرم علي
خيم الهدوء على أرجاء القاهرة الكبرى ومحافظات مصر، صباح الخميس، بعد يوم عصيب نتاج فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، وبعد تطبيق حالة الطوارئ وحظر التجوال، الذي انتهى في السادسة صباحًا بتوقيت القاهرة.
وشهدت شوارع القاهرة سيولة مرورية، مع انتشار مدرعات ومجزرات
الجيش في الشوارع والمحاور الرئيسية، والتي تقترب من المنشآت الحيوية والسفارات الأجنبية والعربية في القاهرة، وعادت حركة المرور إلى ميدان رابعة العدوية وميدان النهضة إلى طبيعتها تدريجيًا، عقب انتهاء قوات الأمن من إزالة المخلفات الناتجة عن فض اعتصام "الإخوان" في حين يواصل عمال النظافة تنظيف الميدان.
وأكد شهود عيان في محيط رابعة العدوية لـ"العرب اليوم" أن "قوات الأمن استطاعت وضع الأوضاع تحت السيطرة وأن هناك التزامًا تامًا بحظر التجول من قبل الجميع"، وأضافوا أن "محيط رابعة العدوية شهد هدوءًا حذرًا صباح الخميس، وجاري رفع مخلفات الاعتصام لفتح حركة المرور أمام السيارات".
وفي محيط ميدان النهضة، قامت السيارات التابعة لمحافظة الجيزة بإزالة المخلفات في الميدان، التي وضعها أنصار "الإخوان المسلمين" في محاولة للاعتصام في الميدان، الأربعاء.
وأعلن المتحدث الرسمي لوزارة الصحة محمد فتح الله، ارتفاع حصيلة الاشتباكات التي وقعت، الأربعاء، في القاهرة والمحافظات بين الإخوان والأمن إلى 525 حالة وفاة، و3717 مصابًا، مشيراً إلى خروج 913 من المصابين من المستشفيات بعد تلقيهم العلاج وتحسن حالتهم، بينما يتبقى 2790 آخرون تحت العلاج والملاحظة.
وأوضح أن عدد الوفيات في ميدان رابعة بلغ 202 حالة وفاة، بينما بلغ عدد حالات الوفاة في ميدان النهضة 87 حالة، وفى حلوان 29 حالة وفاة، و207 حالات وفاة في باقي المحافظات.
ودعت الجماعة الإسلامية إلى مناصرة الشرعية في ميادين مصر المختلفة، للتظاهر الجمعة ضد السلطات في مصر وخرق حظر التجوال تحت شعار "جمعة الغضب الثانية".
ويتوقع أن ينظم أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي أن يتظاهروا من أمام مسجد "الفتح" في ميدان رمسيس وسط القاهرة.
وفي المقابل، رصد تقرير مؤشر الديمقراطية الصادر عن المركز التنموي الدولي، 104 حادث عنف يصفها التقرير بأنها إرهابًا سياسيًا مثّل رد فعل مؤيدي الرئيس المعزول من جماعة "الإخوان المسلمين" ومناصريها على فض اعتصامي ميدان النهضة وإشارة رابعة، تلك العملية التي كان لها صدى واسع من رضا الشارع المصري وصمت حقوقي وآراء شخصية لسياسيين ونشطاء وحقوقيين تمثل أغلبها في تأييد هذا الفض وما لحقه من قرارات بفرض قانون الطوارئ لمدة شهر وحظر التجوال في 11 محافظة.
واتسمت تلك الأحداث بمجموعة من المميزات التي استوقفت المؤشر وطرحت العديد من التساؤلات التي بإجابتها ربما تتبين بعض ملامح الخروج من الأزمة الراهنة و التي تكمن أهمها في التالي:
"أولا، انتهجت جماعة الإخوان ومناصريها منهج يعتمد على إحداث مجموعة من الضربات المتتالية والسريعة الموجهة للدولة بحيث نفذت في الـ 16 ساعة اللاحقة لفض الاعتصام في اليوم الأول عدد 104 حادث اعتداء، عنف، إرهاب بمتوسط 6 حوادث في الساعة و13 حادث كل ساعتين، وحادثة كل 10 دقائق، بشكل متفرق و قادر على تشتيت جهود الدولة للتعامل مع تلك الحوادث.
ثانيا، استهدفت كافة أحداث الاعتداء والعنف التي قام بها أنصار جماعة الإخوان، 5 اتجاهات، أولها هو أقسام ونقاط الشرطة، حيث تم الاعتداء على 31 قسم ونقطة شرطة بالإضافة لأربعة مباني أمنية بجانب ما تم تدميره وإحراقه من ممتلكات شرطية تتمثل في العربات و المدرعات، بشكل يرسم خطة ممنهجة تستهدف إضعاف و تشتيت المؤسسة الأمنية. أما الاتجاه الثاني فتمثل في مهاجمة كنائس وممتلكات المصريين المسيحيين بشكل أدى لإحراق 18 كنيسة، دير، مطرانية بالإضافة لـ 3 مدارس وأكثر من 25 منزل، وعدد من المحال، والأنشطة التجارية المملوكة للمسيحيين، في شكل يعكس قمة الإرهاب التي تمارسه جماعة الإخوان من أجل كسب المزيد من كروت الضغط محليًا ودوليًا والتلاعب بالقضية بشكل طائفي يساعد على المزيد من سياسة الإحراق ويشتت الجهود الأمنية ويعمل على تحقيق المزيد من الفوضى التي تصب في صالح المعتدين".
ويأتي الاتجاه الثالث في محاولة الجماعة إحداث حالة من الشلل المروري كأحد وسائل الضغط وإحداث المزيد من الفوضى و بث الذعر، حيث قاموا بتنفيذ 19 حالة قطع طريق واستهداف أهم الطرق في المحافظات مثل طريق صلاح سالم، والمحور، والأتوستراد في القاهرة.
وأضاف التقرير "وتنفيذًا للمزيد من الإرهاب الممارس على الدولة، قام أنصار الجماعة بتنفيذ الاتجاه الرابع و الذي أعتمد على اقتحام و تدمير أو الاستيلاء على 18 هيئة للحكم المحلي، مثل المحافظات ومبان مجالس المدن، وتفعيلا للمسار الخامس قام أنصار الجماعة بمهاجمة 6 مبان قضائية من محاكم ومجمعات محاكم و قاموا بتدمير محتوياتها".
وأشار "إن تركيز الجماعة وأنصارها على تلك المسارات الخمس في سياستها الإرهابية ضد الدولة ومواطنيها إذ يعكس رغبة واضحة في إضعاف وتفكيك الدولة وذلك بإضعاف السلطة التنفيذية بواسطة تفكيك المؤسسة الأمنية وجهاز الحكم المحلي، وإثارة نيران العنف الطائفي، وإضعاف السلطة القضائية ثم إحداث حالة من الشلل المروري والفوضى وانعدام الأمن بشكل يعكس ضعف الدولة وسط الإيحاء بمظاهر ثورة عارمة من الممكن أن تحكم البلاد أو تشعلها".
وتابع "ثالثا، أستخدم أنصار جماعة الإخوان سياسة الحرق كأساس لعمليات الإرهاب المنتظمة التي قامت بها خلال اليوم، حيث مثل الحرق وإضرام النيران في المؤسسات والممتلكات العامة والخاصة نسبة 48% من الحوادث التي قام بها أنصار الرئيس المعزول بشكل عكس صورًا لدولة تحترق واستهانة واضحة بكافة الملكيات والأرواح ورسالة واضحة لكل المخالفين للمسيرة الإخوانية، بينما كان اقتحام وتدمير ونهب الهيئات والمؤسسات العامة هو الوسيلة الثانية التي انتهجها أنصار الرئيس المعزول، حيث مثلت 31.7% من أشكال العنف التي مورست اليوم من الإخوان ضد الدولة ومواطنيها ، فيما مثل قطع الطرق الرئيسية المحور الثالث الذي انتهجته الجماعة لإحداث شلل مروري بالدولة حيث قامت بـ 19 حالة لقطع الطريق مثلت 18.3% من إجمالي حالات العنف التي مارسها الإخوان.
رابعا، نفذ أنصار الرئيس المعزول حوادث العنف في 22 محافظة مصرية، لكن المدقق سوف يلاحظ أن أقصى حوادث العنف قد تمت في 11 محافظة، على رأسهم محافظة القاهرة، العاصمة ثم جنوبا مرورًا بـ 6 محافظات وهم الجيزة و الفيوم وبني سويف والمنيا وأسيوط وانتهاءًا في سوهاج، ثم جناح شرقي يتمثل في محافظتي السويس وشمال سيناء وآخر غربًا يتمثل في محافظتي الإسكندرية ومرسي مطروح، وهو ما يعكس منهجًا يعتمد على فرض السيطرة على أهم القطاعات الجغرافية بشكل متقارب يسهل الاتصال ويركز الجهود في محافظات بعينها"، لكن المؤشر يرى "أن تلك المحافظات ترتبط ببعض الصفات المشتركة التي تأتي أهمها في أنها تتقارب عدا القاهرة والإسكندرية في معدلات التنمية وفي ثقافة حمل السلاح، حيث يرى المدقق أن محافظات الجنوب المستهدفة هي محافظات صعيدية تنتشر بها ثقافة حيازة و تجارة السلاح بالإضافة لثقافة الثأر والعداء بين بعض العائلات والقطاعات، أما الشق الثاني من محافظات الجناحين الشرقي والغربي فهما مأهولان بالثقافة البدوية المشتركة مع نظيرتها الصعيدية فيما يخص حيازة و الاتجار في السلاح، وبالتالي اعتدت الجماعة في إحداث إرهابها على ثقافات تحمل السلاح بطبعها وعلى مناطق يصعب الدخول معها في مواجهات حيث الدخول مع الجنوب أو البدو في مواجهات أمنية غالبًا ما تنتهي بمواجهات دامية وهو ما إن حدث سيحدث المزيد من الفوضى وضياع الاستقرار وإضعاف المنظومة الأمنية و منظومة سيادة الدولة.
خامسا، نتج عن أحداث اليوم الذي بدأ باستخدام كافة أشكال القوة لفض اعتصامي النهضة ورابعة والذي قوبل بموجة من العنف و الإرهاب التي مارستها الجماعة الإخوانية ضد الدولة المصرية ومواطنيها، نتج عنه عدد من الخسائر العظيمة على المستوى البشري والاقتصادي، حيث رصد مؤشر الديمقراطية وقوع 279 حالة وفاة بين صفوف المواطنين المصريين من المؤيدين للرئيس المعزول أو الأهالي أو الشرطة، بحيث كان نصيب الشرطة 43 حالة وفاة، في حين رصد المؤشر وقوع 2441 إصابة، ونظرًا لعدد الوفيات الكبير والتي شملت حالات متعددة بالطلق الناري في المنطقة العليا من الجسد بالإضافة لحالات القتل و الحرق و السحل التي تمت و راح ضحيتها مواطنون مصريون من الطرفين فإن المؤشر يطالب بإجراء تحقيق فوري و سريع في تلك الأحداث من خلال لجان مشتركة و يتم إعلان نتائجه على الرأي العام.
أما الخسارة الاقتصادية، فقد قدرها المؤشر بمتوسط نصف مليار جنيهًا مصريًا، وبحصر الخسائر الاقتصادية لأحداث اليوم، فقد شملت الأحداث حرق أكثر من 50 منشأة وأكثر من 25 منزل بالإضافة للمحال والمنشآت العامة التي تم اقتحامها ونهبها أو تدميرها وغيرها من الخسائر التي سوف تزيد الأعباء الاقتصادية أمام النظام الحالي".
واختتم التقرير "إن أحداث الرابع عشر من أغسطس المؤلمة تفرض على الدولة المصرية ضرورة اتخاذ خطوات عملية وسريعة من أجل تحقيق المحاسبة والمكاشفة في كافة إجراءاتها وسياسياتها، والعمل على إنهاء تلك الأزمة بأسرع وقت ممكن و أن تكون أولى سياساتها تهدف للحفاظ على أمن و سلامة وحماية حقوق و حريات المواطن وأن تعمل على وقف خطاب التحريض والكراهية الذي أصبح شعارًا للصراع السياسي، كما يفرض الوضع الحالي على مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي ، التوقف تمامًا عن أية أعمال عنف وتخريب وإرهاب بشكل يسمح بأن تحميهم مظلة القانون وأن يستقر الوضع المشتعل في البلاد بسبب الصراع على السلطة، كما يوجه التقرير شكره للكنيسة المصرية لعدم انجرارها وراء أحداث العنف الطائفي الممنهج والهمجي ضد ممتلكاتهم وأماكن عبادتهم، ويدعو المؤشر الشارع المصري والدولة بتحقيق أعلى درجات ضبط النفس، والعمل المشترك من أجل الخروج من تلك الأزمة دون المزيد من إراقة الدماء المصرية الغالية.
أرسل تعليقك