محكمة الجنايات الدولية
رام الله ـ نهاد الطويل
تسود حالة من الجدل في الأراضي الفلسطينية، بشأن أسباب تململ وتباطؤ السلطة في الانضمام إلى المنظمات الدولية، لا سيما ، في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي في ممارساته العدوانية والاستيطانية، وذلك بعد كل عملية قتل للفلسطينيين أو مصادرة ألاف الدونمات لبناء وتوسعة المستوطنات
في القدس والضفة الغربية.
ويستبعد المحلل والكاتب السياسي مصطفى الصواف، في تصريحات إلى "العرب اليوم"، أن "تذهب السلطة الوطنية إلى المؤسسات الدولية لطلب عضويتها، وإلا ستكون قد خالفت الاتفاق وخرجت من تحت عباءة أميركا، وهذا لن يكون، وهذا شرط أميركي بتعطيل أي تحرك تجاه المؤسسات الدولية، سواء عندما تقدموا للحصول على دولة مراقب، وكذلك في موضوع المساعدات والعودة إلى طاولة المفاوضات".
وعن جدوى ذهاب الفلسطينيين إلى المنظمات الدولية، قال الصواف، "على الأقل إعلاميًا، لكي تفضح للاحتلال وتُصعّب عليه مهمة السيطرة على عقول الرأي العام العالمي، وتظهر أن هناك صراعًا وليس سلامًا، أو حلاً للمشكلة الذي تفسره طاولة المفاوضات".
ويتساءل المواطن الفلسطيني لماذا لم يتم استثمار قرار رفع مكانة فلسطين في الأمم المتحدة إلى دولة عضو مراقب، في وقت يرى فيه مراقبون أن عددًا من الدول لا تزال تتعامل مع الفلسطينيين باعتبارهم كيانًا أقل من دولة، رغم القرار الأممي، الذي حظي بتصويت غالبية ساحقة لصالح إعلان مشروع الدولة.
ورأى الباحث في العلاقات الدولية محمود الفطافطة، أن تباطؤ القيادة الفلسطينية في اللجوء إلى الجنايات الدولية للحصول على العضوية، يتحمل مسؤوليته وتبعاته ثلاثة أطراف، هي الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الأوروبية ولا سيما ألمانيا، بريطانيا، وكندا، فواشنطن لا تريد للفلسطينيين الحصول على رصيد دبلوماسي دولي، كما هو معلوم هي سند لإسرائيل، كما أن حق (الفيتو) الذي تستخدمه الإدارة الأميركية سيلعب دوره وقوته وحسمه في تحقيق الحلم الفلسطيني"
وأضاف الفطافطة، لـ"العرب اليوم"، "أن غياب الدعم والسند العربي وعجزهم في التأثير على دول العالم، حال وسيحول من دون إنجاز هذا الملف، فيما تتحمل القيادة الفلسطينية المسؤولية الكبرى بصفتها طرفًا أساسيًا في هذه المعادلة، فالسلطة الوطنية الطرف الثالث، طرف ضعيف، عندما تتعامل السلطة مع العمل الدبلوماسي باعتباره عملاً مقاومًا فهذا ضعف، والقوة مع الدبلوماسية أقدر على إحقاق الحقوق".
وقد هددت القيادة الفلسطينية في كثير من المواقف والمناسبات بمقاضاة إسرائيل، والتوجه إلى الجنايات الدولية، وهو ما يعتبره كثيرون تحولاً إيجابيًا، لكن بحاجة إلى تنفيذ فوري على أرض الواقع، حيث تعبر تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس المستمرة بشكل واضح عن التحول في الخطاب السياسي، حيث هدد أخيرًا بالقول، "إذا استمرت إسرائيل على طريق بناء مساكن جديدة، سنرد عبر كل الوسائل، بالتأكيد السلمية، وبينها احتمال اللجوء للمحكمة الجنائية الدولية".
وأعلن وزير الخارجية الفلسطينية رياض المالكي، في أكثر من موقف أنه في حالة إصرار إسرائيل على خططها لبناء مستوطنات، فإن القيادة ستذهب إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي.
وكان "العرب اليوم" قد نقل عن وزير شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين عيسى قراقع تصريحات، أكد فيها "ضرورة تقديم طلب للانضمام إلى اتفاقية جنيف الرابعة لعام 49، والبروتوكولات الإضافية الثلاثة التابعة لها، كي تصبح دولة فلسطين دولة من الأطراف السامية المتعاقدة عليه، وبالتالي مواجهة ومساءلة الاحتلال في قضية ما يقارب 5000 أسير فلسطيني، فيما يرفض الاحتلال معاملتهم كأسرى حرب".
ودعت "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين"، الثلاثاء، السلطة الفلسطينية للانضمام إلى محكمة الجنائيات الدولية، واللجوء إلى مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة، واستغلال اتفاقيات جنيف، لوضع حكومة الاحتلال الإسرائيلي تحت سيف المحاكمة الدولية لوقف مأساة الاغتيالات والعدوان والاعتقالات الإسرائيلية على شعبنا في الأراضي الفلسطينة المحتلة.
واعتبرت الجبهة، في بيان صحافي حصل "العرب اليوم" على نسخة منه، أن "تعطيل الانضمام الفلسطيني لعضوية المحكمة الجنائية الدولية وجميع مؤسسات الأمم المتحدة تحت الضغوط الأميركية الإسرائيلية، وشروط تفاهمات كيري لاستئناف المفاوضات، من دون الوقف الكامل للاستيطان، والاغتيال والاعتقال من شأنه أن يترك شعبنا في القدس والضفة، في المدينة والقرية والمخيم، فريسة يومية لعربدة المستوطنين وجيش الاحتلال الإسرائيلي".
وشهد العام 2009، أولى المحاولات الفلسطينية للحصول على عضوية محكمة الجنايات الدولية، لكن هذه المحاولة كُتب عليها الفشل، عندما رفض المدعي العام للمحكمة آنذاك لويس مورينو أوكامبو، الطلب الفلسطيني، بحجة أن فلسطين ليست دولة، لكن وبعد حصول الفلسطينيين على عضو مراقب في الأمم المتحدة في العام 2011، فقد بات الأمر مختلفًا، حيث تشهد الساحة الفلسطينية مطالبات سياسية وشعبية، تدعو إلى ضرورة انضمام دولة فلسطين إلى محكمة الجنايات الدولية المسؤولة عن النظر في جرائم الحرب أو الجنايات الدولية.
أرسل تعليقك