تسعى فرنسا للعودة بشكل ملفت إلى العراق، الذي ربطتها به علاقات تاريخية قوية، حيث تعهد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، الجمعة، في بغداد، بزيادة المساعدات العسكرية الفرنسية للعراق، وسط تكثيف الجهود الدولية لمحاربة تنظيم "داعش"، المسؤول عن ارتكاب الجرائم في العراق وسورية، بعد مرور أحد عشر عامًا على رفض فرنسا اتّباع خطى واشنطن ولندن في اجتياح العراق.
يأتي هذا فيما يواصل وزير الخارجية الأميركي جون كيري مهمته في أنقرة، بعد حصوله على تعهد عشر دول عربية محاربة المجموعة السنية المتطرفة، ضمن إطار ائتلاف دولي، بقيادة الولايات المتحدة.
وأوضح هولاند، في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الحكومة العراقية العبادي، "جئت إلى بغداد لأعلن عن استعداد فرنسا لزيادة المساعدة العسكرية للعراق"، وذلك بعد أن عبّر عن "دعم" فرنسا للحكومة العراقية، التي "استطاعت جمع مكونات الشعب العراقي كافة".
وفي حين أصرّ العبادي على أهمية الدعم الجوي من جانب الحلفاء لضرب المتطرفين، بيّن هولاند "سمعت طلب رئيس الوزراء العراقي، ونعمل مع الحلفاء على عدد من الفرضيات".
وتملص هولاند من الرد على سؤال في شأن احتمال توجيه ضربات جوية فرنسية، كما أنه أبقى الغموض في شأن الوسائل العسكرية التي بإمكان فرنسا تقديمها".
وعن احتمال استخدام حاملة الطائرات "شارل ديغول"، اكتفى هولاند بالقول "نتخذ القرارات في الوقت المناسب، ليس هناك تفاصيل في الوقت الراهن"، لافتًا إلى أنَّ "التهديد الشامل يستدعي ردًا شاملاً، التطرّف يهدّدنا لأنّ المقاتلين يصلون من كل الدول، وبإمكانهم الرجوع، وارتكاب أفعال أخرى".
وأكّد أنَّ "المؤتمر الدولي عن السلام والاستقرار في العراق، المزمع انعقاده في باريس الاثنين، سيبحث في تنسيق التحرك ضد التنظيم المتطرف"، مبيّنًا أنَّ "المؤتمر يأتي في وقت حساس، مع المعركة التي تخاض ضد التنظيم المتطرف، الذي بإمكانه أن يمتد إلى ما يتجاوز العراق وسورية".
وعن حضور إيران مؤتمر باريس، أبرز أنّه "يتمنى أوسع مشاركة ممكنة"، قبل أن يضيف "لم يتم تحديد لائحة المشاركين بالضبط، ويعمل وزير الخارجية الفرنسي ونظيره العراقي على أن تكون المشاركة أوسع".
وختم مؤكّدًا أنَّ "عملية تسليم ستتم قريبًا لمعدات عسكرية للعراقيين، في معركتهم ضد الإرهاب".
وبعد محطة أولى في بغداد، توجه هولاند إلى أربيل، حيث يتجمع مئات آلاف النازحين، هربًا من تنظيم "داعش"، الذي تتهمه الأمم المتحدة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
وتسلّم فرنسا، منذ آب/أغسطس الماضي، أسلحة للقوات الكردية التي تحارب المتطرفين السنة في شمال العراق، كما أعلنت عن استعدادها لاستخدام مقاتلاتها في العراق، إذا اقتضت الضرورة، ضمن إطار الاستراتيجية التي حدّدها الرئيس الأميركي باراك أوباما، الأربعاء، بغية "القضاء" على التنظيم.
واعتبر هولاند، أثناء مؤتمر صاحفي في أربيل، أنَّ "شحنات الأسلحة التي سلمتها فرنسا للقوات الكردية (البيشمركة) كانت حاسمة لقلب موازين القوى".
وأضاف "لقد قررت إيصال الإمكانات الضرورية، وأرى أنكم استخدمتموها على النحو الأفضل".
وتفقد الرئيس الفرنسي لاجئين مسيحيين في إحدى الكنائس في ضاحية عين كاوة، قرب أربيل، عاصمة إقليم كردستان، حيث وجد لافتة رفعت في حديقة الكنيسة، مكتوب عليها "نطلب اللجوء في فرنسا أنقذونا".
وأبرز هولاند، في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، "سنواصل مع أوروبا مساعدتنا للاجئين، سنقيم جسرًا إنسانيًا فعليًا، وسنتعامل أيضًا مع الحالات الأكثر إيلاما لعائلات تربطها علاقات في فرنسا وتريد المجيء لوقت معين للجوء لدى أقربائها".
من جهته، أشار وزير الخارجية لوران فابيوس، الذي يرافق هولاند، إلى أنّه "سبق أن استضافت فرنسا نحو مئة من اللاجئين المسيحيين".
وأردف "سيكون هناك مئة غيرهم في الأيام المقبلة"، مؤكّدًا "عدم رغبة فرنسا في إخلاء العراق من الأقليات، لأنّ ذلك يشكل انتصارًا للإرهاب".
وفي سياق متصل، أقلت طائرة الرئيس الفرنسي 15 طنًا من المساعدات الإنسانية، تسلمتها منظمات غير حكومية تعمل في أربيل.
وكان قد أعلن في بغداد أنَّ "فرنسا سلّمت أكثر من ستين طنًا من المواد، في إطار عمليات إنسانية".
ويعتبر هولاند، الذي التقى الرئيس العراقي فؤاد معصوم، ورئيس الوزراء حيدر العبادي، الرئيس الأجنبي الأول الذي يزور بغداد، منذ الهجوم الكاسح لـ"داعش"، في التاسع من حزيران/يونيو الماضي، وسيطرته على مساحات شاسعة في العراق، كما فعل في سورية، عام 2013.
يذكر أنَّ وكالة الاستخبارات الأميركية "سي آي إيه" أعلنت أنّ "المنضوين في صفوف (داعش) يراوح عددهم بين عشرين ألفًا و 31500 مقاتل، في سورية والعراق، بينهم أجانب".
أرسل تعليقك